تُظهر بيانات وزارة الخزانة الاميركية أن استثمارات دول منظمة"أوبك"ومن بينها دول الخليج، في السندات لا تزيد على 43.1 بليون دولار ولم تتغير عن مستواها في بداية السنة ما يعني ان المبالغ الضخمة التي حصلتها من ارتفاع اسعار النفط الى اكثر مستوياتها منذ 18 عاماً لم تتجه الى الاستثمار في السندات الاميركية. واشارت"رويترز"في تحقيق طويل امس الى ان ما يصل الى سبعة بلايين دولار من الاموال العربية تم تحويلها الى عملات اخرى بعد التجديد للرئيس بوش. لندن -"الحياة"، رويترز - تتجه بلايين الدولارات من حصيلة بيع نفط الشرق الاوسط الى استثمارات أقرب الى المنطقة بدلاً من تحويلها، كالمعتاد، للاستثمار في السندات الاميركية وغيرها من الاصول المقومة بالدولار الامر الذي يؤدي الى تفاقم مشاكل العملة الاميركية. وكانت"الحياة"كشفت في عددها 15217 الجمعة الماضي ان"متمولين شرق اوسطيين حولوا ودائع الدولار الى سلة عملات فور اعلان التجديد للرئيس جورج بوش". ويقول محللون انه بالنسبة الى الولاياتالمتحدة"لا يمكن أن يكون التوقيت أسوأ لهذه المؤشرات على أن نسبة ضئيلة فقط من ايرادات دول الخليج التي يتوقع أن تتجاوز 210 بلايين دولار السنة الجارية ستُستخدم في شراء أوعية استثمارية دولارية". وتحتاج الولاياتالمتحدة بشدة الى المستثمرين الاجانب لتمويل عجزها التجاري الذي بلغ مستوى قياسياً سنوياً عند 664 بليون دولار في الوقت الذي تتكهن فيه الاسواق المالية الدولية بان البنوك المركزية الكبرى في العالم قد تخفض احتياطاتها من الدولار وتزيد نسبة"اليورو"فيها. ويقول اشرف ليدي كبير محللي العملات في مجموعة"ام.جي فاينانشال غروب"لرويترز:"بالطبع هي مسألة مهمة... وبوسعنا رؤية الادلة من أسبوع الى آخر على حدوث ذلك والحديث يتزايد عن هذه الانماط". ويضيف"لن يبيعوا كل ممتلكاتهم الدولارية لكن الامر يتمثل في التنويع وهذا سيضر بالدولار أكثر". وبرزت أهمية الاموال الخليجية في الاسبوع الذي أعقب انتخابات الرئاسة الاميركية عندما باع مستثمرون عرب ما يصل الى سبعة بلايين دولار الامر الذي ساهم في دفع الدولار الى أدنى مستوياته في ذلك الوقت مقابل العملة الاوروبية الموحدة. ويقول المحللون ان التغييرات التي شهدتها الولاياتالمتحدة منذ هجمات 11 ايلول سبتمبر جعلت عدداً من العرب يخشون الدول الغربية وأكثر ميلاً لقضاء العطلات وانفاق أموالهم في دول عربية واسلامية. ويقول أسعد رزوق المدير التنفيذي لشركة"سينديكاتوم للاستشارات الاستثمارية"في لندن"من الناحية النفسية فان المستثمرين الخليجيين أكثر ارتياحاً خارج الولاياتالمتحدة وبدرجة أقل أعضاء مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى". وفي حين يُقدر"بنك الامارات الصناعي"ان دول الخليج ستُحصل 210 بلايين دولار من مبيعات النفط السنة الجارية تتوقع"رويترز"أن تتجاوز حصيلة مبيعات النفط لدول الخليج 180 بليون دولار بزيادة 35 بليون دولار على العام الماضي بفضل استمرار أسعار النفط على مستويات مرتفعة. ومن المتوقع أن تبلغ ايرادات السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، نحو 100 بليون دولار ارتفاعا من 86 بليون دولار العام الماضي لتسجل أعلى مستوى منذ عقدين. كذلك تبلغ الثروة الخاصة في المنطقة أكثر من تريليون دولار. ويقول دانييل هانا الاقتصادي في"بنك ستاندرد تشارترد"في دبي:"بالنسبة الى الافراد والمؤسسات الخاصة حدث تحول مؤكد عن الاسواق التقليدية للتركيز على الفرص في المنطقة". ويضيف:"على عكس فترات الازدهار السابقة في أسعار النفط فان الحكومات لا تسعى الى تحويل أموال النفط الى استثمارات في سندات الخزانة الاميركية على الفور". وتُظهر أحدث بيانات وزارة الخزانة الاميركية أن ممتلكات دول منظمة"أوبك"من السندات تبلغ 43.1 بليون دولار من دون تغيير عن مستواها في بداية السنة. واليابان هي أكبر مستثمر أجنبي في سندات الخزانة الاميركية وبلغت استثماراتها فيها نحو 720.4 بليون دولار في نهاية ايلول بزيادة قدرها 140 بليون دولار منذ كانون الثاني يناير الماضي. ويقول محللون:"ان من العيوب الاخرى للاستثمار في السندات الآن انخفاض العائد عليها مقارنة بما كان عليه الوضع في السبعينات". وكان العائد على سندات الخزانة الاميركية لاجل عشر سنوات يزيد على 7.5 في المئة خلال الحظر النفطي العربي عام 1973 و11 في المئة خلال أزمة النفط الثانية عام 1979. ويزيد العائد قليلاً الآن على أربعة في المئة. ومن العوامل التي تدعم العملة الاميركية أن عملات أغلب الدول في المنطقة مرتبطة بالدولار ومن المستبعد أن تخفض الحكومات استثماراتها بدرجة كبيرة. في الوقت نفسه فان حكومات دول الخليج تعمل على سداد ديونها والاستثمار في مشاريع محلية لتأسيس فرص العمل. ويقول رزوق:"الشرق الاوسط ليس فيه اقتصادات معقدة والاستثمار في سوقه يمثل تحقيقا للذات". ويشير الى ازدهار أسواق الاسهم والسندات في المنطقة كدليل على استثمار أموال النفط فيها. وارتفعت سوق الاسهم السعودية، أكبر أسواق الاسهم العربية، أكثر من 82 في المئة السنة الجارية بعد صعودها 76 في المئة العام الماضي. في المقابل ارتفع مؤشر"يوروفرست"لاسهم الشركات الاوروبية الكبرى سبعة في المئة بينما لم يطرأ تغير على مؤشر داو جونز مقارنة بما كان عليه بداية السنة. ويقول هانا من"بنك ستاندرد تشارترد"انه"من الخطأ تفسير قيام مستثمرين من الشرق الاوسط بين الحين والآخر بالاستثمار في دول مجموعة السبع بأنه بداية لاتجاه رئيسي للشراء".