اتفق المراقبون في تقويمهم لنجاح "حزب الله" في اطلاق طائرة الاستطلاع "مرصاد -1"، على القول انها خطوة مهدت لنشوء معادلة جديدة في التعاطي مع الخروق الإسرائيلية للأجواء اللبنانية، لأنها كسرت الاحتكار الإسرائيلي المتواصل منذ سنوات للخرق وأربكت الطرف الآخر بالجرأة التي تمت فيها نظراً الى دخول الطائرة الأجواء الإسرائيلية التي كانت محرمة على اي جهة عربية. وأوضحت مصادر لبنانية رسمية، انه بصرف النظر عن الجانب التقني للعملية والذي قد يحتاج لاحقاً الى تطوير، فإن للخطوة ابعاداً سياسية اضافة الى مخاطرها. ومن ابعادها بحسب المراقبين انها تطرح الخروق الإسرائيلية على بساط البحث امام المجتمع الدولي ولا تحصر النقاش بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1559 الذي يدعو الى انسحاب القوات السورية وحل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية، بل تتجاوزه الى دور هذا المجتمع ومجلس الأمن في وضع حد للخروق الإسرائيلية الجوية التي لا تعد ولا تحصى، بحسب تصريحات الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا الأسبوعية. وفي المقابل فإن من مخاطرها بحسب الأوساط المراقبة، ان اسرائيل تسعى الى تحويلها الى حجة لمصلحة القرار الرقم 1559 عبر ايحائها المستمر بأن الطائرة من صنع ايران للتغطية على الخروق التي تقوم بها لإثارة مشكلة في مواجهة الحكومة اللبنانية عبر اتهامها بأنها لا تسيطر على الوضع في الجنوب وبالتالي بأنها خاضعة للتدخلات الخارجية. فرض اعلان "المقاومة الاسلامية" الجناح العسكري ل"حزب الله" أول من أمس خبر تحليق "مرصاد - 1"، نفسه أمس. ففي حين عكست الصحافة الاسرائيلية ارباكاً واضحاً من خطوة "حزب الله" التي يستخدمها للمرة الأولى، وتشكيكاً بخرق الطائرة المجال الجوي الاسرائيلي، دحض الحزب هذه النظرية أمس بعرضه صور طائرته تحلق فوق المستوطنات الاسرائيلية والمواقع المتاخمة للحدود على شاشة تلفزيون "المنار". واجتمع ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في جنوبلبنان ستافان دي ميستورا مع وزير الخارجية محمود حمود وعبر له عن "القلق الذي يساورني". وقال: "صحيح ان الحال في تلك المنطقة سادها هدوء نسبي خلال الاشهر الاربعة الماضية في اشارة الى وقف "حزب الله" اطلاق مضاداته الارضية على الطائرات الاسرائيلية التي تخرق الاجواء اللبنانية يومياً لكن هناك اسباباً عدة تدعو للقلق أولها رؤية التصعيد من جانب الطرفين وكما هو معروف حصل تحليق من الجانب الاسرائيلي وقدمنا احتجاجاً على ذلك". وعن طائرة "حزب الله" قال: "أود التريث في انتظار تقرير ال"يونيفيل" القوات الدولية عن الطائرة وطرازها ومصدرها والى اين اتجهت وكيف وفي اي طريق". وأشار الى سقوط صواريخ كاتيوشا في الاراضي الاسرائيلية و"ان التحقيقات اظهرت ان مصدرها ليس "حزب الله" بل مجموعات غير منضبطة وقد طلبنا من الوزير الطلب الى السلطات ممارسة أقصى درجات ضبط النفس لمراقبة هذا الجزء من الاراضي لأن الكاتيوشا التي لحسن الحظ لم توقع ضحايا، كان من الممكن ان تسبب تصعيداً". ولاحقاً أصدرت الأممالمتحدة بياناً أوضحت فيه ان "طائرة من دون طيار انطلقت عند الساعة العاشرة والنصف قبل ظهر يوم 7 تشرين الثاني نوفمبر، من الجانب اللبناني للخط الازرق، ودخلت الاجواء الاسرائيلية، مما شكل خرقا لبنانياً للخط الازرق، وسجل تحليق الطائرة فوق الاراضي الاسرائيلية قبل ان تعود وتدخل اجواء الجنوباللبناني وتحط في جوار منطقة الناقورة". وأضاف البيان: "في وقت لاحق من اليوم ذاته سجل خرقان اسرائيليان للاجواء اللبنانية، قامت بهما خمس طائرات، لم يسجل اي اطلاق للمضادات الارضية من الجانب اللبناني". واعتبر البيان: "ان جميع الخروقات الجوية للخط الازرق تعد مصدر قلق". وأكد وجوب عدم حصول اي خرق جوي من الجهتين. وفي المواقف الرسمية اللبنانية، قال حمود: "من اللافت حديث اسرائىل عن قلقها مما جرى متجاهلة ما تقوم به من خروق آلاف المرات منذ خروجها من لبنان عام 2000"، مشدداً على "أهمية وقف الاعتداءات الاسرائيلية ضد سيادة لبنان"، ومنبهاً الى "ما يمكن ان تسببه هذه الخروق من اضرار على الاستقرار لأنها تخالف سعي الأممالمتحدة ومسؤوليتها في رعاية السلام والأمن الدوليين". وعن سقوط كاتيوشا قال حمود: "نحن نقوم بكل ما علينا ليبقى الوضع مستتباً أمنياً". واعتبر وزير الدفاع عبدالرحيم مراد ان تحليق طائرة "مرصاد - 1" "فرض معادلة جديدة قام بها "حزب الله" رداً على الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة يومياً باختراق الطيران الاسرائيلي العسكري للمجال الجوي اللبناني وتصويره مواقع لبنانية". والمقاومة تستطيع مواجهة اي اعتداء من اي نوع. وبرر وزير الاعلام ايلي الفرزلي استخدام الحزب طائرة ب"استمرار الانتهاكات الجوية الاسرائيلية للأجواء اللبنانية والتي لم توقفها الاحتجاجات الدولية". وأكد رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد ان "الحزب قادر على تكرار الطلعات الجوية الاستطلاعية فوق الاراضي المحتلة متى أراد"، مشيراً الى ان "ذلك يأتي في سياق ايجاد معادلة لمنع الخروق الاسرائيلية". ورأى النائب مروان فارس ان اختراق الاجواء الاسرائيلية من المقاومة يشكل حدثاً استراتيجياً يؤكد عزم المقاومة على استكمال التحرير. والتزمت اسرائيل الصمت حيال تحليق طائرة "حزب الله"، مكتفية بالبيان الذي أصدره الجيش بعد ساعات على اختراق الطائرة الاجواء الاسرائيلية. لكن الصحافة الاسرائيلية عسكت "ارتباك" و"تأتأة" و"ذهول" المؤسسة العسكرية، واصفة ما حصل ب"قصور وفشل استخباراتي". وعنونت صحيفة "معاريف" صفحتها الأولى ب"ارتباك، طائرة استطلاع للعدو حلقت في سماء اسرائيل 20 دقيقة. نصرالله وعد ووفى". وكتبت "يديعوت احرونوت": "...جرح في سلاح الجو.. "حزب الله" يرى كل شيء...". وكتب المحلل العسكري في "هاآرتس" أمير اون ان "الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله جعل من قيادة سلاح الجو اضحوكة على نحو ينبغي ان يقلق عموم المواطنين في اسرائيل وتحديداً في شمالها". وكتب زميله يوآف شطيرن قائلاً: "ان نصرالله اراد خلق ميزان رعب تجاه اسرائيل". وكتب عمير رابورت في معاريف ان "اختراق سماء اسرائيل يجب ان يثير قلقاً جدياً لأنه يثبت ان ثمة ثقوباً كثيرة في شبكة الدفاع الإسرائيلية في الحدود مع لبنان". وحذر أليكس فيشمان في "يديعوت احرونوت" من ان "القضية لا تنتهي عند تحليق طائرة فوق سماء اسرائيل إنما المقلق هو ان "حزب الله" ليس نائماً بل يواصل التزود بأسلحة متطورة مما يحتم على اسرائيل عدم تخفيف مراقبة الحراسة ولو للحظة واحدة لما يحصل داخل لبنان لئلا تتحول هذه الطائرة الصغيرة نسراً". وقال قائد سلاح الجو السابق ايتان بن إلياهو ان "شهية حزب الله قد تتسع ويجب ان نكون مستعدين". ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن اوساط امنية اعتبارها الحادث "خللاً وثقباً في منظومة الدفاع الجوي التي قيل عنها انها غير قابلة للاختراق" وأقرت بالفشل الاستخباراتي في تعقب قدرات حزب الله. ودعا النائب العمالي ايتان كابل الى "عقد جلسة خاصة للجنة الخارجية والأمن البرلمانية لمعرفة كيفية تمكن "طائرة بدائية" من اختراق الدفاع الجوي الذي كلّف بلايين الدولارات".