أكدت حركة تحرير السودان وهي أكبر حركة مسلحة تقاتل الحكومة في دارفور دعمها ومساندتها للجنة الدولية الخاصة بالتحقيق في جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية في غرب السودان، والتي شكلها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان. وقال الأمين العام لحركة تحرير السودان مني أركو مناوي في حديث معه في لندن، إن الحركة ستقدم كل المستندات والوثائق التي تدعم ذلك بغية الوصول إلى الحقائق، مشيراً إلى أن الحركة تسيطر على 70 في المئة من إقليم دارفور الذي يشهد أعمال عنف منذ العام الماضي. وقال مناوي إن هناك تفاهماً تاماً ومتكاملاً مع حركة قرنق لبناء سودان ديموقراطي جديد. في ما يأتي نص الحوار: ما هي طبيعة المشكلة ومطالبكم من حكومة الخرطوم؟ - أولاً نطالب بتحقيق المشاركة الكاملة في توزيع السلطة والثروة حتى يحقق المواطن طموحاته بالعيش الكريم في إطار السودان الموحد القائم على التنوع العرقي والثقافي. ثانياً أن تسقط الحكومة جميع أجندتها الخاصة بسياسة الإقصاء والتهميش والتطهير العرقي تحت خطاب مهددات العروبة مستغلة استجابة شريحة ساذجة من أبناء المنطقة بالتحديد الذين يتحدرون من أصول عربية والتي انطلت عليها اللعبة من مخطط يستهدف الإبادة واستغلال هذه الشريحة في إبادة القبائل ذات الأصول الأفريقية لتشويه قيم التعايش الإثني في دارفور. الحكومة تتهمنا بالارتباط بالجهات الأجنبية لإشغال الرأي العام العربي والعالمي عن قضايانا الأصلية. ولكننا كحركة سودانية لا يمكن أن نسهم أو نطمع في مساندة أي تدخل أجنبي في بلادنا. وعلى الحكومة أن تتحمل مغبة ذلك، بخاصة أننا قبل اتفاق "ايشي" جلسنا معها في سبع جولات تفاوض للوصول إلى حل سلمي قبل أن تستفحل الأزمة، إلا أن الحكومة تعمدت تجاهل الأزمة، الأمر الذي أدى إلى تطورها منذ اتفاق ايشي مروراً في نجامينا ثم أديس أبابا، حتى انفرط عقد الأمن. هل دخلتم مفاوضات آبوجا الشهر الماضي بورقة مشتركة مع حركة العدل والمساواة؟ - نعم دخلنا المفاوضات بتنسيق تام معها بخاصة في ما يتعلق بتحسن الأوضاع الإنسانية والأمنية كما كانت الحال في مفاوضات نجامينا، وأعتقد بأنها مطالب عادلة ولا يمكن الاختلاف حول آلياتها. أزمة الترابي تحمي الحكومة الأزمة الأخيرة بين الحكومة وحزب المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي جعلت الحكومة ترفض مشاركة العدل والمساواة في المفاوضات المقبلة. ما هو موقفكم؟ - حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة حركتان مختلفتان في توجهاتهما الفكرية وفي بعض أهدافهما، ونحن لا نكترث لما يجرى بينهما وبين الحكومة. كما أن ليس للحكومة الحق في تحديد مَنْ مِنَ الأطراف سيشارك في المفاوضات لأن الاتحاد الأفريقي هو صاحب الشأن في ذلك. اتفقت الحكومة مع الأممالمتحدة على تحسين الأوضاع الانسانية والعمل على العودة الطوعية للاجئين وخلق مناطق آمنة. ماذا تمّ في هذا الاتفاق؟ - على رغم ترحيبنا بذلك القرار إلا أننا لم نر بوادر من جانب الحكومة لتحسين الأوضاع الإنسانية أو العودة الطوعية للاجئين، وليس هناك ما يغري المواطن بالعودة إلى دياره لعدم استتباب الأمن لأن ميليشيات الجنجويد والقوات الحكومية ما زالت تمارس سياسة القتل والتطهير العرقي وإجبار المواطنين على ترك قراهم. أما في ما يتعلق بالاتفاق الخاص بإنشاء مناطق آمنة فإننا تحدثنا مع السيد يان برونك ممثل الأمين للأمم المتحدة بصراحة وعبّرنا عن رفضنا لهذا الاتفاق باعتباره تكريساً لسياسة التهجير وتثبيتاً لسياسات النظام في الخرطوم لأن مواطني دارفور الذين نزحوا إلى مناطق داخل السودان تعرف بالمناطق الآمنة أصبحوا سجناء تحرسهم الميليشيات التي أسهمت بصورة فعلية في نزوحهم من مناطقهم الأصلية. كوّن الأمين العام لجنة خاصة للتحقيق في اتهاماتكم للحكومة بممارسة التطهير العرقي... هل أنتم مستعدون للتعاون معنا؟ - رحبنا بلجنة تقصي الحقائق باعتبارها مطلباً أساسياً من مطالب الحركة منذ اتفاق نجامينا على رغم أن الحكومة كانت تعتبرها منذ ذلك الوقت دعوة للتدخل الأجنبي. ونحن يهمنا ما ستتوصل إليه اللجنة وتأكيد اتهاماتنا. ولذلك نرجو أن تتخذ اللجنة كل الخطوات الكفيلة الجامعة للوصول إلى الحقيقة وبحياد تام. برأت الجامعة العربية الحكومة من تهمة التطهير العرقي. ما تعليقكم؟ - هناك وفود من الجامعة العربية ومن منظمات إسلامية زارت الإقليم لتقصي الحقائق إلا أنها لم تزر سوى مدينتي نيالا والفاشر، وهما من المدن التي ما زالت تحت سيطرة الحكومة... حيث تجولت هذه الوفود في محيط المدينتين وتحت حماية القوات الحكومية ولذلك لا يمكن أن تتصف بالحياد، ونحن غير معنيين بتقاريرهم التي تنفي تورط الحكومة في التطهير والاغتصاب. اتهمتكم الحكومة بخرق وقف النار. كيف تردون على ذلك؟ - لم يكن هناك أي خرق لوقف النار من جانبنا بل إن الحكومة سعت إلى التصعيد العسكري لاعتقادها بإمكان الوصول إلى حل سريع لهذه الأزمة حيث حشدت 145 ألف جندي من القوات النظامية بعد اتفاق وقف إطلاق النار في 8 نيسان أبريل الماضي، بل وتمادت أكثر بتجنيد عدد كبير من الميليشيات بحجة إقامة مناطق آمنة تساعد في عودة النازحين والمهجرين من أبناء المنطقة وهي حيلة لن تنطلي علينا ولا على مواطني دارفور، وكل هذه الخروقات من جانبها مدونة في سجلات قوات الاتحاد الأفريقي وهي تعلم ذلك جيداً. اشترطت الحكومة نزع سلاح قواتكم قبل نزع سلاح ميليشيا الجنجويد. ما هو تفسيركم؟ - لا يمكن تجريد قواتنا من أسلحتها ما لم تجرد الحكومة أسلحة الميليشيات لأننا ندرك تماماً أن هذه الميليشيات كلها أدوات تستعملها الحكومة للتطهير العرقي والاغتصاب وكل العالم يشهد بذلك. ونحن كجيش لحركة تحرير السودان نعمل من أجل إزالة الحكومة وإضعافها وليس لنا عداء مع القبائل أو أبناء المنطقة. لا ننكر أننا هاجمنا القوات الحكومية ولكن لم نهاجم السكان المدنيين ولا ميليشيا الجنجويد على رغم اننا نعلم أن الحكومة استعانت بها لحماية قواتها. ما هو تقويمكم لمفاوضات آبوجا الجولة الأولى؟ وما هي الملفات التي نوقشت فيها؟ - كانت جولة المفاوضات الأولى في آبوجا جيدة ولمسنا جدية الاتحاد الافريقي في محاولة معالجة ملفات الازمة على رغم أن ما يلفت الانتباه فيها كان مراوغة الحكومة بدليل أنها تجاهلت الملفات الاساسية. يمكن القول إننا توصلنا إلى اتفاق مبدئي في الملف الانساني ولكن لم نوقع أي اتفاق ثم انتقلنا إلى الملف الأمني باعتباره أساس الأزمة إلا أنه لم يناقش بجدية خصوصاً أن الحكومة أرسلت رجل الأمن مجذوب الخليفة ولم نصل إلى أي اتفاق يذكر فانقضت الجولة من دون اتفاق. لا علاقة لنا بإسرائيل هناك اتهامات بأنكم جزء من الحركة الشعبية لتحرير السودان حركة قرنق إضافة إلى اتهامات أخرى؟ - اتهامات الحكومة كثيرة ومتجددة، فمثلاً تتهم الحكومة أريتريا وإسرائيل ورواندا بدعمنا، وتارة بدعم حركة قرنق لنا. نحن لا ننكر أن لنا علاقات ورؤى مشتركة حول كيفية بناء السودان الجديد الديموقراطي... ولكننا بالتأكيد حركة سودانية أصيلة مستقلة وُلدت من ظروف أزمة السودان الكبرى. وأعتقد بأن ذلك في ظل المعارضة لهذا النظام القهري. ما هو موقفكم من التجمع الوطني الديموقراطي وما هي المناطق التي تسيطرون عليها؟ - نحن نعمل من تحت مظلة التجمع الوطني الديموقراطي، وهي مظلة تجمع كل شتات المعارضة السودانية. حالياً نسيطر على أكثر من 70 في المئة من مساحة ريف دارفور وبعض المدن والبلدات والقرى وليس في استراتيجيتنا السيطرة على المدن الكبرى، ويقيننا من ذلك التأييد والدعم المباشر الذي نجده من أبناء دارفور مما أجبر الحكومة على التفاوض معنا. كما أننا ندرك تماماً مدى حجمنا العسكري والمساحة الهائلة التي نسيطر عليها.