أكدت الاستطلاعات أن العوامل التي دفعت الأميركيين إلى إعادة انتخاب الرئيس جورج بوش، هي في الدرجة الأولى، قناعتهم بأن التيار الجمهوري يحافظ على "القيم الأخلاقية"، وسبق ذلك اهتمامهم بالاقتصاد وفرص العمل ثم الإرهاب والعراق، على رغم تركيز بوش خلال حملته الانتخابية على الحرب على الإرهاب والأزمة الاقتصادية. واللافت أنه في وقت صوت 80 في المئة من ناخبي بوش ل"القيم الأخلاقية"، شكل الاقتصاد والوظائف أولوية 80 في المئة من ناخبي كيري. واستحوذ بوش على ثلث أصوات الإنجيليين البيض، كما تغلب على كيري في صفوف المتدينين ما عدا اليهود الذين منح ثلاثة أرباعهم أصواتهم للمرشح الديموقراطي، وإن كانوا لا يشكلون أكثر من ثلاثة في المئة من الأميركيين. وحصل الرئيس الجمهوري على 56 في المئة من أصوات الكاثوليك البيض، في مقابل 43 في المئة لكيري، على رغم أن الأخير هو أول مرشح للرئاسة ينتمي إلى طائفة الروم الكاثوليك بعد جون كينيدي 1960، الأمر الذي قد يدفع الحزب الديموقراطي إلى التفكير في كيفية استعادة هذه الأصوات التي تعرف ب"ديموقراطيي ريغان"، والذين تضرروا في عهد جيمي كارتر ووالتر موندال، ليعودوا تحت جناح الحزب في عهد بيل كلينتون وآل غور. ومن بين الذين يترددون إلى الكنيسة أكثر من مرة في الأسبوع، صوت 61 في المئة لبوش و39 في المئة لكيري. كذلك فاز كيري ب88 في المئة من أصوات السود، في مقابل 11 في المئة لبوش. كما حصل كيري على 53 في المئة من أصوات اللاتينيين في مقابل 44 في المئة لبوش. وصبت أصوات الذين تجاوزوا الستين من العمر في خانة المرشح الجمهوري، ومن تحت الثلاثين في خانة كيري. إلى ذلك، صوّت ثلاثة أرباع المؤيدين للإجهاض لبوش، وأقر 4 من 10 برفضهم لزواج المثليين. كما أظهر الاستطلاع أن 55 في المئة من النساء المتزوجات انتخبن بوش و44 في المئة صوّتن لكيري، فيما صوت 58 في المئة من العازبات للمرشح الديموقراطي و40 في المئة لبوش. وفي سؤال عن أهم الصفات الواجب توافرها في الرئيس لإعادة انتخابه، قال ثمانية في المئة "إيمانه القوي". غير أن 52 في المئة من الذين شملهم الاستطلاع أيدوا كيري في مسألة المسار الخاطئ للحرب على العراق، مقارنة ب44 في المئة رأوا العكس. ورأى 52 في المئة أن الأمن الأميركي لم يتحسن بفعل الحرب على العراق. ويبدو أن جورج بوش فشل في إقناع الناخبين بالفصل بين الحرب على العراق والحرب على الإرهاب، إذ رأى 55 في المئة أن الحربين غير منفصلتين، في مقابل 42 في المئة لم يوافقوهم على هذا الرأي. كما عبرت الغالبية عن ثقتها بقدرة بوش على إدارة الحرب على الإرهاب في شكل أفضل. نجاح مرشح وفشل آخر وفي تعليق على نتيجة الاستطلاع، أكد عاملون في البيت الأبيض ومحللون سياسيون أن مواقف الرئيس بوش إزاء الحرب على الإرهاب والقيم الأخلاقية، ومساعيه لتشجيع الناخبين على الاقتراع، ساعدته على الانتصار. من جهة أخرى، قال ماثيو دود مخطط الحملة الجمهورية إن استراتيجيتها تضمنت توزيع خرائط وإرشادات عن كيفية الوصول إلى أماكن الاقتراع، والاستعانة بوسائل دعاية متقدمة على الإنترنت لتشجيع الناخبين. ويعود الفضل في شكل رئيسي إلى كارل روف كبير مستشاري بوش الذي وصفه الرئيس ب"مهندس" الحملة عندما أعلن الانتصار على السناتور جون كيري بعدما حصل على أكثر من 58 مليون صوت من الأصوات الشعبية وهو رقم قياسي تاريخي. واعتبر مخططو الحملات في الحزب الجمهوري أن من مفاتيح الانتصار موقف بوش المصمم على شن حرب على الإرهاب "مهما تكلف الأمر"، الأمر الذي دفع ببعض المترددين إلى الانحياز للرئيس بعد إذاعة شريط فيديو أسامة بن لادن خلال الحملة. وذكر خبراء أن تركيز كيري على العراق كان له أثر عكسي على ما يبدو. وقال سكوت ريد مخطط الحملات في الحزب الجمهوري: "أعتقد بأن حملة كيري لم تتمكن من أن تجعل من كيري بديل الحد الأدنى المقبول لبوش". ونظرًا إلى عدد الولايات التي منحت أصواتها للجمهوريين، بات على الديموقراطيين رسم استراتيجية جديدة للفوز في الانتخابات الوطنية. وقال داج شوين خبير الاستطلاعات في الحزب الديموقراطي: "أعتقد بأن الحزب يعاني من أزمة خطيرة إلى حد ما، إذا تطلعنا إلى وسط أميركا وجنوبها نجد أن هناك صوتاً أوحد للجمهوريين. أعتقد حقاً بأن الديموقراطيين ليسوا متوافقين مع آراء غالبية الأميركيين في الكثير من القضايا، لا سيما القيم والقضايا الأخلاقية".