بين حصول المرأة الأميركية على حقها بالتصويت عام 1918 ووصول سيدة البيت الابيض لورا بوش مجدداً الى جانب زوجها، مسافة عمرها 86 عاماً، لعب خلالها الصوت النسائي دوراً كبيراً في ايصال الكثير من الزعماء الاميركيين الى سدة الرئاسة الأولى. الا ان إطلالة النساء الأميركيات على الساحة الانتخابية واقبالهن على صناديق الاقتراع بكثافة لافتة تجسدت في ثلات محطات تاريخية أساسية بدأت بفوز جون كينيدي في الستينات مروراً بانتخاب بيل كلينتون في اوائل التسعينات وصولاً الى إعادة إنتخاب بوش لولاية ثانية في البيت الأبيض عام 2004 . من الشعارات التي اطلقتها الحركة النسائية الأميركية في الحملة الانتخابية لهذا العام عبارة تقول: "لتربح الانتخابات يجب ان ترضي النساء". يحمل هذا القول في طياته أكثر من رسالة الى المرشحين المتنافسين على الرئاسة، منها ان النساء يشكلن اكثر من نصف المجتمع حوالى 60 في المئة البالغ تعداده نحو 280 مليوناً. ويصل حضور النساء الانتخابي الى حدود 108 ملايين ناخب موزعين على فئات عمرية مختلفة. وتوقف مكتب الاحصاء الفيديرالي عند الشريحة الشابة من النساء اللواتي تتراوح اعمارهن بين 18 و24 سنة وشاركن للمرة الأولى بكثافة لافتة هذا العام، ليشير الى عدد المسجلات على اللوائح الانتخابية الذي بلغ 28.7 مليون اي ما يعادل 47.1 في المئة. يتضح اذاً ان حضور النساء الأميركيات في الانتخابات الاخيرة كان بالغ الأهمية في موازين الربح والخسارة وفي تغيير المعادلة الانتخابية التقليدية التي كانت سائدة من قبل. فصحيفة "واشنطن بوست" التي واكبت الحملة الانتخابية واجرت سلسلة مطولة من استطلاعات الرأي، رأت ان "التعاطف الذي كان يحظى به المرشح الديموقراطي عادة من النساء ضعف تأثيره الى حد كبير وتحول في هذه الانتخابات لمصلحة الجمهوريين". وتعلل الصحيفة هذا التحول التاريخي بقولها "إن المرشح الذي يلامس حاجات النساء ويلبي طموحاتهن هو الذي يحظى بأصواتهن ويصبح من الفائزين". في هذا السياق، تشير الاستطلاعات أيضاً الى ان النساء كن منقسمات الى فئتين: رأت الاولى في كيري المرشح الأفضل لجهة طروحاته التي تتماشى مع مشاعرهن العائلية، في حين اعتبرت الثانية ان بوش هو "الرئيس القوي وفارس البيت الابيض الذي انقذ حياتهن من تهديد ارهابي محتمل". وأيدت جريدة "نيويورك تايمز" هذا الاتجاه، معتبرة ذهاب معظم الاصوات النسائية للمرة الأولى الى بوش "نتيجة تخوف النساء من احتمال حدوث 11 أيلول سبتمبر آخر". وإضافة الى هواجس النساء الأمنية، ثمة قضايا أخرى استأثرت باهتماماتهن، فلجأ اليها كل من المرشحين بغية استمالتهن الى فريقه. كيري ركز مثلاً على المسائل الاقتصادية والاجتماعية كالبطالة والفقر والصحة وحق الاجهاض، في حين طرح بوش قيم المحافظين الجدد في التعليم والعفة والزواج والمثلية الجنسية، إضافة الى مكافحة الارهاب وحماية أمن ومصالح الأميركيين في الداخل والخارج. ويتوقف بعض المراقبين عند تأثر النساء الأميركيات بزوجات المرشحين وسلوكهن وصفاتهن وآرئهن خصوصاً انهن لعبن دوراً رديفاً لأزواجهن في الحملات الانتخابية. وأشارت الاستطلاعات مثلاً الى ان لورا بوش تحظى بشعبية كبيرة لدى فئة من النساء التي تصفها بأنها امرأة قوية ذات يد من حديد مغلّفة بالمخمل، وانها "سوبر ستار" السيدات الأميركيات وأم مثالية. في حين ترى فئة اخرى ان تيريزا كيري تنتمي الى حيتان المال وهي مولودة خارج اميركا ولا تهتم بقضايا الطبقة الوسطى ومزاجها الشخصي اقرب الى الرصانة والجدية منه الى البساطة والمرح.
