«ألتيريكس» تسخر حلولها التحويلية لتحليلات المؤسسات لتعزيز نمو الذكاء الاصطناعي التوليدي في الشرق الأوسط    الأسواق تترقب اجتماع «الفيدرالي».. و«ستاندرد آند بورز» و«ناسداك» يتراجعان    ملك البحرين يغادر الرياض وفي مقدمة مودعيه نائب أمير المنطقة    بعد زيارته إلى غزة.. مبعوث ترمب يلتقي نتنياهو    الشرع بعد تنصيبه رئيساً انتقالياً لسورية: مهمتنا ثقيلة    حريري يتطلع لتكرار تفوقه    القادم من آيندهوفن الهولندي .. الأهلي يتعاقد مع البلجيكي "ماتيو دامس"    إعلان أسماء الفائزين بجائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام للعام 2025    تصعيد إسرائيلي مستمر ورفض عربي قاطع للتهجير    أمير المدينة يرعى انطلاق مهرجان الزهور وحفل تخريج كليات الهيئة الملكية بينبع    ختام المسرح المدرسي بجازان    توثيق عالمي للبن السعودي في اليونسكو    1330 فحصا لسرطان الرحم بشبكة القطيف الصحية    إنشاء مكتب إقليمي للإنتربول في السعودية    ملك البحرين يستقبل وزير الإعلام    الهلال على موعد مع محترف فئة «A»    القبض على مخالف لتهريبه 11.5 كيلوجراماً من الحشيش و197,700 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    مفيز: تجربة السعودية نموذجية في تطوير الكوادر البشرية    محافظ محايل يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية    أمير نجران يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    مدير منظمة العمل الدولية: السعودية نموذج عالمي في بناء بيئة عمل حديثة ومتطورة    ولي العهد يؤدي صلاة الميت على الأمير محمد بن فهد    قبائل الريث تعزي الأمير عبدالعزيز بن فهد في وفاة الأمير محمد بن فهد    تاكر كارسلون: السعوديون يفضلون استكشاف سياحة بلدهم    37 خبيراً و14 مشاركاً ساهموا في تحكيمه.. إطلاق تقرير «مؤشر اللغة العربية»    التعاون يواجه الوكرة في ثمن نهائي «الآسيوية»    أمير حائل يناقش خطط القيادات الامنية    أرقام «الدون» تفوق مسيرته في الريال والمان    مدير تعليم عفيف يرعى حغل تعليم عفيف باليوم الدولي    "مستشفى البكيرية العام" يطلق فعالية المشي "امش 30 "    "التخصصي" يوقع اتفاقية تعاون مع الهيئة الملكية بينبع لتسهيل الوصول للرعاية الصحية المتخصصة    مفتي عام المملكة للطلاب: احذروا من الخوض بمواقع التواصل وتسلحوا بالعلم الشرعي    المملكة ترأس أعمال لجنة تطوير آلية عمل المؤتمر العام لمنظمة "الألكسو"    وصول الطائرة الإغاثية السعودية الخامسة عشرة لمساعدة الشعب السوري التي يسيّرها مركز الملك سلمان للإغاثة    روسيا: مؤامرة اغتيال بوتين هي الطريق المباشر نحو الحرب النووية    "فريق فعاليات المجتمع التطوعي" ينظم مبادرات متميزة لتعزيز قيم العمل التطوعي الإنساني    تعليم مكة يعزز الولاء الوطني ببرنامج "جسور التواصل"    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب «البايكال» الروسية    أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق    الزميل محمد الرشيدي يفجع بوفاة شقيقه    «شوريون» ينتقدون تقرير جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل    5 مفاتيح للحياة الصحية بعد ال60    أهالي الشرقية ينعون الأمير محمد بن فهد    ما هو تعريف القسوة    رجال الأمن والجمارك.. جهود وتضحيات لحفظ الأمن الاجتماعي    إضافة حسابات واتساب في هواتف آيفون    تخريج الدفعة (105) من طلبة كلية الملك فيصل الجوية    وفاة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود    سلامة الغذاء    «برنامج أنتمي».. نموذج للابتكار في مختبر التاريخ الوطني    الكتابة والحزن    العدالة يتعادل إيجابياً مع الفيصلي في دوري يلو    فلكيا: الجمعة 31 يناير غرة شهر شعبان    سير ذاتية لنساء مجنونات    «الغرس الثقافي» للصورة الإعلامية!    مبادرة «اللُحمة الوطنية دين ومسؤولية» بمحافظة الحرث    أمير المدينة يرعى حفل إطلاق مشروع درب الهجرة النبوية وتجربة "على خطاه"    المخيم الملكي والصورة الأجمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسة ماسنيون الشهيرة في ترجمة أولى . آلام الحلاّج أم محنته أم سرديته ؟
نشر في الحياة يوم 20 - 11 - 2004

لسببٍ ما اختار المترجم لملحمة لويس ماسينيون الشهيرة La Passion de Hallag أن يترجمها آلام الحلاّج. بينما المفرد أدنى الى أن يكون معناه سردية الحلاج أو محبته أو محنته أو تصوفه أو شهادته. لكن العنوان الفرعي يضع الأمور في نصابها: شهيد التصوف الإسلامي. ولد الحسين بن منصور الحلاج 244 - 309ه/ 922م بالطور من ناحية البيضاء بفارس، وعرف في مراهقته بتستر المتصوف المعروف سهل بن عبدالله التستري، صاحب أقدم تفسير صوفي للقرآن. وفي البصرة لبس الخرقة الصوفية، وتزوج عام 264ه، وزار بغداد حيث استمع الى الجنيد بن محمد، مؤسس مدرسة بغداد الصوفية، وبعد انقضاء ثورة الزنج عام 270ه خرج الحلاج الى مكة حيث مكث عاماً، وعاد الى البصرة حيث بدأت شهرته تنتشر بالانجذاب الصوفي، وبالكرامات وآثار الولاية، وبدأت العامة تلتف من حوله، واتهمه شيخه القديم عمرو المكي بالابتداع أو بالشطح.
وفي السبعينات والثمانينات غيَّر من نهج حياته، وبدأت كتبه تظهر، وتوالت عليه الاتهامات من مختلف متكلمي وفقهاء الفِرَق، مع استمرار العامة في الانجذاب اليه. لكنه في العام 281ه عاد الى مكة مع أربعمئة من أتباعه. وفي عام 282ه وبعد خروجه من مكة هجر فارساً وتستر واستقر مع أفراد أسرته في حي التستريين ببغداد. ويقال انه في الثمانينات من القرن الثالث مضى عبر خراسان الى آسيا الوسطى وتركستان ل"هداية الترك" باعتبار ذلك احدى أمارات الساعة.
وفي عام 290ه حجَّ الحلاج للمرة الثالثة، وأعلن عن بعض عقائده الحلولية التي بدأت تلقى استنكاراً واسعاً من الفقهاء، وتساؤلاً من جانب رجالات الدولة، الذين انقسموا من حوله بين متحزب ومتهم. وفي عام 295ه أعلن على الملأ ببغداد: أيها الناس، أغيثوني عن الله، أيها المسلمون "اعلموا ان الله تعالى أباح لكم دمي فاقتلوني تؤجروا وأستريح"، كما قال: اللهم اغفر لهم ولا تغفر لي، افعل بي ما شئت! بعد هذا يبدأ ماسينيون في تأويل سيرة الحلاّج والصراع حوله تأويلاً سياسياً: فالخليفة المقتدر العباسي الذي تُحيط به ادارة شيعية ومعتزلية، يتعرض لمؤامرة من جانب ابن المعتز السني الحنبلي، الذي يصير خليفة ليوم واحد ثم يقتل، ويضطهد أنصاره من أمثال ابن حمدان العسكري العربي، والحلاج صديقه. وفي سنوات القرن الرابع الأولى أمكن الحزب السني العودة للسلطة من خلال علي بن عيسى الوزير، ونصرة أم الخليفة التي كانت محبةً لشطحات الحلاج وترى فيه واحداً من أهل الله. ولذلك فقد سُحبت قضايا الفقهاء ضده، واقتصر الأمر على احتجازه بالقصر، وعدم تمكينه من الظهور أمام العامة. وفي عامي 308 و309 ه جرت اضطرابات ببغداد، أخرجت علياً بن عيسى من الوزارة، وأعادت حامد بن العباس عدو الحلاّج مع نصيره القائد العسكري المعروف مؤنس الحاجب. وبسبب قدرات الحلاّج التهييجية من جهة، وتحزب ابن مجاهد كبير قراء القرآن عليه" فقد أُعيد إحياء قضية الحلاج، وجرى الاستشهاد بكتابه "طاسين الأزل" الذي يقارن فيه بين إبليس والرسل في مسألة الوحدانية" وقيل عنه انه قرمطي - وتحزب له الحنابلة والشافعية، في حين تعصب عليه القاضي المالكي والحنفي، وأمكن حامد بن العباس ومؤنس القائد بدعمٍ من الفقهاء المالكية والأحناف والشيعة، استصدار قرار من الخليفة بإعدام الحلاج صلباً على رغم معارضة العامة، وأم الخليفة" في 24 ذي القعدة من عام 309ه. وبمقتل الحلاج بدأت أسطورته تتصاعد بين العامة، وتبناها بعض الفقهاء والصوفية، وعن تلك الأسطورة وتطوراتها، وعن التصوف الشطحي في الإسلام كتب ماسينيون كتابه الشهير: آلام الحلاّج أو محنته، والذي ترجم الآن وللمرة الأولى الى العربية، مع أنه صدر ثلاث مرات بالفرنسية منذ العام 1922.
الترجمة، من النظرة الأولى، جيدة، وأخطاؤها الكثيرة صغيرة كلها. والكتاب نفسه هو الرائع والمشكل.
والإشكال لا يأتي من شطحات الحلاج، كما قد يظن المتابعون" بل من التأويلية الشاسعة المدى التي يخوضها ماسينيون، والتي تضع الاعتزال العقلاني والباطنية الشيعية في الوقت نفسه، وفي تحالفٍ وثيقٍ في مواجهة الحلاّج، والأبعاد الاجتماعية والأخلاقية والروحية لتصوفه. أما السنّة، والذين دعمت عامتهم وبعض فقهائهم الحنابلة والشافعية الحلاّج في حياته، فيبدون منقسمين ومترددين، إلى أن تسود الرؤية المعادية له بعد مئتي سنة على مقتله، مع جود أنصار دائمين له ضمن التقليد السني، شأنه في ذلك شأن ابن عربي -638ه.
وهكذا فنحن مع ماسينيون نقف أمام أربعة أمور: كتب الحلاج وأشعاره، وصورته وأسطورته، والآثار الاجتماعية والسياسية لشخصيته، والمعاني والوظائف الكبرى للحركة الصوفية منازع وطرقاً.
كتاب ماسينيون عن الحلاج على شهرته الواسعة، ما قرأه عرب كثيرون. وهو اليوم وللمرة الأولى، موجود بالعربية، وسيتجاوز النقاش حوله ولا شك مسألة ايمان الحلاج وكفره، ومسألة تأويل ماسينيون الثري لكن الغريب" الى طبائع الحياة الروحية في الإسلام، والى أدوار الاستشراق في القراءة والتصوير واعادة الصنع والتركيب والإحياء.
* لويس ماسنيون: آلام الحلاج. ترجمة الحسين مصطفى الحلاج. نشر دار قدمس، 2004.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.