تبنى مجلس الأمن في نيروبي أمس قراراً يعد بتقديم مساعدات من الاسرة الدولية ما ان يتم التوقيع على اتفاق سلام في جنوب السودان بين حكومة الخرطوم و"الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة جون قرنق، ويدعو الى الوقف "الفوري" لأعمال العنف في دارفور في غرب البلاد. وفي غضون ذلك، وقعت الحكومة السودانية و"الحركة الشعبية" على تعهد أمام المجلس باستكمال اتفاق لانهاء الحرب الأهلية الدائرة بينهما منذ 21 عاماً بحلول 31 كانون الأول ديسمبر. ووقع الإعلان وزير الدولة السوداني لشؤون الرئاسة يحيى حسين بابكر ورئيس وفد "الحركة الشعبية" نيال دنغ نيال في حضور اعضاء مجلس الامن ونائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه وقرنق. وجاء في الاعلان: "يؤكد الطرفان التزامهما انجاح المفاوضات في اقرب الآجال ... بهدف التوصل الى اتفاق سلام شامل وتوقيعه في 31 كانون الاول على أبعد تقدير". وتعهد الطرفان تسريع اتمام المفاوضات في شأن المسائل العالقة فقط وهي وقف اطلاق النار وآليات تطبيق الاتفاق. وأكد التعهد أن "الطرفين يوصيان انفسهما بالانتهاء من اتفاقية سلام شاملة ادراكاً منهما ان الانتهاء الفوري من عملية السلام مهم لكل شعب السودان لأنه سيساعد على حل كل التحديات التي تواجه البلاد". وبعد مراسم التوقيع وافق مجلس الامن بالاجماع على قرار يعد بتقديم دعم سياسي واقتصادي فور اقرار السلام في السودان. وتعهد مجلس الامن في قراره الرقم 1574 في جلسته الاستثنائية في نيروبي "بمساعدة الشعب السوداني في جهوده لبناء وطن مسالم وموحد ومزدهر فور ابرام اتفاق سلام شامل في جنوب السودان وبشرط ان تفي الأطراف بجميع التزاماتها وخصوصا تلك التي قطعتها في ابوجا ونجامينا". وأعرب المجلس عن "قلقه العميق ازاء انعدام الامن والعنف المتزايدين في دارفور والوضع الانساني المأسوي والانتهاكات المستمرة لحقوق الانسان والخروقات المتكررة لوقف اطلاق النار"، وأكد مجدداً "في هذا الشأن وجوب ان تفي جميع الأطراف بالتزاماتها الواردة في قراراته السابقة ذات الصلة بالسودان". وطالب القرار "القوات الحكومية وقوات المتمردين وجميع المجموعات المسلحة الاخرى بأن تضع حدا على الفور لجميع اعمال العنف والهجمات". وتابع النص: "وكما فعل في قراراته السابقة في شأن السودان، يقرر مجلس الامن الاشراف على احترام الاطراف لالتزاماتها في هذا الشأن، الا في حال صدور قرار جديد عن المجلس لاتخاذ التدابير اللازمة بحق أي طرف لا يفي بالتزاماته". وكان المجلس هدد الخرطوم في قرارين سابقين بفرض عقوبات إذا لم تضع حدا للتجاوزات التي ترتكبها ميليشيات الجنجويد الموالية لها في دارفور بحق المدنيين. وشدد مجلس الامن اخيرا على ان ابرام "اتفاق سلام شامل سيساهم في ارساء السلام الدائم والاستقرار في كل المنطقة وفي حل الازمة في دارفور". وقال السفير الفرنسي في مجلس الامن جان مارك دو لا سابليير ان المجلس أراد ان يكون "موحدا في نيروبي". ولا يتضمن القرار أي تهديدات بفرض عقوبات، وسارعت منظمة "اوكسفام" الانسانية الدولية الى استنكار "ضعف" القرار واتهمت الاممالمتحدة "بعدم التحرك" في دارفور. وقال جيميرا روني من منظمة "هيومن رايتس ووتش" الاميركية للصحافيين "انها خطوة الى الامام في النزاع بين الشمال والجنوب لكنها خطوة الى الوراء بالنسبة لدارفور". وأوضحت المنظمة في بيان في نيروبي "نخشى ان تعتبر حكومة السودان القرار شيكا على بياض لتواصل اضطهادها للسكان المدنيين في دارفور". وسعى رئيس المجلس السفير الاميركي جون دانفورث وهو مبعوث سلام اميركي سابق للسودان الى التقليل من اهمية هذه الانتقادات والاحتجاجات. وأوضح ان "البعض سيقولون والبعض قال فعلاً، انه ليس سوى قرار اضافي ... والحدث ليس سوى مناسبة لالتقاط صورة جماعية جميلة". لكنه اكد "لم نأت الى هنا لحفل أو لالتقاط الصورة بل لتحقيق اهداف". وزاد: "اريد ان اكون واضحاً: العنف والفظائع المرتكبة في دارفور يجب ان تتوقف الآن". وكان طه وقرنق قدما تعهدات مماثلة باستكمال اتفاق سلام ثلاث مرات على الاقل العام الماضي، لكنهما قدما التعهد هذه المرة في وثيقة امام مجلس الامن. وقال دانفورث لكل من طه وقرنق خلال اجتماع المجلس "الأمر يرجع اليكما لاثبات ان الرافضين والمتشككين كانوا على خطأ. اعمال العنف والفظائع التي ترتكب يجب ان توقف الآن. استمعتما لهذه الرسالة بجلاء من مجلس الامن. التزما بها".