عرضت المؤسسة اللبنانية للارسال الموسم الماضي أولى حلقات برنامج"نورت الدار"وكانت الحلقة تكريماً للبنانية نجوى كرم. بعد انقطاع غير مبرر، تعاود ال"إل بي سي"عرض"نورت الدار"هذا المساء على فضائيتها - بعد أن عرضته أول من أمس على الشاشة الأرضية - مع مطربة عريقة تعود إلى الظهور بعد غياب دام أربع سنوات، لتتحدث عن مسيرة فنية لافتة وسجل ذهبي كتبته بأعمال حصدت نجاحاً قل نظيره. ضيفة"نورت الدار"هي المطربة الجزائرية وردة، واحدة من أهم رموز أيام الفن الجميل وأعذبهم. حلقة مميزة تسجل لمصلحة المحطة اللبنانية التي عرفت كيف تعيد وهج البرنامج من خلال استضافة فنانة طال غيابها وكبر اشتياق جمهور ينتظر طلتها ويتلهف لأخبارها. الحلقة سجلت في القاهرة، واستدعت حضور وردة من الجزائر وفريق الإعداد من بيروت. اشتياق الجمهور لوردة بدا واضحاً، فالتصفيق الذي رافق دخولها المسرح - والذي لم يكن مفتعلاً أو استجابة لطلب مدير المسرح - جعلها تقف لمدة طويلة حتى كف التصفيق. استضافت وردة في حلقتها أسماء من اختارتهم هي ليشدوا بأغانيها. أنغام، إيهاب توفيق، وعبدالله الرويشد افتتحوا الحلقة مع باقة من أجمل ما غنت صاحبة الحنجرة الذهبية:"حرمت أحبك"،"نار الغيرة"،"قلبي سعيد"،"اسمعوني"،"اكدب عليك"، و"شعوري ناحيتك". تميز كل من الفنانين الثلاثة بصوته وأسلوبه: رويشد صاحب الصوت القوي، أنغام التي غنت بإحساس عالٍ فأعطت الأغاني شيئاً جديداً خاصاً، وايهاب توفيق الذي شارك مراراً في حفلات تكريم وردة، فغنى باتقان لافت. نجمة"نورت الدار"هي الإعلامية المخضرمة منى غندور، تلك المحاورة اللبقة التي عرفت جيداً كيف تضيف نكهة خاصة على حلقة وردة. كان لا بد من أن تكون غندور مقدمة البرنامج لتعطي الحلقة قيمتها التكريمية وأناقتها الفنية. كان لكل حقبة من حياة وردة ريبورتاجاً خاصاً، يسلط الضوء على الأحداث الفنية والمواقف الشخصية، بدءا من علاقتها الزوجية والفنية مع الملحن بليغ حمدي، وصولاً إلى استقرارها في بلدها الأم الجزائر وتكريمها أخيراً بعد أوبريت"نوفمبر الكرامة"، وعودتها إلى الساحة الفنية عام 1972 بعد قرار الاعتزال الموقت. كما تحدثت وردة عن تفضيلها الفن على الحياة الزوجية، وتعاملها مع كبار الملحنين أمثال محمد عبدالوهاب ومحمد الموجي وسيد مكاوي وحلمي بكر وصلاح الشرنوبي إضافة إلى علاقتها مع العندليب الأسمر والإشارة إلى ما كان يشوبها من شائعات. وبعد كل ريبورتاج، كانت غندور تستقبل ضيوف وردة ليتحدثوا عن علاقتهم بها. استقبلت غندور إلى جانب الفنانين، جاكلين خياط صديقة وردة اللبنانية، والإعلامي وجدي حكيم الذي اعتبرته غندور"موسوعة وردة الفنية"، كما استضافت طبيباً متخصصاً تحدث عن عملية زرع الكبد التي أجرتها صاحبة"في يوم وليلة"، ومدى اهتمامها بهذه القضية. قبل استقبال الفنانين، غنى إيهاب توفيق"أنا مالي"بأسلوبه الخاص وادائه الرصين، ومدحته وردة بالأخلاق العالية والصوت الجميل. و غنى الرويشد"لولا الملامة"بسلاسة واحساس جميل جديد للأغنية، وغرَدت أنغام"في يوم وليلة"برقَة وعذوبة تليق بشخصيتها. واستقبلت وردة الملحن صلاح الشرنوبي الذي اعترف بفضلها عليه، إذ أطلقت مسيرته الفنية مع أغنية"بتونس بيك"التي غناها الفنانون الثلاثة إلى جانب الشرنوبي. أقفلت وردة ستارة التكريم على فكرة استبعادها الغناء مجدداً على المسرح، وإن كان مشروع ألبوم، تختتم فيه مشوار حياتها لا يزال وارداً، شرط أن تجد منتجاً يحترم سيرتها الفنية والكلام واللحن اللائقين. من شاهد حلقة وردة، يلفته ذلك التغيير الذي طرأ على شخصيتها. فمن يعرف وردة، يشعر بأنها كانت متواضعة أكثر من أي وقت مضى، فهي اليوم شبه خارجة من صورة الحياة الفنية. كما يلفته غياب نقاط أساسية، تجنبت غندور إثارتها كون الحلقة تكريمية، مثل علاقتها بشركة"عالم الفن"ومحسن جابر، والعلاقة المتوترة بينها وبين ميادة الحناوي. كما يلاحظ غياب التنظيم عند خروج الفنانين المشاركين... حلقة وردة وتلك الدمعة التي رافقت بريق عينيها طوال الحلقة، تستحق من دون شك المشاهدة.