قدم وزير الخارجية الاميركي كولن باول وثلاثة وزراء آخرين استقالاتهم امس ليرتفع عدد الوزراء المستقيلين الى ستة من اصل 15 وزيراً في الادارة تمهيداً لإستبدالهم بشخصيات اكثر انسجاماً مع الاجندة السياسية اليمينية للرئيس الجمهوري. والى جانب باول، المرشح لرئاسة البنك الدولي، سيغادر الادارة وزيرة الزراعة آن فينيمان ووزير التعليم رود بيج ووزير الطاقة سبنسر ابراهام من اصل لبناني. وكان اعلن الاسبوع الماضي عن استقالة النائب العام جون آشكروفت، الذي حل محله مستشار جورج بوش القانوني البرتو غونزاليس، ووزير التجارة دونالد ايفانز، الذي لم يتقرر بعد من سيخلفه. وكان باول، المحسوب على التيار المعتدل، ابلغ قريبين منه انه سيغادر منصبه لأسباب شخصية، بعد انتهاء الفترة الرئاسية الاولى لبوش. وتعتبر مستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس، والمندوب الدائم لدى الاممالمتحدة جون دانفورث، من ابرز المرشحين لخلافته في المنصب. وكان مقرراً ان يلتقي باول نظيره الاسرائيلي سيلفان شالوم مساء امس الاثنين، ومن ثم المشاركة في قمة اقتصادية في تشيلي يوم الاربعاء. وقد أكد باول نفسه، في مؤتمر صحافي، نبأ الاستقالة وقال انه سيتابع العمل حتي كانون الاول ديسمبر وسيزور مصر لحضور المؤتمر الدولي للعراق حيث يحتمل ان يلتقي وفداً من القيادة الفلسطينية الجديدة، ثم يجري لقاءات اوروبية. ما يعني ان الرئيس بوش لم يحدد بعد البديل الذي سيعينه في الخارجية. واعتبر باول ان أهم الاستحقاقات التي ستبقى على اجندة الديبلوماسية الاميركية في السنوات الآتية "ضمان استمرار مكافحة الارهاب، وتطوير الانجازات في افغانستان، والعمل على الفرصة المتاحة للسلام في الشرق الاوسط". وكان بوش طلب من مدير الموظفين في البيت الابيض اندرو كارد البقاء في منصبه، ما يعطيه دوراً في التشكيلة الوزارية الجديدة في الولاية الثانية. وجاء القرار إثر مشاورات اجراها الرئيس في منتجع كامب ديفيد بحضور نائبه ريتشارد تشيني ومستشارة الامن القومي رايس. وقالت مصادر البيت الابيض ان بوش سيعيد تشكيل فريقه "تدريجاً" على مدى الاسابيع المقبلة قبل نهاية العام، وسط حرص على تحقيق اكبر قدر ممكن من الانسجام بين اعضاء الفريق الجديد تفادياً للإنقسامات التي شهدتها ادارة بوش في سنواتها الاربع الاولى وبخاصة في ما يتعلق بالسياسة تجاه العراق والشرق الاوسط. ولم يعرف بعد ما إذا كان السناتور والمرشح الرئاسي الجمهوري السابق جون ماكاين سينضم الى الادارة ام أنه سيكتفي برئاسة لجنة الشؤون العسكرية في مجلس الشيوخ، والتي تعتبر من اهم اللجان واكثرها نفوذاً في الكونغرس. كما لم يعرف ما إذا كان بوش سيحتفظ لعمدة نيويورك السابق رودولف جولياني بمنصب في ادارته. ويتوقع مراقبون ان يعمد بوش للمرة الاولى، بتشجيع من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، الى تعيين مبعوث خاص الى الشرق الاوسط لإعادة احياء عملية السلام على اساس خريطة الطريق، وهو ما افتقرت اليه ادارته الاولى. يذكر ان باول قدم في الخامس من شباط فبراير 2003 امام مجلس الامن الدولي عرضاً لقي انتقادات واسعة حول اسلحة الدمار الشامل العراقية التي لم يتم العثور على أي منها منذ اطاحة نظام الرئيس العراقي صدام حسين. وفي الشهور الاخيرة كرر باول مرات عدة تصريحات أكد فيها بصراحة أنه "خُدع" مستنكراً النوعية السيئة للمعلومات التي نقلتها اليه اجهزة الاستخبارات. ولم يتخذ أي مسؤول أميركي مثل هذا الموقف حتى بعد صدور تقارير المفتشين الاميركيين عن الاسلحة في العراق. لذلك يحمل خروج باول من الادارة مؤشرات الى اتجاهات بوش في ولايته الثانية، بمقدار ما يعبر عن موقف شخصي حانق، خصوصاً ان فريق "الصقور" استغله كوجه مقبول دولياً لكنه خذله مراراً. وكانت سرت منذ اشهر تكهنات عدة في الاوساط السياسية والصحافة الاميركية بشأن استقالة باول، احدى الشخصيات الاكثر شعبية في الولاياتالمتحدة الاميركية. وكان يرد باستمرار على هذه التساؤلات بالقول أنه "يخدم بحسب ارادة الرئيس". الا ان باول الحريص على حماية خط ديبلوماسي متعدد الاتجاهات، عبر مرات عدة عن احباطه في مواجهة التوتر مع "صقور" ادارة بوش، وابرزهم وزير الدفاع دونالد رامسفلد ونائب الرئيس ديك تشيني.