تمت عملية انتقال السلطات والمسؤوليات التي كانت مناطة بالرئيس ياسر عرفات بسلاسة وهدوء وبسرعة كبيرة وبحسب اللوائح الداخلية والقانون الفلسطيني الاساسي، وسط حال من الوجوم والحزن الشديدين خيمت على المراسم الرسمية التي جرت لانتخاب الرئيس الجديد لمنظمة التحرير الفلسطينية ولجنتها التنفيذية محمود عباس ابو مازن، واداء رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني روحي فتوح اليمين القانونية لتولي مهمات رئيس السلطة الفلسطينية لمدة لا تزيد على 06 يوماً تجري خلالها انتخابات عامة وفقاً للمادة 73 من القانون الاساسي. وبقي انتخاب رئيس دولة فلسطيني، وهي مسألة يحددها المجلس الوطني الفلسطيني. وخلف عرفات في رئاسة حركة"فتح"امين سرها، رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير فاروق القدومي، وهو من قيادات"فتح"القلائل الذين رفضوا العودة الى الضفة الغربية بعد اتفاقات أوسلو وما زال يعيش في تونس. وجرت عملية انتخاب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بموافقة اعضائها ال41، بمن فيهم فاروق القدومي الذي طرح اسمه كمرشح في الاجتماع الذي انفض في العاشرة صباحاً بالتوقيت الفلسطيني في المقر الرئاسي في مدينة رام الله. وفي مقر المجلس التشريعي الفلسطيني على بعد مئات الامتار فقط من المقاطعة، غصت القاعة بعشرات القادة والمسؤولين الفلسطينيين البارزين في خليط جمع بالاضافة الى النواب الفلسطينيين، أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واعضاء اللجنة المركزية لحركة"فتح"ورئيس الوزراء احمد قريع ابو علاء ومسؤولي الفصائل الفلسطينية المختلفة، وكبار قادة أجهزة الأمن الفلسطينية من بينهم ابن شقيقة الرئيس الراحل، العميد موسى عرفات وابن عمه العقيد ربحي عرفات واحمد القدوة والعميد صائب العاجز. وتبادل الجميع قبيل التئام الجلسة التعازي بوفاة"الشهيد الكبير"عرفات. وحضر مراسم اداء اليمين القانوني ممثلو قناصل وسفراء عرب وأجانب. وأكد نائب رئيس المجلس التشريعي حسن خريشة في كلمة افتتاحية مقتضبة ان"غياب الرئيس لا يعني غياب القضية ولا غياب الحلم"، وحيا"الشهيد الكبير والقائد الذي ترجل". وأدلى رئيس السلطة الفلسطينية الموقت روحي فتوح بتأثر شديد رسالة نعي وتعزية باسم السلطة للشعب الفلسطيني بفقدان الرئيس الفلسطيني، متعهداً السير على خطاه بعدما أدى اليمين بحضور الشاهدين، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون ورئيس محكمة العدل العليا الفلسطينية زهير الصوراني، وفقاً لما هو منصوص عليه في القانون الاساسي الفلسطيني. وجرت محاولات لاقناع النواب الفلسطينيين بتعديل القانون الأساسي بشكل لا يتيح لفتوح تسلم مهمات رئاسة السلطة ولو موقتاً بحسب القانون، غير ان اللجنة التنفيذية للمنظمة واللجنة المركزية ل"فتح"والمجلس التشريعي حسمت الأمر لجهة التزام القانون بحذافيره واحترامه نصاً وروحاً. وينحدر فتوح من عائلة فلسطينية في رفح جنوب قطاع غزة، وعاد الى فلسطين بعد التوقيع على اتفاقات اوسلو مع السلطة الفلسطينية في العام 4991. وكان شغل منصب رئيس اتحاد الطلاب في دمشق أواخر السبعينات، ثم انتخب نائباً عن مدينة رفح عام 1996 في الانتخابات التشريعية والرئاسية، وانتخب نائبا اول لرئيس المجلس التشريعي. وبعدما قدم احمد قريع ابو علاء استقالته من رئاسة المجلس تمهيداً لتكليفه تشكيل حكومة فلسطينية جديدة، فاز فتوح بغالبية اصوات اعضاء المجلس. وأعلن الحداد العام لمدة 40 يوماً واغلقت المؤسسات العامة والمحال التجارية ابوابها وتوقف العمل لمدة ثلاثة أيام في كامل الاراضي الفلسطينية ومخيمات الشتات، فيما نكست الاعلام ورفعت الاعلام السوداء. وبثقل شديد، بدأت عملية التحضير لمرقد عرفات في المجمع الرئاسي المقاطعة حيث سوي مكان المسجد الذي دمرته قوات الاحتلال الاسرائيلي قرب مهبط مروحية الرئيس خلال اجتياحها وحصارها للمقر في العام 2002. وعلمت"الحياة"ان امنية الرئيس الفلسطيني وحلمه الذي لم يتحقق بدفنه قرب المسجد الأقصى سيحقق جزئياً بعد ان احضر عدد من شباب حركة"فتح"حفنة من ثرى المسجد الاقصى ليوارى بها عصر اليوم بعد وصول الجثمان من القاهرة حيث يلقي رؤساء وزعماء العالم نظرة الوداع الاخيرة عليه، قبل ان يتوجه الى رام الله والى الموقع الذي فرضت عليه اسرائيل حصاراً هو الاطول في حصارات الرئيس المتعددة دام نحو ثلاث سنوات ولم يكسره سوى المرض عندما غادر الرئيس المقاطعة في 92 تشرين الاول اكتوبر الماضي في رحلة"علاج"الى باريس حيث أعلنت وفاته من"مرض غامض"لم تعرف طبيعته.