بقي الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مساء أمس في غيبوبة عميقة ووضع صحي شديد التدهور، فيما استمرت الترتيبات بين الفلسطينيين والفرنسيين استعداداً لاحتمال وفاته في موازاة ترتيبات اتفق عليها القادة الفلسطينيون لضمان عدم نشوء فراغ في القيادة في حال اعلان الوفاة، من بينها ان يصبح رئيس المجلس التشريعي روحي فتوح رئيساً للسلطة الفلسطينية لستين يوماً في حال اعلان وفاة الرئيس عرفات. ويعود قرار الاعلان عن وفاة الرئيس الفلسطيني الى زوجته سهى عندما يبلغها الأطباء في مستشفى بيرسي العسكري بذلك. وعلم ان الاعلان الرسمي عن الوفاة سيتم من مكان رمزي في المناطق الفلسطينية. وذكرت مصادر مطلعة ان الوفد الفلسطيني الذي زار باريس اول من امس تناول الموضوع مع سهى عرفات وانها بدت متفهمة. راجع ص 4 و5 و6 و7 ومن المتوقع عند اعلان وفاة الرئيس عرفات نقله على متن طائرة فرنسية الى القاهرة حيث سيحضر مراسم التشييع وزير الخارجية الفرنسي ميشيل بارنييه على ان يقدم الرئيس الفرنسي جاك شيراك تحية وداعية قبل مغادرته الأراضي الفرنسية. وصرح وزير الشؤون الخارجية الفلسطيني نبيل شعث لقناة "سي.ان.ان." التلفزيونية امس بان الرئيس عرفات يعاني من فشل كبدي وكلوي. ووصفت مصادر فلسطينية ما يعانيه عرفات بالقول: "انها عذابات الفصل الاخير". وكان قاضي القضاة الشرعيين في الاراضي الفلسطينية الشيخ تيسير التميمي قال بعد زيارته الرئيس عرفات امس في مستشفى بيرسي ان الرئيس "لا يزال على قيد الحياة. انه مريض ووضعه سيئ جداً لكنه لا يزال حياً". واضاف: "بقيت الى جانب عرفات ساعة ورجوت الله ان يخفف عنه آلامه". وكان الشيخ التميمي قال لدى وصوله الى المستشفى ان "من غير المطروح سحب الاجهزة الطبية التي تساعد الرئيس الفلسطيني في البقاء على قيد الحياة. هذا مخالف للشريعة التي تحرم مثل هذا التصرف. طالما كان في جسمه دفء وحياة، لا يمكننا اطفاء الاجهزة". ومن جهتها، قالت مفوضة فلسطين العامة في فرنسا ليلى شهيد ظهر امس ان الرئيس عرفات "لا يزال على قيد الحياة وفي غيبوبة عميقة". واضافت: "لم يطرأ اي تغيير على وضعه". واضافت ان عرفات "يقاوم ومتشبث بالحياة". وفي رام الله اتفق القادة الفلسطينيون مساء اول من امس على نقل جثمان الرئيس في موكب عسكري الى مطار القاهرة على ان تقله من هناك طائرة خاصة مباشرةً الى رام الله لاجراء مراسم الدفن داخل مقر الرئاسة الذي حوصر فيه عرفات على مدى ثلاث سنوات. واكدت مصادر فلسطينية رسمية ل"الحياة" ان الوفد الفلسطيني المشارك في المراسم الرسمية في القاهرة يضم قياديي جميع التنظيمات والفصائل الفلسطينية على مستوى الصف الاول من بينهم جورج حبش ونايف حواتمة واحمد جبريل وخالد الفاهوم وخالد مشعل وغيرهم من الامناء العامين ورؤساء الفصائل والحركات. واكدت مصادر فلسطينية مطلعة ل"الحياة" ان مسجداً كبيراً سيبنى في موقع "مهبط" مروحية الرئيس عرفات في المقر الرئاسي في رام الله وسيدفن داخله. وقال رفيق النتشة عضو المجلس التشريعي الفلسطيني ان دفن الرئيس في حال موته سيكون موقتاً في رام الله الى حين دفنه في القدس الشريف مثواه الاخير. وتم الاتفاق خلال اجتماعي اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة "فتح" كبرى الفصائل الفلسطينية بغالبية الاصوات على ضرورة احترام القانون الاساسي بحذافيره في ما يتعلق بالبند الذي ينص على "تولي رئيس المجلس التشريعي مهمات منصب رئيس السلطة الفلسطينية في حال غيابه لمدة لا تزيد على ستين يوماً حتى يتم اجراء انتخابات". واعلن الامين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبدالرحيم ان القيادة والهيئات الفلسطينية قررت ان يتولى رئيس المجلس التشريعي روحي فتوح رئاسة السلطة ستين يوماً في حال وفاة الرئيس عرفات. وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان اعضاء في اللجنة المركزية لحركة "فتح" وآخرين في اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير طرحوا في اليومين الماضيين امكان الدعوة الى جلسة طارئة للمجلس التشريعي الفلسطيني بعد الانتهاء من المراسم الجنائزية لادخال تعديل على الدستور يصبح بموجبه ممكناً ان ينتخب اعضاء المجلس محمود عباس ابو مازن رئيسا للسلطة الفلسطينية، غير ان هذا الطرح استبعد في جلسات القيادة الفلسطينية امس بسبب عدم حصوله على موافقة غالبية لا في اللجنة التنفيذية ولا في اللجنة المركزية لحركة "فتح". واكد قيس عبدالكريم عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين وممثلها في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ل"الحياة" انه بعد الاعلان عن وفاة الرئيس تنعقد اللجنة التنفيذية على الفور وتنتخب رئيساً لها وتدعو بعد ذلك المجلس المركزي الذي يشكل حلقة الوصل بين اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني الفلسطيني في منظمة التحرير لإحاطته علماً باختيارها. ويجمع المراقبون على ان "ابو مازن" وهو الرجل الثاني في اللجنة التنفيذية وامين سرها هو الاكثر حظاً لتولي هذا المنصب. وصل الى القاهرة امس نبيل أبو ردينة ومحمد رشيد مستشارا الرئيس الفلسطيني في زيارة تستمر اياماً عدة لإجراء ترتيبات مع المسؤولين المصريين بخصوص جنازة الرئيس الفلسطيني في حال وفاته. وقال أبو ردينة لوكالة أنباء الشرق الأوسط ان حال عرفات "سيئة جداً" وان العدىد من الاجهزة العاملة في جسده توقفت، إلا ان قلبه لا زال ينبض. وأشار الى ان القيادة الفلسطينية قررت ايفادهما الى القاهرة لترتيب اجراءات الجنازة وتلقي العزاء. اما الباقون من أعضاء القيادة فيستعدون في رام الله لاستقبال الجثمان. وأوضح ان آخر التقارير الواردة من المستشفى في فرنسا "أشارت الى تزايد الخلل في الصفائح الدموية لعرفات إلا اننا ما زلنا يعدونا الأمل في معجزة إلهية تُعيد لنا أبو عمار".