زرعت الكينية ونغاري ماتاي 30 مليون شجرة منذ العام 1977، لتحصد جائزة نوبل للسلام لسنة 2004. وبعد نقاشات طويلة جرى خلالها تداول اسماء 194 مرشحاً للجائزة، بينهم شخصيات معروفة عالمياً مثل مدير وكالة الطاقة الذرية محمد البرادعي وفاضح اسرار الترسانة النووية الاسرائيلية موردخاي فعنونو، قررت اكاديمية نوبل في النروج ان يرسو اختيارها بعيداً من المناطق السياسية الساخنة. وكرمت الأكاديمية مناضلة جاهدت من أجل البيئة ووصفتها بأنها "تفكر على مستوى عالمي وتعمل على صعيد محلي". ورأت أن ماتاي "صوت قوي لشحذ الهمم في أفريقيا، من أجل تعزيز السلام وتحسين مستوى العيش في القارة السمراء". وسجل كشف فوز ماتاي مبكراً، خرقاً للسرية التي تتبعها لجان نوبل في اختيارها لاسماء الرابحين بالجائزة، اذ فاجأت الناشطة البيئية الاوساط الاعلامية باتصالها بمندوبيها قبل نصف ساعة من إعلان الجائزة، لتؤكد فوزها بنوبل للسلام. وأشارت الى ان السفير النروجي في كينيا اتصل بها وبشرها بالفوز، الامر الذي دفع اللجنة الى التأكيد مجدداً على أنها ستبذل اقصى الجهود لعدم تكرار هذا الخرق في المستقبل. وعلى رغم أن الكينية ونغاري ماتاي غير معروفة عالمياً، فإن حضورها دائم في المنطقة الاسكندنافية، فهي حصلت على جوائز عدة من السويد والنروج خلال السنوات العشر الماضية. وهي معروفة في الاوساط الاوروبية الاسكندنافية بنضالها الدؤوب من أجل حماية البيئة والديموقراطية وتحسين وضع الفقراء في كينيا. كذلك اشتهرت بتأسيسها منظمة الحزام الاخضر العام 1997، وهي منظمة عملت على توعية النساء في كينيا كي يزرعن قدر المستطاع من الأشجار في المناطق التي يهددها التصحر. ومن المعروف ان الاشجار تغطي 2 في المئة من مساحة كينيا حالياً، فيما كانت تغطي ثلاثين في المئة قبل مئة عام، لأن الكينيين يستخدمون الحطب وسيلة للتدفئة وطهو الطعام. وماتاي التي تبلغ من العمر 64 عاماً وتشغل منصب نائب وزير البيئة الكيني، تتطلع الى شهر كانون الاول ديسمبر المقبل، لتتسلم قيمة الجائزة المادية والتي تعادل مليون يورو. ورأى مراقبون أن اختيار لجنة نوبل لماتاي يأتي في ظروف يصعب فيها اتخاذ موقف واضح من الازمات العالمية كالارهاب وانتشار السلاح النووي، وذلك لحساسية علاقة الدول الغربية بعضها ببعض، وغياب موقف غربي موحد في بعض القضايا. وأوضحت لجنة نوبل في قرارها أن السلام "مرتبط بالحصول على بيئة سليمة ونظيفة، وماتاي تقف في مقدمة العاملين بحرص على تحسين الوضع البيئي والاقتصادي والثقافي في وطنها كينيا والقارة الافريقة ككل، وهي تحمل رؤية شاملة لتطور وتحسين الديموقراطية وحقوق الانسان وخصوصاً حقوق النساء". ولقي اختيار اللجنة ترحيباً واسعاً من جانب الرسميين في الدول الاسكندنافية، وعلقت وزيرة البيئة السويدية لينا سوميستاب عليه بالقول ان "لجنة نوبل للسلام أحسنت الاختيار، كون ماتاي امرأة شجاعة جداً وكرست جل حياتها للنضال من أجل البيئة وحقوق النساء". وأضافت سوميستاب: "هناك رابط قوي بين البيئة والسلام وصاحبة الجائزة أثبتت أهمية حماية البيئة للحد من النزاعات العسكرية والسياسة، وأحقية الشعوب في استخدام الثروات المائية والاراضي الخصبة ومصادر الطاقة". ومعلوم أن الدول الاسكندنافية تولي اهتماماً كبيراً بالبيئة. وتخصص من موازنتها السنوية مبالغ طائلة لتطوير هذا القطاع، وربما جاء عنوان البيئة ليكلل "سلام نوبل" لهذا العام، نابعاً من اهتمام أصحاب الجائزة بالطبيعة والانسان.