نيروبي - أ ف ب (خدمة دنيا) - كانت الكينية وانغاري ماثاي التي توفيت قبل يومين عن 71 سنة، المرأة الأفريقية الأولى التي تنال جائزة نوبل للسلام، تقديراً لنضالها ضد إزالة الغابات، وهي رائدة في مجال مكافحة التغير المناخي. نالت ماثاي، المعروفة بنضالها البيئي في بلادها منذ سبعينات القرن العشرين، شهرة عالمية بحصولها على جائزة نوبل للسلام عام 2004، وأشادت لجنة التحكيم ب «مقاربة ماثاي الشمولية في ما يتعلق بتنمية مستدامة تشمل الديموقراطية وحقوق الإنسان، خصوصاً المرأة». واعتبرت ماثاي، المتمتعة بشخصية قوية وطاقة كبيرة، رائدة في أفريقيا لأنها ربطت قضية النضال من أجل البيئة بقضية حقوق الإنسان والحريات السياسية. وُلدت في الأول من نيسان (أبريل) 1940 في ايهيثي بوسط كينيا، وكانت من اليافعين النادرين الذين تلقوا تعليماً في تلك الحقبة، بفضل إصرار شقيقها البكر نديريتو على تسجيلها في مدرسة للراهبات الكاثوليكيات. حصلت في الستينات على منحة أميركية أتاحت لها دراسة علم الأحياء، وعادت لاحقاً إلى كينيا التي كانت قد نالت استقلالها حديثاً، وأصبحت عام 1971 المرأة الأولى التي تنال شهادة دكتوراه في وسط أفريقيا وشرقها. وفيما كان أفراد كثر من النخبة الجديدة يستفيدون من صلاحيات السلطة إلى حد استغلالها أحياناً، آثرت الخريجة المناضلة الاستفادة من منصبها لمساعدة مواطنيها الأقل حظوة. تنبهت ماثاي التي كانت عضواً في المجلس الوطني لنساء كينيا، إلى التهميش الذي تتعرض له النساء في وطنها، فحضّتهن على زرع الأشجار لتأمين حاجاتهن المتعلقة بالتدفئة والطبخ، من دون إلحاق الضرر بالبيئة المعرضة أساساً لأخطار عدة. وفي سيرتها الذاتية التي نشرت عام 2006 تحت عنوان «أنباود: وان وومنز ستوري» (متمردة: قصة امرأة)، تحدثت عن تدهور البيئة في منطقتها الجبلية ماونت كينيا. أسست ماثاي، عام 1977، «حركة الحزام الأخضر» التي هدفت إلى زرع أكثر من 47 مليون شجرة. وتولت إدارة الصليب الأحمر الكيني في السبعينات، وشاركت في الحملة المناهضة لنظام الرئيس الكيني السلطوي دانييل أراب موي. وهذه الثائرة، التي تعرضت مراراً وتكراراً لإصابات خلال التظاهرات، أدخلت السجن مرات عدة. وبعد بروز التعددية الحزبية وانتخاب الرئيس مواي كيباكي عام 2002، عيّنت وزيرة للبيئة بين عامي 2003 و2005. لكن سرعان ما خاب ظنها بهذه التجربة. وعندما كادت كينيا تغرق في الفوضى نتيجة أعمال العنف التي رافقت إعادة انتخاب كيباكي في كانون الأول (ديسمبر) 2007، اتهمت هذا الأخير ب «الفشل في حماية مواطنيه وممتلكاتهم»، ما أدى إلى تلقيها تهديدات بالقتل على حد قولها. وأثارت تصريحاتها المثيرة للجدل في شأن مرض الإيدز عام 2003، والتي اعتذرت عنها لاحقاً، حفيظة كثيرين خصوصاً في واشنطن. وكان من آخر أعمالها إطلاق مبادرة للحفاظ على غابة حوض الكونغو التي تعتبر الكتلة الثانية في العالم للغابات المدارية.