قطعت عروس فلسطينية مسافة 1500 متر تقريبا سيراً على الأقدام بمحاذاة شاطئبحر غزة مساء الثلثاء للالتفاف على دبابات الاحتلال المتمركزة على الطريق الساحلية في حي الشيخ عجلين الساحلي بمدينة غزة للوصول إلى عريسها الذي لم يتمكن من الوصول إليها بسبب إغلاق الطريق. العروس ليلى 22 عاماً كانت ترتدي فستان الزفاف الأبيض، بينما كانت قدماها تغوصان في رمال الشاطىء حتى تمكنت من الوصول إلى الجانب الآخر من الطريق حيث كان يقف عريسها ينتظرها لإتمام مراسم الزفاف . وتقضي التقاليد الفلسطينية بأن تبقى العروس في منزل عائلتها يوم الزفاف إلى حين قدوم العريس برفقة أهله كي يأخذوها وأهلها إلى المكان المحدد للزفاف، لكن في ظل وجود الاحتلال يبقى كل شيء معرضاً للتغيير والتبديل وفقا للتطورات والعقبات على الأرض. في يوم الزفاف المقرر منذ شهر فوجئ العريس وأهله، الذين كانوا في مقدمة موكب كبير متجه من محل إقامتهم في مخيم المغازي 8 كلم جنوب الى مدينة غزة حيث منزل العروس، باستمرار إغلاق قوات الإحتلال الإسرائيلي للطريق التي تفصل مدينة غزة عن المحافظة الوسطى في قطاع غزة بما يشمل مخيم المغازي. وانتظروا نحو ساعة على أمل أن تفتح قوات الاحتلال الطريق، لكن آمالهم تبددت، فاتصل العريس بعروسه لإطلاعها على الموقف الذي هم عليه، وربما لاستمزاج رأيها في تأجيل حفل الزفاف، لكنه فوجئ بإصرارها على إتمام مراسم الزفاف وطالبته بأن ينتظرها حيث هو. حاول والد ليلى ووالدتها ثنيها عما تفكر في الإقدام عليه لكنهما فشلا في ظل اصرارها ورغبتها في اتمام مراسم الزفاف على رغم كل الظروف المحيطة. وأمام هذه الرغبة لم يجدوا بداً من تحقيق رغبتها بل ومرافقتها إلى حيث يقف عريسها. وفعلا شرعت العروس برفقة عدد قليل من ذويها في السير على رمال الشاطئ للالتفاف على الدبابات وصولا إلى عريسها في الجهة المقابلة. وتبرر ليلى موقفها هذا بأنها رفضت بإصرار الاستسلام لإرادة الاحتلال مهما بلغت سيطرته على الأرض. وقالت: "على رغم ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ألم ومعاناة جراء الحصار والإغلاق والقتل اليومي، يجب أن تظل أصوات الزغاريد والأفراح قائمة، ويجب أن تستمر الحياة". ولم يخف العريس محمود في اتصال هاتفي مع "الحياة" إعجابه بإصرار عروسه على إتمام مراسم الزفاف، والاستغناء عن جزء كبير من تقاليد الأفراح الفلسطينية، التي تتطلب حضور عدد كبير من الأهل والأصدقاء، والخروج بموكب كبير من السيارات والحافلات انطلاقا من منزل العروس وصولا إلى المكان المحدد لإتمام مراسم الزفاف. وقال محمود: "لم أكن أتوقع أن يتم الزفاف، فقد كان إغلاق الطريق يمثل بالنسبة لي الصخرة التي تحطمت عليها آمالي، إذ أن إلغاء الزفاف كان سيكلفني الكثير مالياً في ظل ما نعانيه من ضائقة اقتصادية خانقة، فضلا عن المعاناة النفسية". وهنا تدخلت عروسه ليلى وقالت: "عندما اتخذت القرار بأن يتم الزفاف رغم كل الظروف وضعت في الاعتبار ما تحمله محمود من تكاليف رسوم حجز صالة الأفراح وطباعة بطاقات الدعوة وحجز السيارات وما إلى ذلك". واضافت: "لقد كانت تجربة فريدة، غير أنني لا أتمنى أن تمر بها أي عروس غيري، ولكن إذا وضعت أي عروس في الموقف ذاته فالافضل ان لا تستسلم لإرادة الاحتلال وتمضي في اتمام الزفاف". في ذات اللحظة التي كانت تزف فيها ليلى إلى عريسها محمود، كانت دبابات الاحتلال وجرافاته تمارس القتل وهدم البيوت، وتشرد المئات من الفلسطينيين في أنحاء مختلفة من القطاع. واختلطت أصوات الزغاريد بدوي القذائف.