تبدو الفلوجة 60 كلم غرب بغداد اليوم خالية من سكانها وينتشر فيها حطام البيوت واشلاء السيارات. وحركة السيارات شبه معدومة والمحلات التجارية مغلقة إلا ما ندر من المطاعم. اما حركة الفلوجيين فتقتصر على الرجال الذين بقوا وحدهم في المدينة فيما نزحت النساء والاطفال الى خارجها. حي الشهداء وحي العسكري باتا، منذ شهرين، خاليين كونهما محاذيين للشارع الرئيسي الذي يعج بالارتال العسكرية الاميركية التي لا تتواني عن اطلاق النار على البيوت حين تتعرض لهجمات، كما ادى تمركز العناصر المسلحة فيهما الى تحولهما لساحة حرب. العائلات التي كانت تسكن حي الشهداء والحي العسكري نزحت الى المدينة السياحية في الحبانية، حيث استقرت اكثر من 750 عائلة في بعض المنازل والمؤسسات وورش الصيانة والمحال التجارية. وعلى رغم توافر الماء والكهرباء فيها الا ان العائلات النازحة تعيش وضعاً لا تحسد عليه، فهي تعاني من عدم توافر الغذاء والدواء وعدم التفات المنظمات الانسانية اليها. وتقول السيدة ام نور، التي كانت تسكن حي الشهداء: "هدم منزلي واصبح ركاماً فغادرت الحي الى بغداد ثم الى الحبانية". واضافت: "أحصل على الغذاء من عائلتي في بغداد التي تزورني بين حين وآخر، واذا مرض احد اطفالي استخدم الوسائل الشعبية المتداولة في معالجته الى حين وصول الدواء". وتلقي العائلات النازحة باللوم على الحكومة العراقية "لتركيزها على تخليص الفلوجة من الجماعات الارهابية من دون ان تأبه بالعائلات النازحة عنها والتي تعيش ظروفاً مأسوية بعدما باتت بلا مأوى". ويقول الشيخ سعدون حميد "قتل ولدي بقذيفة هاون سقطت على منزلنا في الحي العسكري، فحملت عائلتي الى الحبانية بينما تسيطر جماعات مسلحة على بيتي المهدم". وبعد اشتداد القصف الجوي على المدينة نزحت عائلات اخرى من حي النزال والحي الصناعي إلى خارج المدينة. ويؤكد برهان صالح، الذي نزح مع والديه، ان 75 في المئة من العائلات تركت المدينة واضطرت الى النزوح الى بغداد او النواحي القريبة من الفلوجة. اما حي الجمهورية، قلب المدينة واكثر الاحياء استقراراً، فشهد هو الآخر نزوحاً كبيراً خصوصاً بعد قصف القوات الاميركية مواقع فيه يشتبه بايوائها أنصاراً لأبي مصعب الزرقاوي او مخابئ للأسلحة، الامر الذي دفع بسكانه الى ترك منازلهم. وتشير العائلات النازحة الى انها لا تخضع للتفتيش في حال خروجها من المدينة، وتؤكد ان سبب نزوحها الخشية من فرض الحصار على الفلوجة مرة ثانية واشتداد القصف عليها بحيث لا تتمكن من الخروج حينها الى منطقة آمنة. وتنتشر قوات الحرس الوطني وعناصر الشرطة العراقية داخل الفلوجة فيما تسيطر القوات المتعددة الجنسية على مداخلها الاربعة.