عاد النائب ديدييه جوليا الى باريس حيث سيكون عليه توضيح ملابسات مبادرته المثيرة للجدل، لاطلاق الصحافيين الفرنسيين كريستيان شينو وجورج مالبرونو المحتجزين في العراق، والتي أدت الى اخفاء تعقيدات اضافية على صعيد وضعهما، وتطرح تساؤلات حول طبيعة الدور الذي لعبته سورية في هذا الاطار. وجاء ذلك في وقت أطلقت جماعة "الجيش الاسلامي في العراق" اندونيسيتين كانت تحتجزهما مع رهائن أخرين بينهم لبنانيان. في باريس، قال النائب ايف سانيس، الناطق باسم حزب "الاتحاد من أجل الحركة الشعبية" اليمين الحاكم الذي ينتمي اليه جوليا انه يأسف لاضطراره الى التعليق على مبادرة كان يمكن وصفها "بالتهريج المأسوي" لولا ان من شأنها تعريض حياة الصحافيين للخطر وعرقلة المساعي التي تقوم بها الديبلوماسية الفرنسية في شأنهما. وأضاف انه إذا كان جوليا "أضاع الشعور بالمسؤولية، نتوقع منه على الأقل أن يستعيد الشعور بالمصلحة العامة"، مشيراً الى أن اتخاذ عقوبات في حقه أمر يعود الى الكتلة النيابية التابعة لحزبه. ويأتي كلام سانيس بعد تصريح رئيس الكتلة النيابية لحزب الاتحاد برنار اكدييه الذي أشار الى ان مكتب الكتلة سيجتمع اليوم الثلثاء وسيتخذ عقوبات في حق جوليا "بمستوى خطورة تصرفاته". وكان جوليا ومعاونه فيليب بريت اللذين عرفا بمواقفهما المناهضة للحظر الدولي الذي طبق على العراق، تحولا الى محط أنظار الاعلام الفرنسي والأجنبي عبر مبادرة أقدما عليها وكادت تؤدي على حد قولهما للافراج عن الصحافيين الفرنسيين. وتوالت على مدى الأسبوع الماضي التصريحات الصاخبة التي أطلقها كل من جوليا وبريت تارة من بغداد وتارة من دمشق، حول اقترابهما من هدفهما، وتدافقت مع مواقف نقدية حيال الديبلوماسية الفرنسية وأخرى تتجاهل الحساسية التي تتسم بها في هذه المرحلة العلاقات الفرنسية السورية من جهة والعلاقات الفرنسية الأميركية من جهة ثانية. وفي موزاة هذه التصريحات، حرصت الأوساط الرسمية الفرنسية على التأكيد أن جوليا لا يحظى في اطار مبادرته بأي تكليف أو أي تأييد رسمي لا على المستوى البرلمان ولا على مستوى رئاسة الجمهورية. ووسط الانتقادات التي وجهت في فرنسا أمس في صفي اليمين الحاكم والمعارضة اليسارية الى مبادرة جوليا التي باءت بالفشل، كشفت صحيفة "لوموند" أن الاستخبارات الفرنسية الخارجية أبلغت السلطات الفرنسية بها منذ بدء الإعداد لها في أيلول الماضي. ولكن أوساط فرنسية مطلعة أكدت الطابع المنفرد لمبادرة جوليا وأشارت الى انها لم تفشل وحسب بل انها تسببت بقطع الاتصال غير المباشر الذي تمكنت السلطات الفرنسية من اقامته مع الخاطفين. وقالت ان الأوساط الرسمية التي أعربت في بداية مهمة جوليا عن حذرها حيالها، ما لبثت ان أبدت شجبها لها بعدما لمست خطورة الأجواء التي تثيرها على الصعيدين الداخلي والخارجي. وأشارت صحيفة "لونيفارو" الى ان بريت وخلافاً لما ادعاه، لم يكن في أي وقت مع الرهائن وانه عندما أعلن ذلك كان موجوداً في دمشق وليس في العراق، مؤكدة أنه لم يجر اتصال مع الأميركيين م للافراج عن الصحافيين. وفيما تواصل الديبلوماسية الفرنسية مساعيها من عمان للافراج عن شينو ومالبرونو، والتي انتقل الأمين العام لوزارة الخارجية جان بيار لافون اليها منذ الجمعة الماضي، يبدو أن مهمة جوليا والصخب الاعلامي الذي أحاطها أديا الى آثار سلبية كانت فرنسا في غنى عنها في هذا الظرف. ففي حين أساءت هذه المبادرة الى الاجماع الداخلي الذي كان برز حول قضية الرهينتين، أرغمت الديبلوماسيين الفرنسيين العاملين على الأرض على معاودة السعي لربط خيط الاتصال الدقيق الذي انقطع مع الخاطفين. ودعا الأمين العام للحزب الاشتراكي المعارض فرانسوا هدلاند الحكومة الى العمل فوراً على وقف التضارب والتشوش الذي تسببت هذه المبادرة به. والأهم هو أن المبادرة أثارت تساؤلات متعددة حول طبيعة الدور الذي أرادت سورية ان تلعبه من خلال اعطائها تأشيرتي دخول الى اراضيها الى جوليا وبريت، وحول مدى واقعية التكهنات القائلة بأن الخاطفين خاضعين للسيطرة السورية، التي توحي في حال ثبوتها بأن قضية الصحافيين باتت رهناً بتطور الأزمة القائمة على صعيد العلاقات الفرنسية السورية، بسبب القرار 1559 حول سيادة لبنان واستقلاله. في عمان، قال صاحب الشركة التي يعمل لمصلحتها رهينة أردني هددت مجموعة مسلحة في العراق بقتله، ان الخاطفين يطالبون بفدية بقيمة 500 الف دولار للافراج عنه، مع انه كان اعلن عن وقف نشاطات الشركة في العراق تلبية لمطلبهم. وقال مدير شركة "ستارلايت" محمد سامح العجلوني إن الرهينة هشام طالب العزة "اتصل بي هاتفياً وأبلغني بأن الخاطفين يطلبون دفع نصف مليون دولار من أجل تحريره". وأضاف المدير الاقليمي للشركة "نفذنا المطلوب وأغلقنا مكاتب الشركة في العراق وأوقفنا نشاطنا حفاظاً على مصلحة العاملين"، مضيفاً أن دفع الفدية المطلوبة "صعب جداً لأنها شركة صغيرة". وقال عبيد في نداء وجهه عبر قناة "العربية" الفضائية "باسم المدير العام لشركة "ستارلايت": "نناشدكم سرعة اطلاق هشام طالب العزة والرحمة والشفقة ونحن على أتم الاستعداد للتفاوض معكم لتسهيل المهمة وعلى الفور". وكانت مجموعة عراقية مسلحة هددت بقتل الرهينة الاردني هشام العزة في غضون 72 ساعة اذا لم توقف الشركة نشاطاتها في العراق. من جهة أخرى، اعلن تلفزيون "أبو ظبي" الاماراتي ان اندونيسيتين كانتا محتجزتين في العراق لدى مجموعة مسلحة أطلقتا وسلمتا الى سفارة الامارات في بغداد. وأوضح تلفزيون ابوظبي "تسلمت سفارة دولة الامارات في بغداد الرهينتين الاندونيسيتين اللتين أطلقتا"، مضيفاً أنهما "ستسلما الى اللجنة الدولية للصليب الأحمر" في بغداد. في لندن، أعلن بول بيغلي شقيق الرهينة البريطاني كين بيغلي المحتجز في العراق لدى جماعة "التوحيد والجهاد" بزعامة الاسلامي الأردني أبو مصعب الزرقاوي لشبكة "سكاي نيوز" البريطانية أن شقيقه قد يكون سلم الى مجموعة أخرى.