تتهيأ الحكومة اللبنانية برئاسة عمر كرامي لنيل الثقة الاسبوع المقبل وسط سخونة الاجواء السياسية في البلاد، المستمرة منذ التأزم الذي أعقب التمديد للرئيس اميل لحود في الثاني من ايلول سبتمبر الماضي. وتؤكد الاوساط الحكومية ان البيان الوزاري الذي ستتقدم به الى المجلس النيابي سيسعى الى تبديد الهواجس من وجود نظام أمني ويؤكد على الحريات السياسية. راجع ص 8 وليل أمس اعلن كرامي، في حفلة افطار، ان "وضعنا صعب ودقيق وليس بسهل، فهناك أزمة سياسية، بل لنعترف بأن هناك انقساماً سياسياً كبيراً". وأضاف: "لكن هذا شأن ديموقراطي نفتخر به ونشجعه، وهو دليل صحة، هناك معارضات، منها الذي هو ضد النظام ومنها من لا يعترف بالطائف ومنها من يريد اخراج القوات السورية من لبنان، ومنها ما هو مع القرار 1559. المعارضات التي لا تعترف بالنظام ولا بالطائف لا شأن لنا بها، اما المعارضات الاخرى فنحاورها ونحاول ان نتفهم مواقفها، ولكن في اطار مصلحة لبنان وهو الوحدة الوطنية والمحافظة على السلم الاهلي، وبغير الوحدة الوطنية وبغير السلم الاهلي سيسقط السقف علينا جميعاً ولن يكون ذلك في مصلحة احد وسنبذل كل الجهود حتى لا نصل الى ذلك لا سمح الله مهما كلفنا من تضحيات". ودعا كرامي الى ان "نعترف بأن سورية موجودة في لبنان قبل ان تدخل القوات السورية اليه وهي موجودة في لبنان بعد ان تخرج القوات السورية منه، وأنا ارحب وأقدر وأثمن ما تقوله المعارضة دائماً بأن الجميع حريص على ان يكون بين لبنان وسورية اطيب العلاقات". وأوضح: "اننا حريصون، ضمن الاطار الذي رسمته على تطبيق اتفاق الطائف، وتعهدنا بأننا سنعمل دائماً تحت سقفه وما يربطنا وما يرسم علاقتنا بالشقيقة سورية هو اتفاق الطائف ومعاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق، لذلك ومن موقع المؤمن بسيادة لبنان واستقلاله نقول اننا عندما نشعر بأن القوات السورية لم يعد لها لزوم سنكون اول المطالبين بخروجها". وخاطب كرامي "جماعة القرار 1559 في لبنان"، متسائلاً: "من سينفذ بقية البنود اذا خرج الجيش السوري؟ انني أذكر بما حدث سنة 1984. فلنفتح عقولنا ولننظر الى الواقع ولننظر الى مصلحة لبنان ولنتأكد بأن الخارج كل الخارج الذي يدعي الغيرة اليوم على استقلال لبنان وسيادته، انما يستهدف وحدتنا الداخلية والسلم الاهلي ويستهدف ان يجرنا الى ما يجري في فلسطين وفي العراق ولن نسمح له بذلك". واعتبر ان "الانقسام الذي نشهده اليوم ستترجمه الانتخابات النيابية في أيار مايو المقبل ولتكن نوعاً من الاستفتاء وما تخرجه هذه الانتخابات يجب ان نحترمه جميعاً". وفي وقت ذكّر رئيس "اللقاء النيابي الديموقراطي" المعارض وليد جنبلاط بمحاولة اغتيال النائب مروان حمادة على انها "بداية مشروع الفتنة وهي ليست نهاية مرحلة بل بداية مرحلة"، كان للأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله موقف لافت من الوضع اللبناني الداخلي فدعا الى "عدم احتساب الحزب في خانة الموالاة او المعارضة لأن في لبنان ليست لدينا سلطة واحدة حتى نقول اننا جزء من هذه السلطة او معارضون لها". وقال ان قرار الحزب منح الثقة او عدم منحها او الامتناع عن التصويت تدرسه قيادته وسيعلنه رئيس كتلته النيابية في البرلمان... وكان الحزب أبدى انزعاجه من تشكيل الحكومة. وقال جنبلاط امام وفود زارته ان من "ملامح هذه الحكومة يفهم الانسان اكثر لماذا حاولوا اغتيال مروان حمادة" وحمّل "الدولة كلها ومن وراء الدولة مسؤولية اي مشروع فتنة وأي محاولة اغتيال ثانية". اما نصرالله فتناول في خطاب شامل الأوضاع في فلسطين وعلى الحدود الجنوبية ومفاوضات تبادل الاسرى مع اسرائيل مؤكداً استمرارها، والوضع الداخلي. وأعلن ان الحزب يعمل على "فرض معادلة جديدة مع العدو الاسرائيلي ازاء استمرار الخروق الاسرائيلية الجوية لسماء لبنان في وقت قريب وبخيارات مدروسة". وأسهب نصرالله في الحديث عن الوضع الداخلي امام وزراء ورسميين حضروا حفلة افطار، فدعا الى "التخفيف من حالات الاحتقان في البلد ولا يكفي ان اقول ان يدي ممدودة. ولنسعى الى بقاء اليد ممدودة حتى لو قبض الآخرون ايديهم". وفيما اعتبر هذا الكلام موجهاً الى لحود والحكومة إزاء معارضة جنبلاط، قال نصرالله: "في هذا البلد لا مكان لكلمة شطب. ولا يستطيع احد ان يفكر بشطب احد. هناك تشنجات نعالجها بحكمة، وقد تأتي تطورات تجعل الجميع يتخلون عن حساسياتهم الداخلية لمصلحة وطنية". وكان نصرالله بذل جهوداً بين دمشق وجنبلاط. وتجاوز نصرالله ملاحظات الحزب على تشكيل الحكومة ودعاها الى "كسب ثقة الناس عبر شجاعة اغلاق ابواب الفساد والهدر وليرفع الغطاء من الآن فصاعداً عن اي وزير او مدير ويحال هؤلاء الى القضاء". وأضاف: "هذه الحكومة تستطيع ان تحمي نفسها ليس باللجوء الى سورية والجيش بل بأن تقطع دابر الفاسدين لكسب احترام العالم". واعتبر ان "لدينا ظروفاً داخلية صعبة وملفات حادة ووضع المنطقة صعب ويمكن ان تحصل تطورات خطرة فيها". وأكد ان سلاح المقاومة في مواجهة العدو فقط وليس للاستخدام الحزبي او الفئوي ولحماية الوطن وليس لحماية فئات او مناصب. وأشار الى "اننا اذا وجدنا ان الحكومة تحقق المصلحة الوطنية سندعمها وعندما تخالفها نعارضها ونطرح الثقة بها". وأوضح ان "كثيرين يتصورون ان إرضاء بعض الزعماء يرضي الناس وهذا وهم...".