Isabella Bensidoun & Agnes Chevallier. L'economie Mondial 2005. الإقتصاد العالمي 2005. La Decouverte, Paris. 2004. 124 Pages. صحة الاقتصاد العالمي في عام 2004 تبدو جيدة. فبعد ان كان معدل النمو الاقتصادي العالمي قد تدنى في اولى سنوات القرن الحادي والعشرين الى 2.4 في المئة عاد في العام 2002 الى الارتفاع الى 3 في المئة وفي 2003 الى 3.9 في المئة ليصل في 2004 الى 4.6 في المئة. هذا النمو يدين به الاقتصاد العالمي لتجليتين: اميركية وصينية. فخلافاً لكل التوقعات المتشائمة فان الاقتصاد الاميركي، الذي يمثل وحده 21 في المئة من الاقتصاد العالمي، سجل في 2004 نمواً بمعدل 4.6 في المئة، اذ ارتفع الناتج القومي من 10625 بليون دولار عام 2003 الى نحو من 11113 بليون دولار عام 2004، اي بزيادة نحو من 488 بليون دولار. واذا اخذنا في الاعتبار ان الناتج الاقتصادي العالمي قد بلغ عام 2004 نحواً من 37622 بليون دولار اي بزيادة 1655 بليوناً عن 2003، فان الاقتصاد الاميركي يكون قد أسهم وحده في هذه الزيارة العالمية بحصة تقارب الثلث وتحديداً بنسبة 29.4 في المئة. التجلية الثانية تعود الى الاقتصاد الثاني. فالصين سجلت في 2004 أعلى معدل للنمو الاقتصادي في العالم: نحواً من 10 في المئة فارتفع ناتجها القومي من 6354 بليون دولار عام 2003 الى نحو من 6989 بليوناً عام 2004، اي بزيادة 635 بليون دولار. وهذه الزيادة تمثل بدورها 38.3 في المئة من اجمالي كمّ النمو الذي حققه الاقتصاد العالمي عام 2004. والواقع ان الصورة التي يقدمها الاقتصاد الصيني هي الاكثر تألقاً في المشهد الاقتصادي العالمي في السنوات العشر الاخيرة. فقد تضاعف الناتج الاجمالي الصيني في هذه العشارية نحواً من اثني عشر ضعفاً، اذ ارتفع من 581 بليون دولار عام 1994 الى 6989 بليوناً عام 2004، في الوقت الذي لم يرتفع فيه تعداد سكان الصين في الفترة نفسها الا بنسبة 9.2 في المئة. الهند حققت بدورها نصف تجلية الصين. فلئن يكن الاقتصاد الصيني قد حقق معدلاً شبه ثابت للنمو بنسبة 9 في المئة سنوياً في الاعوام الاخيرة، فان الاقتصاد الهندي حقق بدوره معدلاً شبه ثابت للنمو يقارب 6 في المئة سنوياً. لكن نصف التجلية هذه تؤول الى ربع تجلية متى ما أخذنا في الاعتبار ان معدل النمو السكاني أعلى بكثير في الهند منه في الصين. فعلى حين ان تعداد سكان الصين ما زاد في السنوات العشر الاخيرة على 93 مليون نسمة، ارتفع في المقابل تعداد سكان الهند من 936 مليون نسمة في نهاية 1994 الى نحو 1080 مليون نسمة في نهاية 2004، اي بزيادة 144 مليون نسمة. واذا ما استمر ايقاع التزايد السكاني على ما هو عليه اليوم، فان الهند ستتعادل ديموغرافياً مع الصين في نحو العام 2030 ليبلغ تعداد كل منهما 1480 مليون نسمة. ولكن باستثناء هذا التقارب الديموغرافي فان الفوارق الاقتصادية بين الصينوالهند كبيرة وستظل كذلك الى اجل غير مسمى بعد. فالناتج الاجمالي الصيني أكبر بمرتين وربع المرة من الناتج الاجمالي الهندي، والدخل السنوي للفرد الصيني قد جاوز 5300 دولار في 2004 على حين انه لم يتعد 2800 دولار في الهند، واحتياطي العملة الصعبة ارتفع في الصين الى 404 بليون دولار مقابل 115 بليوناً في الهند، وحجم صادرات الصين اكبر سبع مرات من حجم صادرات الهند 438 بليون دولار مقابل 61 بليوناً، ونسبة الذين يعيشون تحت عتبة الفقر في الصين اقل بالنصف من نسبتهم في الهند 17 في المئة من اجمالي سكان الصين مقابل 35 في المئة من اجمالي سكان الهند. واخيراً فان الصين ارتقت الى المرتبة 94 في جدول مؤشر التنمية البشرية على حين ان الهند لا تزال في المرتبة 127. واستكمالاً لمعالم هذه الصورة الآسيوية في المشهد الاقتصادي العالمي، يجب ان نذكر ان عام 2004 كان عام تجلية ايضاً للبلدان الصناعية الجديدة في جنوب وشمال شرقي آسيا. فالتنانين الأربعة الصغيرة كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وهونغ كونغ لم تفلح فقط في التغلب على أزمتها الكبرى لعامي 1997 - 1998، بل حققت ايضاً معدلاً للنمو أعلى على نحو ملموس من المعدل العالمي بلغ 7 في المئة في الفصول الثلاثة الأولى من 2004. وقد بات الدخل السنوي للفرد في هذه الدول يقارب الدخل الأوروبي، اذ جاوز عتبة ال23 ألف دولار في السنة، عدا كوريا الجنوبية التي لا يزال الدخل الفردي فيها 17280 دولاراً، وهو يعادل دخل الفرد اليوناني أو البرتغالي. والى هذه التنانين الصغيرة ينبغي ان نضيف النمور الآسيوية الكبيرة، اندونيسيا وماليزيا والفيليبين وتايلاند التي يقطنها نحو من 388 مليون نسمة، والتي حققت معدلاً للنمو يتراوح ما بين 5 في المئة و7 في المئة. واذا تركنا الآن شبه القارة الآسيوية الى شبه القارة الأميركية اللاتينية نجدها هي الأخرى قد حققت قدراً من النجاح في استئناف عملية تنميتها، اذ ارتفع معدل نمو ناتجها الاجمالي الى 5.2 في المئة في 2004 بعد ان راوح في نقطة الصفر عام 2002، ولم يزد على 1.7 في المئة عام 2003. ويعود قصب السبق في هذا المجال الى فنزويلا التي بلغ معدل نمو ناتجها القومي 9 في المئة في 2004 بعد ان تدهور في 2003 الى 9.4 في المئة. والأمر بالمثل بالنسبة الى الارجنتين التي سجلت نمواً زائداً عام 2004 بمعل 6 في المئة بعد ان سجلت من جراء أزمة عام 2002 نمواً بالناقص بلغ -11 في المئة. أما العملاقان البرازيلي 178 مليون نسمة والمكسيكي 102 مليون نسمة فقد أفلحا بدورهما في استئناف عملية نموهما 3.5 في المئة عام 2004 بعد ان كان الأول سجل نمواً بالناقص -2 في الألف، والثاني نمواً بطيئاً 1.3 في المئة في 2003. وخلافاً لكل التوقعات المتشائمة فإن بلدان افريقيا جنوبي الصحراء استطاعت ان تنجو بجلدها عام 2004 اذ بلغ معدل نموها 4.2 في المئة عام 2004، ويقدر له ان يبلغ 5.7 في المئة عام 2005. لكن ذلك لا يصدق على جميع البلدان الافريقية جنوبي الصحراء. فسبع منها، وتحديداً تلك التي تشهد حروباً اهلية واثنية، عانت من تقلص في ناتجها القومي، ودخلت في عداد الاربعين دولة الاكثر فقراً في العالم. وعلى هذا النحو ايضاً ارتفع عدد الافارقة الذين يعيشون تحت عتبة الفقر، اي على اقل من دولار واحد في اليوم، الى 60 مليوناً. ومهما بدت المفارقة كبيرة فإن اوروبا الغربية، وليس افريقيا السوداء، هي التي واجهت في 2004 عام نحس، وذلك للعام الثالث على التوالي. ففي حين ان الناتج الاجمالي لدول منطقة اليورو لم يحقق نمواً الا بمقدار 9،0 في المئة عام 2002، و 4،0 في المئة عام 2003، فإنه لم يفلح في ان يرتفع الى اكثر من 6،0 في المئة النصف الاول من 2004، وان تكن هناك مراهنات على ارتفاعه الى 1 في المئة او حتى الى 1.7 في المئة في نصفه الثاني. واذا جئنا اخيراً الى منطقة الشرق الاوسط وافريقيا الشمالية والحوض الشرقي للبحر الابيض المتوسط، فسنلاحظ ان بلدان هذه المنطقة اقتربت عموماً في معدل نمو ناتجها الاجمالي من المعدل العالمي: 4.2 في المئة تعود في المقام الاول الى الارتفاع في اسعار النفط في 2004. وفي المقابل فإن البلدان غير النفطية لم تستطع في احسن الحالات ان تحقق نمواً اعلى من 3 في المئة. كما ان بلدان المغرب تفوقت عموماً في معدلات نموها على بلدان المشرق بمقدار الضعف: 6 في المئة مقابل 3 في المئة. وباستثناء العائدات السياحية، التي تشكل المصدر الاول للقطع النادر في البلدان غير النفطية، فإن التجلية على صعيد الانتاج الصناعي تكاد تكون معدومة باستثناء استثنائين: اسرائيل وتركيا. فالصادرات الاسرائيلية تخطت عتبة الثلاثين مليار دولار، والصادرات التركية تخطت عتبة الخمسين ملياراً. وعلى رغم ان الدخل السنوي للفرد في اسرائيل ما زال متفوقاً بنحو ضعفين على دخل الفرد التركي: 20782 مقابل 6882 دولاراً، فإن الدخل التركي يظل متفوقاًِ على دخل دول الجوار العربي بنحو الضعف: 3585 في سورية و 3813 في مصر. والواقع انه باستثناء اسرائيل، فإن تركيا هي الوحيدة بين بلدان الحوض الجنوبي والحوض الشرقي للمتوسط التي عرفت كيف تتعاطى ايجابياً مع ظاهرة العولمة وما تقتضيه من انفتاح اقتصادي ودولرة للاقتصاد. ولعل هذا الاستثناء التركي يجد تفسيره في النظام الديموقراطي لتركيا وفي رغبتها في الانضمام الى الاتحاد الأوروبي.