سناء، سيدة مثقفة في مقتبل العمر، مطلقة انجبت طفلتين تحدثت عن اسباب طلاقها ل"الحياة" قائلة: "حدث طلاقي في لحظة غضب بعدما اشتد الخلاف مع زوجي على مصاريف البيت اليومية ووصفته بالبخيل وبادلني الوصف بالمبذرة ورمى علي يمين الطلاق". مثل سناء عراقيات كثيرات دفعت ظروف الحياة العصيبة ازواجهن الى رمي يمين الطلاق عليهن. وتؤكد احصاءات محكمة الاحوال الشخصية العراقية ان معدلات الطلاق ازدادت منذ سنوات الحصار الاقتصادي بسبب تردي الأحوال المعيشية لغالبية العراقيين وبروز مشكلات جديدة الى السطح كانخفاض الرواتب ومحدودية الدخل الشهري وظهور أزمة السكن وارتفاع الاسعار مع زيادة متطلبات الاسرة وتعدد احتياجاتها. ويلقي المطلقون رجالاً ونساءً باللائمة على الظروف المعيشية، الا ان كل طرف يرمي بالذنب على الآخر. ملّت... فطلبت الطلاق خالد عبدالكريم، موظف ترك زوجته منذ ستة شهور قال: "تطالبني بما هو فوق طاقتي فقررت ان تعمل لتشارك في مدخولها بمصاريف البيت. الا ان عملها ساعات طويلة جعلها تهمل بيتها وأطفالها وهذه كانت الشرارة التي اشعلت النار بيننا حتى الطلاق". واذا كانت رغبة بعض النسوة بالحصول على موارد مبالغ فيها من أزواجهن، ما يجعل أزواجهن يهجرونهن مطلقات فان حال السيدة رفل موسى تبدو مختلفة، إذ قالت: "يخرج منذ ساعات الصباح الاولى ليعود لي ليلاً كأني قطعة من اثاث المنزل... لا يهتم بي ولا يجد وقتاً ليكلمني... لقد مللت ... طلبت الطلاق". من ناحية اخرى، تطفو قضية تدخل الأهل في حياة الزوجين الى السطح كلما أبحرنا في مشكلات المطلقين. اذ يبدو ان غالبية المطلقين اقدمت على الطلاق بسبب محاولة الاهل التأثير في حياتهم والتي تزداد كلما ازدادت الحال الاقتصادية سوءاً واضطر معها المتزوجون الى السكن مع الأهل. وتقول ام سعد: "كدت افقد زوجي وبيتي وحياتي الزوجية الى الابد بسبب امي فهي لا تحب اهل زوجي وتحاول خلق المشكلات كلما ذهبت اليهم". وتستطرد: "لكني راجعت نفسي وقررت وزوجي الا نسمح لأي جهة بالتدخل ونقرر أمورنا بأنفسنا". ويبدو ان الطلاق يتناسب مع حرارة الطقس مع العراق، اذ يؤكد محمد جواد الطريحي، قاضي محكمة الكرادة الشرقية "ان حالات الطلاق ترتفع في فصل الصيف بصورة ملحوظة". ويفسر جليل الحديثي، اختصاصي علم النفس هذه الظاهرة قائلاً: "توصف شخصية العراقي بالمزاجية وهذا الشي لم يأت عبثاً، فحالات الطقس تؤثر في طبيعة تكوين الفرد" مشيراً الى ان "حالات العصبية والقلق وقلة الصبر كلها تأتي مع ارتفاع درجات الحرارة". بعد الحرب الأخيرة، ظهرت مشكلة جديدة زادت من حالات الطلاق وهي الزواج العرفي او الزواج خارج المحكمة الذي غالباً ما يتم بين الشباب دون العشرين وبعيداً من علم الاهل. ويذكر المحامي نائل سباهي ل"الحياة": "ان اكثر حالات الطلاق التي يتقدم بها اهل الفتاة هي بسبب زواج الفتاة من احد الشبان من دون علمهم"، مؤكداً ان الفتاة بعد فصلها عن زوجها، تعتبر مطلقة في القانون العراقي ولزيادة حالات الطلاق تأثيرات سلبية على المجتمع العراقي، ذلك أن الأسرة المتماسكة هي اساس المجتمع المتماسك ويبقى الاولاد الضحية الأولى لوالدين قطعا كل خيوط التفاهم بينهما. وتلفت الباحثة الاجتماعية سوسن عبدالرحمن الى ان الاولاد هم الخاسر الاكبر، "واذا كانوا اطفالاً، فمن المؤكد انهم سيعيشون بعيداً من احد الوالدين، وغالباً ما يكون الأب. اذ عادة تضحي الام بحياتها لتنصرف الى تربية الاولاد فيما يذهب الاب الى الزواج من أخرى". قانوناً، يقر القانون العراقي بالطلاق في حال اضر احد الزوجين بالآخر ضرراً يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية أو ارتكب احدهم الخيانة الزوجية او اذا كان عقد الزواج تم قبل اكمال الزوجين السن ومن دون موافقة القاضي او اذا جرى الزواج خارج المحكمة او تزوج الزوج باخرى من دون اذن المحكمة. تفاوت إجتماعي نسرين تحمل شهادة الماجستير في الادب العربي، تكتب الشعر والمقالة وتشارك في الندوات والجلسات الادبية بينما يقبع زوجها احمد تحت سيارات الزبائن وهو يعمل ميكانيكياً ويحمل شهادة الاعدادية. استمر الخلاف بينهما حتى طلبت نسرين الطلاق، فأحمد يرفض خروج نسرين الى العمل حيث لا يجد مبرراً لذلك طالما يتوافر عنده المال في حين ترى نسرين في ذلك ظلماً لانها اجتهدت سنوات كي تصل الى المركز الذي وصلت اليه. تحدثت نسرين قائلة: "لم ارغب الزواج منه لكنه ابن عمي وفرضته العشيرة قسراً في مجتمع لا يمكن صوت المرأة ان يعلو". أما احمد فأشار الى انه متكفل بمصاريف البيت وليس بحاجة الى عمل زوجته، كما يفضل ان يعود الى البيت ليرى زوجته وقد اعدت طعام الغداء وترعى مشاعره بدلاً من ان اراها منكبة على كتبها وعلى بحوثها. وأضاف: "أرغب بأن يكون لدي اطفال وهو ما ترفضه زوجتي التي لا وقت لديها لذلك". ويؤكد الرجال المطلقون ان ما دفعهم الى الطلاق هو العجز عن الاستمرار في الحياة مع الزوجة التي تغيرت 180 درجة عن ايام الخطوبة، الا ان المجتمع الشرقي "الذكوري" يمنحهم الحق دوماً في البحث عن اخرى. بينما تصرخ المطلقات رافضات ظلم المجتمع لهن وهو الذي ينظر اليهن نظرة اتهام دائماً سواء كن مذنبات ام ضحايا، فيما نجد البعض من المتزوجات يتجرعن سم العيش مع زوج ظالم او قاس ولا يلجأن الى الطلاق في مجتمع لا يرحم.