انطلق الموسم المسرحي التونسي مبكراً، على غير عادته، مع العرض الافتتاحي لمسرحية "الصف" من إخراج سليم الصنهاجي مجموعة "ارتيس" للإنتاج. وقد سبق لصنهاجي أن قدم أعمالاً لافتة، هي "سفر" جائزة افضل مسرحية تونسية 1999 و"ساعة حب" التانيت الذهب في "أيام قرطاج المسرحية 2001 و"رقصة الموت" التي ثبتت حضوره كأحد زبرز مخرجي جيله تونسياً وعربياً. وتأتي مسرحية "الصف" لتفتح صفحة جديدة في مسيرة مسرح ارتيس التي يسهم في صوغ محاورها ورؤاها كل من الصنهاجي والممثلة صباح بوزويتة التي فرضت حضورها على الساحة العربية، وحازت جوائز عدة في مهرجانات تونسية وعالمية، من برلينألمانيا الى افينيون فرنسا. و"الصف" اقتبستها صباح بوزويتة وأعدت الدراماتورجيا الخاصة بها عن نصّ من تراث المسرح العالمي. وهي تدور حول معاناة الفرد في علاقته بالذات والآخر، بالفضاء والزمن. وتتواصل التجربة الجديدة، شكلاً ومضموناً، مع بقية اعمال الصنهاجي. من سيفوز بالمكان الأول؟ يدور العرض حول حكاية خمس شخصيات تلتقي من دون موعد في مكان عام، ويجمع بينها انتظار شيء غير محدد. وعلى رغم الإختلافات الشاسعة بينها، انسانياً وفكرياً واجتماعياً... فإنها تتفق على غاية واحدة: من سيفوز بالمكان الأول في "الصف"؟ وتتواصل احداث المسرحية حتى النهاية على امتداد ساعة وربع في تجسيد مستويات هذا الصراع التي تتباين بتباين تكوين الشخصيات الآتية من المجهول، والسائرة ايضاً نحوه. كعادته نجح الصنهاجي في استعمال التقنيات، وفي توزيع الأدوار وتطويع الممثلين لعمل فني تقني بالأساس وفق حرفية رفيعة. تستند المسرحية الى تقنيات بصرية بحتة، وتقوم اساساً على الحركة والإيجاز في المشاهد والحوار. وهذا ما تؤكده موسيقى المسرحية، وأيضاً مشاهدها التي تضج بالحركة المستوحاة من تقنيات الصور المتحركة. ويبرز المخرج في تقديم عمل مسرحي يعتمد تقنيات معقدة بأسلوب بسيط وتقطع مسرحية "الصفّ" تماماً مع أحد أهم ركائز المسرح الكلاسيكي وهي التلقين والتوجيه، لأنها تعتمد اساساً على إشراك الجمهور في التفكير والتفاعل الى درجة أنه يجد نفسه في آخر المسرحية انه كان هو الآخر ممثلاً من حيث لا يدري ليخرج محملاً بأسئلته الخاصة ومثقلاً بهموم الممثلين التي هي هموم الإنسان، اي في نهاية المطاف هي همومه الذاتية. والمسرحية من تمثيل صباح بوزويتة ونعمان حمدة وسنية زرق العيون وجمال المداني وبهرام العلوي. وتحمل السينوغرافيا والاضاءة والإخراج توقيع سليم الصنهاجي. وسيمثل العمل المسرح التونسي في المهرجان العالمي للمسرح "درب الحرير/ مسرح الدور" الذي تنظمه مدينة "ملهايم" الألمانية، وحيث سيكون العرض العالمي الأول، يوم 2 تشرين الأول اكتوبر المقبل. وبهذه المشاركة تفتتح مسرحية "الصف" جولة عالمية ستقودها الى كل من لبنان وإيران والبرتغال وبلجيكا وسورية.