أكدت المؤلفة والمخرجة المسرحية التونسية مريم بوسالمي أن المسرح السعودي يعاني من أزمة انعدام الدعم والتهميش وغياب الحرية، مضيفة أن هذه الحالة مشتركة في الوطن العربي ولكن بنسب متفاوتة. وقالت بوسالمي ل"الوطن" بعد فوز عرضها المسرحي "مرض زهايمر" خلال المهرجان العربي للمسرح الرابع بعمّان، الذي اختتم الأحد الماضي " لا بد للمسرحيين العرب أن يوحدوا صفوفهم للنهوض بالمسرح العربي". وأضافت أن فوز "مرض زهايمر" تتويج للمسرح التونسي على وجه عام وشرف لكل مسرحي تونسي. وقالت عن المسرحية " إنها نوع من التأرجح بين الذكريات والنسيان، لا تروي حكاية بل تستحضرها، ففي الحياة تنطلق جميع الأشياء أحيانا في كل الاتجاهات ولا تأتي على نفس الوتيرة، كذلك هي الأحداث في هذه المسرحية، وهي تتعلق باستقصاء علاقة والد بابنه في حالة توتر قد تتشعب وقد تنشرخ وقد تتضخم بفعل نفث من الهذيان يوّلده مرض الزهايمر. وتتخذ المسرحية شكل الابتكار اللفظي المستوحى من اضطراب اللغة والأفكار عند مريض الزهايمر، إذ يقوم السرد على التشظي كمحاولة لتنشيط ذاكرة تالفة". وأوضحت أن "مرض الزهايمر" ليس سوى ذريعة اخترناها لمسرحيتنا، فهي ليست مسرحية حول مرض الزهايمر، إذ نحن نتساءل في الواقع حول وضعية شاعر فاشل أو مثقف مهّمش، حسب وجهة النظر التي نختارها، أمام السلطة السقيمة المجسّدة في شخصية الأب وهو رجل عصامي تمكن بفضل مثابرته وعزمه من تحصيل مكانة مشعّة في مهنة المحاماة قبل أن يطّيح به المرض. مرض زهايمر هي مسرحية لزوج من الممثلين ولكن بأصوات عديدة، الصوت كسبيل للتحرر وتجاوز الأزمة وإعادة البناء. وعن طول العرض أجابت بوسالمي "إنها لا تتفق مع من يظن أن مدة العرض طويلة جدا، لأن الخطاب المسرحي يستدعي مدة العرض وليس هذا ناتجا عن تمطيط أو حشو لا فائدة ترجى منه، هنالك من تحدث عن نهايتين للعرض، وهذا صحيح، هنالك نهاية مرتبطة بولادة جديدة لشخصية الشاعر المهمش الذي يمثل الشعب المقموع في مسرحيتنا، فالمونولوج الأخير على قبر الأب هو بمثابة التأسيس لمشروع جديد باستخلاص العبر من التجربة السابقة، فبناؤنا للحكاية وللشخصيات نفّسره بتعلقنا بمفهوم "الشخصية ذات المسار والصيرورة"، مشيرة إلى أنها مؤمنة بأن المسرح هو فضاء يسمح لنا بإعادة تقييم سلوكنا وعاداتنا اليومية، فالإنسان المعاصر مستعجل دائما، عادة ما يمّر مرورا على الأشياء والتجارب دون أن يتوقف عندها، ربما على المسرح أن يعلّم الإنسان المعاصر الصبر. وعن ارتباط التأليف والإخراج بشخص واحد قالت بوسالمي "أحيانا يكون في ذلك نفع كبير للعرض المسرحي، فالكاتب المسرحي الذي له خبرات إخراجية يتيح للممثل مساحات هامة للارتجال ولتلوين وتركيب الشخصية، كما أن المخرج الذي له مهارات دراماتورجية يكون قادرا على حبك اللعبة الدرامية وتوظيف متممات العرض بما يخدم النص الدرامي ولا شيء غير النص الدرامي، فالخبرتان متكاملتان. وأشارت إلى أنه يمكننا الوقوف تاريخيا على تجربة موليار وبراشت وشكسبير الذين راوحوا بين الكتابة المسرحية والإخراج المسرحي، وهو ما انعكس إيجابا على تجربتهم المسرحية لينتجوا روائع فنية. وعن طموحها وطموح كل المسرحيين العرب في تفعيل المسرح العربي ذكرت أنه لا بد للمسرح العربي أن يقتلع مكانا على مسارح العالم وألا يكون الاهتمام بإبداعنا اهتماما عابرا ناتجا عن المعطى التاريخي مقترنا بالثورات فقط، موضحة أن طموحها هو المساهمة في بناء تاريخ المسرح العالمي بتقديم مسرحيات ترتقي إلى مقومات ومعايير المسرح العالمي، وقالت "أؤمن أن علينا تفعيل مسرحنا من خلال المحافظة على ثقافتنا وهويتنا وأصولنا العربية ومعالجتها بأساليب مسرحية وتقنيات حديثة تتماشى وتطورات المسرح العالمي. لا بد للخطاب المسرحي العربي أن يتجاوز البعد الفلكلوري والاحتفالي ويساهم في بناء ثقافة الفرد والمجتمع. هذا ما سأدافع عنه هذه السنة بأوروبا بوصفي كاتبة ومخرجة عربية مكرمة سنة 2012 من طرف أكاديمية الفنون ببرلين التي تضم لجنة التحكيم فيها مبدعين عالميين مثل بيتر بروك وألان بلاتل، وسأشارك في تظاهرات مسرحية كبرى هنالك على أمل أن يظل المسرح العربي محل اهتمام ومتابعة دوليا وأن يكون ثائرا ومؤثرا دوما". يذكر أن مريم بوسالمي، حاصلة على العديد من الجوائز، ومشاركة في لجان التحكيم، حيث شاركت في ملتقيات دولية في مجال الإخراج والتأليف في بولندا، ألمانيا، لبنان، تونس، المغرب، والمجر، وشاركت في الكثير من ورش العمل المسرحية، وهي محامية حاصلة على شهادة الدراسات المعمقة في العلوم السياسية والقانونية الأساسية، وبصدد تحضير رسالة دكتوراه بالقانون الدولي.