يتجه النائب العام التمييزي في لبنان القاضي عدنان عضوم الى التوسع في التحقيق لجلاء كل التفاصيل المتعلقة بتحطم الطائرة الغينية في مطار كوتونو عاصمة بنين، في ضوء المعلومات التي ادلى بها رئيس دائرة الاستثمار في مطار بيروت الدولي الطيار زياد البابا وأحمد خازم احد مالكي شركة اتحاد النقل الجوي الافريقي التي تتولى تشغيل الطائرة المنكوبة في رحلاتها بين بيروت وكوتونو وفريتاون وكوناكري بعدما استمع إليهما اول من امس رئيس المباحث الجنائية المركزية في بيروت العقيد ايلي سعادة. وعلمت "الحياة" من مصادر قضائية ان العقيد سعادة سيواصل استماعه الى إفادات مالكي الشركة المسجلة في كوناكري وصاحب الطائرة المدعو عماد سابا وهو اميركي من اصل فلسطيني وتردد اخيراً انه مقيم في الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وبحسب المعلومات فإن العقيد سعادة، وبطلب مباشر من القاضي عضوم المشرف شخصياً على ملف التحقيق سيستمع مجدداً الى عيد جشي الذي كان اسمه تردد في عداد الذين لهم علاقة مباشرة بالشركة، إضافة الى درويش خازم نجل احمد الموجود حالياً في لندن، وقد تعهد والده إبلاغه ضرورة الحضور على وجه السرعة الى بيروت بعدما تبين استناداً الى اقوال الأب انه تنازل عن 200 سهم من اسهم الشركة لمصلحة ابنه الذي نجا من حادث تحطم الطائرة وعاد الى بيروت ليغادرها بعد ايام الى العاصمة البريطانية. وبالنسبة الى قضية الاستماع مجدداً الى اقوال جشي، اكدت مصادر قضائية رفيعة ل"الحياة" ان السبب يعود بالدرجة الأولى الى ان الأخير كان في عداد الفريق المفاوض لتسجيل الطائرة في بيروت وهذا ما كشف عنه خازم في افادته امام العقيد سعادة. ولفت الى ان ولده درويش وسابا في عداد الفريق ايضاً. ولفتت المصادر الى ان المباحث الجنائية كانت استمعت فور سقوط الطائرة الى اقوال جشي، الذي نفى ان تكون له اي صلة مباشرة بالطائرة او الشركة التي تديرها وأن دوره يقتصر على بيع تذاكر سفر للمسافرين على متنها، كونه يملك مكتباً للسفريات في محلة الطيونة - الضاحية الجنوبية من بيروت. وتابعت ان جشي نفى في افادته ما تردد عن ان تذاكر السفر على متن الطائرة تباع بأسعار زهيدة، اي أقل بكثير من الأسعار العالمية، وأكد ان سعر تذكرة السفر ذهاباً وإياباً بين بيروت وكوتونو وكوناكري وفريتاون يبلغ 850 دولاراً، و600 دولار اذا كانت محصورة بالذهاب او الإياب. وذكرت ان جشي سئل خلال الاستماع إليه عن صحة ما يتردد من ان الطائرة المنكوبة كانت تسيّر طوال الفترة الزمنية الفاصلة بين هبوطها في مطار بيروت آتية من كوتونو وعودتها ثانية إليها، رحلات منتظمة بين بيروت ودبي وبأسعار زهيدة، فأكد حصول الرحلات وأن سعر تذكرة السفر ذهاباً وإياباً يبلغ نحو 200 دولار. وكشفت المصادر ل"الحياة" ان التحقيقات الأولية تركز على علاقة سابا بالطائرة بعدما تردد انه مالكها الرئيس وقد يكون الوحيد، مشيرة الى انه يجرى حالياً إعداد ورقة تبليغ لسابا للحضور الى بيروت من اجل المثول امام القضاء اللبناني، وأكدت ان الاتصالات جارية لتحديد مكان إقامته، وما اذا كان يقيم فعلاً في الشارقة او انه يتردد إليها من حين الى آخر. وتحاول المصادر تحديد هوية المالك الفعلي وليس التجاري للطائرة، اضافة الى التحقق من معلومات اولية كانت تجمعت لدى القاضي عضوم وتتعلق بوجود مساهمين في شركة اتحاد النقل الجوي الافريقي من غير اللبنانيين ومن بينهم شخص ايراني وسيدة افريقية اضافة الى مالكيها اللبنانيين وفي عدادهم سيدة. ويأتي التركيز على كشف هوية المالكين وجنسياتهم من غير اللبنانيين في ضوء توافر معلومات اولية تحدثت عن احتمال ان يكون للسيدة الافريقية دور في تسجيل الطائرة في غينيا كناقلة وطنية. كما يتم التركيز على كيفية انتقال ملكية الطائرة الى سابا اضافة الى التحقق من المعلومات المتضاربة التي كانت تحدثت عن ان الطائرة المنكوبة سرقت سابقاً من انغولا وخضعت الى عملية صيانة اضافة الى تغيير لونها الأصلي... خصوصاً ان المعلومات الأولية استبعدت ان يكون تغيير لونها في حال حصوله تم في مطار بيروت. وفي هذا السياق، يدقق القضاء اللبناني في المعلومات التي كانت اشارت الى ان الرقم الأصلي للطائرة ابقي عليها، اضافة الى ما تردد من ان مالكها اشتراها من شركة الطيران الأفغانية اريانا. وقبل ان يستقر الرأي على ان عملية الشراء حصلت في الشارقة وأن سابا تولى شخصياً عقد الصفقة وأن جهات معينة اخذت على عاتقها تنظيم المحضر في كوناكري الذي ورد فيه انها مستوفية جميع الشروط المطلوبة لسلامة الطيران. اما على الصعيد المحلي فعلمت "الحياة" ان القضاء اللبناني يركز على جلاء الغموض الذي يحيط بإخضاع الطائرة المنكوبة الى صيانة في مطار بيروت بعدما كانت السلطات المعنية في المطار رفضت الترخيص لطائرة اخرى كانت احضرتها الشركة واعتبرتها غير مستوفية الشروط. ويأتي التركيز بناء لقول خازم امام العقيد سعادة ان سابا احضر قطع الغيار من الولاياتالمتحدة الأميركية وأن فنيين تابعين لشركة الخطوط الجوية عبر المتوسط - وهي شركة شحن - تولوا الإشراف على اعمال الصيانة واستبدلوا بعض القطع فيها بقطع جديدة. وتبين ان المهندس الذي اشرف على اعمال الصيانة في الشركة ترك عمله منذ فترة، ويقيم الآن في الخارج وسيبلغ للحضور الى بيروت من اجل الاستماع الى اقواله بعدما حدّد مكان اقامته. كما يركز القضاء على جلاء الغموض المحيط بالسماح للطائرة بتسيير رحلاتها الى بيروت ولو في شكل موقت وهذا ما يفسر الرغبة في الاستماع الى خبراء في حقل الطيران المدني بغية تحديد المسؤولية طالما ان هناك شكوكاً تدور حول اهليتها لنقل الركاب. من جهة ثانية، ينتظر عضوم اجوبة من السلطات في الكونغو على الرسائل التي كان بعث بها الى كوناكري وتتضمن معلومات تفصيلية عن جاهزية الطائرة من الناحية الفنية وملكيتها وكيفية تسجيلها تحت اسم شركة اتحاد النقل الجوي الافريقي خصوصاً ان الجواب الأول الذي كان تلقاه من وزير النقل الغيني رداً على رسالة بعث بها بعد يوم من سقوط الطائرة لم يكن كافياً نظراً لأنه لا يتضمن اي معلومات تفصيلية.