"انها ست دقائق من الجحيم". بتلك الكلمات المعبرة وصف ستيف سكوايير، المسؤول العلمي ل"مختبر الدفع النفاث في باسادينا" التابع لوكالة "ناسا"، الحدث المريخي المنتظر في الساعات الاولى من صباح اليوم. فخلال تلك الدقائق، يهبط المسبار - الروبوت الاميركي "سبيريت" على سطح الكوكب الاحمر، بسرعة تبلغ 19800 كيلومتر في الساعة. وسيستعمل المسبار المظلات والوسائد لتخفيف اندفاعه في الهبوط. والمعلوم ان المركبة التي حملته استغرقت سبعة اشهر، قطعت خلالها 480 مليون كيلومتر، لتصل الى المريخ. واذا نجح "سبيريت"، سيكرس التفوق الاميركي في الفضاء المريخي. وسيكون نجاحه داوياً لأن المسبار الاوروبي المشابه له، "بيغيل -2" فشل في الهبوط سالماً عشية الميلاد الماضي. والحال ان الفشل الاوروبي ليس كاملاً. إذ تمكن الأوروبيون من ايصال المركبة "مارس اكسبرس" الى مدارها المقرر حول المريخ. كما نجحوا في اطلاق الروبوت "بيغيل -2" من تلك المركبة باتجاه سطح الكوكب الاحمر. وبعدها لم تصدر اي اشارة من الروبوت الاوروبي لتشير الى نجاحه في الهبوط الآمن. وتكررت محاولات الاتصال به سبع مرات من دون جدوى. ويسود الاعتقاد بأنه فشل. هل يقلد "سبيريت" ما فعله "بيغيل -2"؟ والحال ان كلمة "سبيريت" تحمل معنى مزدوجاً في اللغة الانكليزية، لأنها تعني "الروح" و"الشبح" في آن. فأيهما سيكون المسبار الاميركي: الروح التي تعيد التوهج الى "ناسا"، بعد الفشل المذهل للمكوك "كولومبيا" في مطلع العام الماضي، أم "الشبح" الذي يلتحق بالمصير الغامض والمُحبِط للروبوت الاوروبي "بيغيل -2"؟ ولذا، يمكن وكالة الفضاء والطيران الاميركية ان تتباهى بنجاح "سبيريت"، في حال هبوطه آمناً. وما يزيد في النجاح ان الروبوت الاميركي مكلف المهمة نفسها التي أنيطت بنظيره الاوروبي. وتتمثل المهمة في حفر التربة الحمراء الصدئة في المريخ، وتحليلها بحثاً عن الماء او اي اشكال بسيطة للحياة عليه. والمعروف ان المريخ هو في مسار قريب من الارض راهناً. ولهذا السبب بادر الاوروبيون والاميركيون الى اطلاق مركباتهم بحيث تصل اليه في هذا الوقت. وبعد 20 يوماً، سيصل المسبار الاميركي الآخر، الروبوت "اوبورتشونيتي"، اي "الفرصة"، ليلتحق بتوأمه ويساعده في مهمته. واذا حدثت تلك الامور كلها، فستسجل "ناسا" اسبوعاً مميزاً في سجلها الفضائي. فقبل يومين فقط، نجحت المركبة "ستار داست"، وترجمتها "غبار النجوم"، في التقاط الغبار المتساقط من احد المذنبات، وذلك للمرة الاولى في التاريخ. وتساعد غبار المذنبات على فهم افضل لتاريخ نشوء النظام الشمسي. فهل تصدق الاماني الاميركية فضائياً ام يحدث فجأة ما يعكرها؟ سؤال رهن... الفضاء!