استمرت في الجزائر تفاعلات قرار القضاء تجميد نشاط حزب جبهة التحرير الوطني بزعامة علي بن فليس. ودخل أمس على الخط الرئيس السابق اليمين زروال الذي عبّر عن قلقه إزاء التطورات المرتبطة بتجميد نشاط الجبهة، حزب الغالبية البرلمانية، بناء على شكوى وقعها 53 عضواً فيها من مؤيدي ترشح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لفترة رئاسية ثانية. وكانت الجبهة رشّحت قبل ذلك بن فليس للرئاسة، وهو أمر أغضب مؤيدي بوتفليقة، وأدى الى تأسيس "حركة تصحيحية" يقودها وزير الخارجية عبدالعزيز بلخادم. وذكر بيان صحافي أصدرته قيادة الجبهة، أمس، ان الرئيس زروال اتصل هاتفياً بالأمين العام للجبهة مرشحها للرئاسة علي بن فليس وعبر "عن استيائه إزاء التصرفات التي تستهدف جبهة التحرير" وأبدى "تضامنه الكامل مع قيادة الحزب ومناضليه في هذا الظرف العسير في حياة الأمة". وهذه المرة الأولى التي يخرج فيها الرئيس السابق عن صمته منذ الانتخابات الرئاسية العام 1999. ويأتي موقفه في سياق تزايد الانتقادات لبوتفليقة و"استغلال مؤسسات الدولة"، كما يقول معارضوه، لتعزيز حظوظه في الانتخابات المقبلة. وتعتقد أوساط سياسية أن تصريحات زروال الذي يعد "الأب الروحي" لحزب التجمع الوطني الديموقراطي الذي يقوده حالياً رئيس الحكومة أحمد أويحيى، تشير الى بوادر أزمة داخل هذا الحزب الذي أعلن مساندته ترشيح بوتفليقة لولاية ثانية. جبهة وطنية وفي السياق ذاته يُتوقع ان يُعلن الأسبوع المقبل ميلاد "جبهة وطنية" تضم شخصيات سياسية وحزبية هدفها وضع مبادرة لضمان نزاهة الانتخابات الرئاسية المقبلة ورحيل الحكومة الحالية. وكشفت مصادر متطابقة ان ثمة اتصالات تجري منذ الثلثاء الماضي بين أحزاب وشخصيات وطنية ومرشحين للرئاسة للتحضير للقاء يتوج بتشكيل هذه الجبهة التي ستضع هدفاً لها يتمثل ب"وضع حد لاستغلال" مؤسسات الدولة ل"اغراض انتخابية". ويتولى تحضير المبادرة الجديدة عدد من الأحزاب مثل جبهة التحرير وحركة الإصلاح الوطني وحزب التجديد، إضافة إلى مجموعة من الشخصيات الوطنية مثل أحمد طالب الإبراهيمي. ويطالب معارضو رئيس الجمهورية ب"وضع حد لهيمنة الرئيس المرشح على مؤسسات الدولة" و"رحيل حكومة أحمد أويحيى". وتمتلك جبهة التحرير وحركة الإصلاح غالبية تسمح لها بطلب سحب الثقة من الحكومة من دون الحاجة إلى تحالفات إضافية. إلى ذلك اتهمت حركة الإصلاح التي يتزعمها عبدالله جاب الله حزب حركة مجتمع السلم الذي يقوده أبو جرة سلطاني ب"الخيانة" لأنها نقضت، كما قال جاب الله، مضمون عقد بين الحزبين الإسلاميين يتبادلان بموجبه أصوات المنتخبين في انتخابات مجلس الأمة التي جرت الثلثاء الماضي. ومكنت تلك الانتخابات حركة مجتمع السلم من حصد أربعة مقاعد، في حين حصلت حركة جاب الله على مقعدين فقط على رغم امتلاكها عدداً أكبر من المنتخبين. وقال جاب الله الذي ترشح رسمياً للرئاسة ان حركة مجتمع السلم "خانت العهد الموثق بيننا"، في حين أشار أبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم الى "تجاوزات وخرق عهود في اللحظة الأخيرة". وتعقد حركة مجتمع السلم مؤتمرها هذا الشهر وربما تعلن ترشح رئيسها سلطاني للرئاسة أيضاً. في موازاة ذلك، عبر بن فليس، أمس، عن تضامنه مع حزب التجديد "ضد المؤامرة المحاكة ضد الحزب للسطو على إرادة مناضليه". وجاء هذا الموقف بعدما استقبل، مساء الخميس، وفداً عن الحزب بقيادة الدكتور ياسين تركمان الذي أبدى، من جهته، تضامنه مع ما يتعرض له حزب جبهة التحرير. وكان حزب التجديد الذي يملك مقعداً واحداً في الحكومة ممثلاً في وزير التجارة نور الدين بوكروح استنكر، مساء الأربعاء، محاولة وزارة الداخلية تنظيم "حركة تصحيحية" داخل الحزب بهدف إعلان دعم الحزب ترشح بوتفليقة لعهدة رئاسية ثانية. وأعلن، أمس، ميلاد "المنتدى الديموقراطي للقوى الوطنية" وهي "جبهة مفتوحة لكل المواطنين المناضلين من أجل جزائر العدالة والحريات الأساسية بدون إقصاء ولا تهميش".