وضع الرئيس الفرنسي جاك شيراك مجدداً، كامل ثقله الى جانب مشروع قانون صون العلمانية الذي أقرته الحكومة الفرنسية خلال اجتماعها أمس، تمهيداً لإحالته على البرلمان في 3 شباط فبراير المقبل. وقال ان اصدار مثل هذا القانون "ضروري" وان غيابه يعبر عن "عدم مسؤولية". ونقل الوزير الناطق باسم الحكومة جان فرانسوا كوبيه عن شيراك قوله ان "مشروع القانون يؤكد مجدداً وبوضوح، حياد مؤسسات التعليم العام، ولا يهدف بالطبع الى حظر علامات الانتماء الديني في الحياة اليومية". وأضاف ان "هذا النص ضروري" وانه "يحمي مدرستنا من الطائفية" وان "خيار حظر العلامات الظاهرة في المدرسة هو خيار يحترم تاريخنا وعاداتنا وقيمنا". وتابع ان عدم القيام بأي خطوة على هذا الصعيد يعبر "عن عدم مسؤولية" ويشكل "خطأ" و"يترك المجال مفتوحاً أمام الطائفية"، داعياً الى العمل دائماً على تحبيذ "نهج الحوار" في اطار تطبيق القانون بعد صدوره. وكان شيراك اتخذ بنفسه قرار اصدار مثل هذا القانون في 17 كانون الأول ديسمبر الماضي، بناء على توصيات لجنة "ستازي" التي أنشأها لدراسة الموضوع، بهدف وضع حد للصخب والمزايدات السياسية والإعلامية التي تمحورت حول كيفية التعامل مع الحجاب في المدارس والدوائر العامة. وأمل الرئيس الفرنسي في ان يؤدي قراره هذا الى تهدئة التوتر السائد في فرنسا منذ مدة، خصوصاً بين أوساط الجاليتين المسلمة واليهودية من خلال قانون يساوي بين الجميع بمعزل عن أصولهم ودينهم. لكن هذا القرار أثار استياء عاماً لدى الطوائف الفرنسية عموماً انطلاقاً من تخوفها على الحريات الدينية، كما اثار احتجاجات في أوساط الجالية المسلمة التي اعتبرت نفسها مستهدفة من خلالها، فيما شكل موضوع سوء فهم من جانب بعض المراجع والأطراف العربية والاسلامية. وعلى صعيد الطبقة السياسية الفرنسية، فإن طرح مشروع القانون في ظل حملة الانتخابات الاقليمية المقررة في 21 آذار مارس المقبل، حوله الى موضوع تجاذب بين القوى المختلفة، والى محور تنافس بين رموز الغالبية الحاكمة الممثلة بحزب "الاتحاد من أجل الحركة الشعبية". وغاصت الغالبية الحاكمة في لغط لغوي حول التعابير المستخدمة في نص مشروع القانون. وصبّ وزير التربية الوطنية الزيت على النار من خلال اجتهاده حول حظر اللحى وأي غطاء على الرأس، مما اضطر رئيس الكتلة النيابية لحزب الاتحاد، جاك بارو الى جمع نواب كتلته لتوحيد مواقفهم. وفيما يبدو ان غالبية نواب حزب الاتحاد سيصوتون على مشروع القانون، فإن بعض المشككين في جدواه ومنهم رئيس الوزراء السابق إدوار بالادور، ونائب رئيس الكتلة النيابية للحزب كلود غواسكين ووزير الخارجية السابق هيرفي دو شاريت، قد يمنتعون عن التصويت. وكان رئيس حزب "الاتحاد من أجل الديموقراطية" يمين وسط فرانسوا بايرو اشار الى أن نواب حزبه لن يصوتوا على مشروع القانون بوضعه الحالي، في حين رأى الحزب الاشتراكي ان موقفه من مشروع القانون، رهن بالتعديلات التي ستدخل عليه خلال المناقشة البرلمانية، وترك الحزب الشيوعي لنوابه حرية اختيار الموقف الذي يتناسب مع قناعاته. ولكن مواقف الرفض والامتناع لن تحل دون اقرار مشروع القانون، لأن حزب "الاتحاد من أجل الحركة الشعبية" يحظى بغالبية برلمانية مطلقة.