ما عليك سوى أن تسير في حرم الجامعة حتى يغمرك شعور عارم بالإثارة الطفولية، إذ سرعان ما تسري في جسدك تلك الطاقة الخلاقة للعقول الشابة المنشغلة بالعمل، فتأسرك وتلهمك في آن. مناخ الجامعة عالم فريد، بني على فكرة نبيلة هي التعاون والتنسيق. وبصرف النظر عن مدى اختلافنا وتنوع انتماءاتنا الجغرافية، فإن كل عضو في مجتمع الجامعة مرتبط بالآخر من خلال التجربة المشتركة للطلاب. ولعلنا كأعضاء نتوحد بشكل أكبر من خلال صراعنا للوصول الى هدف واحد: السعي وراء المعرفة. على أي حال، فإن الدروس التي تُعلّم في الجامعة هي أبعد من مواضيع المدرسة التقليدية. فاضطرارهم العيش بمفردهم في الكلية، يجعل الأطفال يصبحون فجأة بالغين. وليس مهماً كم يبدو صعباً عليهم أن يتخلصوا من طفولتهم، فالعديد من الأهالي الاميركيين يرون في استقلال الطالب خطوة ضرورية وأساسية في حياته كشاب. في حرم الجامعة على أولئك الأطفال المحميين أن يطبخوا بأنفسهم وأن يعتنوا بنظافتهم لوحدهم وأن يغسلوا ملابسهم، والأهم أن يديروا شؤونهم المادية. وبينما يمكن للطالب أن ينضج بشكل فردي، فإن الكثير من هذا النمو الشخصي يصبح أكثر سهولة في ظل حقيقة أن معظم الطلاب يعيشون معاً. فعلياً، 98 في المئة من طلاب السنة التحضيرية الأولى يعيشون في سكن داخلي. وهذا المناخ "الاشتراكي" يساعد الطلاب على التكيف مع حياتهم المستجدة في الحرم الجامعي الأكبر لاحقاً. وإذا تمشيت في قاعات المنامة الداخلية خلال ليالي الأسبوع، يمكنك أن ترى الأبواب مشرعة كمؤشر دعوة لكل من يمرّ أمامها بالدخول. ومن فراغات الجدران تنبعث أصوات موسيقى عالية وضحكات حماسية، إضافة إلى صمت الدراسة المكثف. يناقش الطلاب مع جيرانهم أسئلة واجهتهم ربما تتعلق بواجباتهم الدراسية أو أين سيودعون نفقاتهم الدراسية. يشكلون مجموعات دراسة ويتشاطرون النصيحة حول المواد التي تعلموها. ويتقاسم الطلاب عموماً الفهم العميق الذي يملكه الجميع للحياة التقليدية للطالب بكل ما فيها من مصاعب ومباهج. كطلاب، يمكننا أن نقرأ وجوه بعضنا كصفحات كتاب، نفك طلاسم تعابيرنا بتفسيرات لفظية. أنظر إلى الاحمرار في عينيه فترى طالباً لم ينم لأيام لأنه كان يحضر لامتحاناته تاركاً الراحة بطيبة خاطر مخافة أن يستغرق ذلك الكثير من الوقت، أو ربما نسي أن يأخذ استراحة ليأكل إلى أن يتصاعد ذلك الصوت المحرج لمعدته من دون توقف. على تلك الزاوية يمكنك أن ترى طالباً سعيداً يسير بخيلاء يهمهم بفخره الداخلي لأنه حصل على علامات عالية في امتحان أو في بحث ما. أما هنا فوجه مليء بخيبة الأمل يتمتم كلمات ويذرف دموعاً علناً من دون مبالاة في أن يرى أحد هذه الدموع. لا يريد شيئاً أكثر من فرصة ثانية! في أي لحظة من الوقت، ترى الكثير من المعاناة والكثير من السعادة، الكثير من المغمورين بالفشل والعديد من المفعمين بالبهجة. الحقيقة البسيطة التي نختبرها كلنا أن "محنة الطالب" هي ما يجمعنا سوية، وتلك الشبكة المعقدة من الصداقة والزمالة تجعلنا أقوى، كطلاب يتعلمون كيف ينجون في "العالم الحقيقي"، جميعنا يعترف بحلاوة طعم النجاح الصعب.