يستعرض الجزء الثاني من التقرير الاقتصادي العربي الموحد التطورات المالية والنقدية والمصرفية وتطورات أسواق الأوراق المالية العربية والتجارة الخارجية والبينية وموازين المدفوعات والدين العام الخارجي، ونظم الصرف وأسواق العمل في الدول العربية والعون الإنمائي العربي وتطور العمل في تنفيذ منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتوسيع شمولها لتتضمن تحرير تجارة الخدمات. واشار التقرير الى ان الدين العام العربي ارتفع الى 442 بليون دولار عام 2002. شهد عام 2002 انخفاضاً في كل من إجمالي الإيرادات وإجمالي النفقات بالنسبة للدول العربية ككل. ونظراً لأن معدل الانخفاض في إجمالي الإيرادات فاق معدل الانخفاض في إجمالي النفقات، تراجعت الأوضاع المالية الحكومية بصورة عامة عام 2002 مقارنة بالعام السابق. وانخفض إجمالي الإيرادات العامة والمنح بنحو 3.6 في المئة عام 2002 الى نحو 183.3 بليون دولار. وحدث هذا الانخفاض بصورة أساسية من جراء انخفاض الإيرادات النفطية بنحو 6.9 في المئة في الوقت الذي لم تسجل فيه بنود الإيرادات الأخرى سوى زيادة طفيفة. ونتيجة لذلك انخفضت نسبة إجمالي الإيرادات والمنح إلى اجمالي الناتج المحلي بنحو 1.4 نقطة مئوية عن مستواها العام السابق لتبلغ 28.9 في المئة. وفي اجمالي النفقات العامة، انخفض نحو 0.3 في المئة الى نحو 205.7 بليون دولار عام 2002. وانخفضت النفقات الجارية بنسبة 1.6 في المئة مقارنة بمستواها عام 2001، في حين ارتفعت النفقات الرأسمالية بنسبة 4.1 في المئة. وانحفضت النفقات العامة إلى اجمالي الناتج المحلي 0.5 نقطة مئوية، من 32.9 في المئة في عام 2001 إلى 32.4 في المئة عام 2002. وأدت التطورات في جانبي الإيرادات والنفقات إلى تراجع الوضع الكلي للموازنات الحكومية المجمعة للدول العربية عام 2002 وفق المؤشرات كافة. وتراجع الفائض الجاري نحو 4.3 بليون دولار الى 25 بليون دولار وتراجعت نسبته إلى اجمالي الناتج المحلي 0.8 نقطة مئوية لتبلغ 3.9 في المئة عام 2002. وارتفع العجز الكلي من نحو 16.3 بليون دولار عام 2001 إلى نحو 22.4 بليون دولار عام 2002، كما ارتفعت نسبته إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 0.9 نقطة مئوية على مستواها في العام السابق لتبلغ 3.5 في المئة عام 2002. وبالنسبة للديون العامة الداخلية، تشير التقديرات إلى أن إجمالي الدين العام الداخلي في الدول العربية ككل ارتفع خلال عام 2002 بنحو 1.5 في المئة الى نحو 300.1 بليون دولار، كما ارتفعت نسبته إلى اجمالي الناتج المحلي بنحو 0.4 نقطة مئوية عن مستواها في العام السابق لتبلغ 54.8 في المئة في نهاية عام 2002. التطورات النقدية والمصرفية في مجال التطورات النقدية، استهدفت السياسة النقدية في الدول العربية عام 2002، كما كان عليه الشأن في الأعوام السابقة، دعم استقرار الأسعار المحلية وسعر الصرف، وإيجاد بيئة تتسم بالاستقرار النقدي والمالي لتهيئة الظروف الملائمة لتحقيق نمو اقتصادي مرتفع ومتواصل. وفي مجال التطورات المصرفية، أظهرت مؤشرات أداء القطاع المصرفي العربي تحسناً ملحوظاً في ضوء الأداء الجيد للمصارف التجارية العربية عام 2002. إذ تشير بيانات الموازنات المجمعة للمصارف التجارية العربية إلى أن المصارف شهدت توسعاً ملحوظاً في نشاطها عام 2002، اذ نمت الموجودات الإجمالية والودائع وتعززت رسملة معظم المصارف مقارنة بالعام الماضي. كما شهد النشاط الاقراضي توسعاً ملحوظاً مدفوعاً من جهة بزيادة الطلب على القروض والتسهيلات المصرفية من قبل الوحدات الإنتاجية في القطاع الخاص في ضوء الدور المتنامي لهذا القطاع في النشاط الاقتصادي، ومن جهة أخرى بالانخفاض في أسعار الفائدة على القروض المصرفية. أسواق المال وفي مجال أسواق الأوراق المالية العربية، تابعت الدول العربية عام 2002 تطوير أسواقها المالية بما يضمن توفير الحوافز اللازمة لنمو هذه الأسواق وزيادة كفاءتها لتمكينها من القيام بالدور المهم المناط بها في حشد المدخرات وتوجيهها لمجالات الاستثمار المتنوعة وتوفير مصادر التمويل للمشاريع الاقتصادية المختلفة. وفي مجال اداء أسواق الأوراق المالية العربية، استمر بالتحسن للعام الثاني على التوالي، وأظهر المؤشر المركب للصندوق الخاص بهذه الأسواق في نهاية عام 2002 تحسناً في الأداء العام بلغت نسبته 0.6 في المئة مقارنة مع عام 2001. كما ارتفعت القيمة السوقية لأسواق الأوراق المالية العربية بنسبة 37 في المئة لتبلغ في نهاية عام 2002 نحو 208.9 بليون دولار. التجارة الخارجية والبينية سجلت التجارة الخارجية العربية الإجمالية عام 2002 زيادة في جانب الصادرات تُقدر نسبتها بنحو 1.4 في المئة في حين سجلت الواردات الإجمالية العربية زيادة تُقدر نسبتها بنحو 7.7 في المئة مقارنة مع العام السابق. وبالنسبة لحصة التجارة العربية الخارجية في التجارة الدولية، انخفضت حصة الصادرات العربية في إجمالي الصادرات الدولية بدرجة طفيفة الى 3.8 في المئة مقارنة مع 3.9 في المئة عام 2001، نظراً لأن معدل الزيادة في الصادرات العربية كان أدنى من معدل الزيادة في الصادرات الدولية. أما الواردات العربية التي ارتفعت بمعدل فاق المعدل الدولي، فقد ارتفعت حصتها في الواردات الدولية بصورة طفيفة الى 2.6 في المئة مقارنة مع 2.5 في المئة عام 2001. أما بالنسبة للتجارة العربية البينية، ففي ضوء إقدام الدول العربية على تحرير التجارة البينية في إطار قيام منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى جرى خفض التعرفة الجمركية على الواردات العربية البينية بنسبة بلغت 50 في المئة مطلع السنة، وبلغت قيمة الصادرات العربية البينية عام 2002 نحو 21.4 بليون دولار، أي بزيادة نسبتها 20.2 في المئة، كما بلغت قيمة الواردات البينية نحو 18.2 بليون دولار وبزيادة نسبتها 15.9 في المئة. غير أن التبادل التجاري البيني لا يزال يتسم في غالبيته بالتركز بين دول عربية مجاورة لبعضها البعض. موازين المدفوعات وتواصل نمو الصادرات العربية الإجمالية في عام 2002، وانعكس ذلك على مجمل عناصر موازين المدفوعات للدول العربية، حيث أسفرت الموازين التجارية والجارية والموازين الكلية عن فوائض، وارتفعت الاحتياطات الخارجية الرسمية إلى مستويات قياسية. وبذلك يكون عام 2002، هو العام الرابع على التوالي الذي تحقق فيه الموازين التجارية والجارية والكلية للدول العربية مجتمعة فوائض، وتواصل فيه الاحتياطات الخارجية الرسمية اتجاهها الصعودي السنوي. وحقق الميزان التجاري للدول العربية مجتمعة عام 2002 فائضاً قدره نحو 65.8 بليون دولار. ويلاحظ أن هذا الفائض يقل بنسبة 6.8 في المئة عن الفائض التجاري المحقق عام 2001 البالغ 70.6 بليون دولار، ويعزى التراجع إلى ارتفاع الواردات العربية الإجمالية عام 2002، بصورة تجاوزت الارتفاع الذي حدث في الصادرات العربية الإجمالية. الديون الخارجية وبالنسبة للديون الخارجية، ارتفع حجم الدين العام الخارجي القائم في ذمة الدول العربية المقترضة من 132.4 بليون دولار عام 2001 إلى 141.9 بليون دولار عام 2002، وارتفعت نسبته إلى اجمالي الناتج المحلي بنحو 1.9 نقطة مئوية من مستواها العام السابق الى 46.9 في المئة. ومن ناحية أخرى، ارتفع إجمالي خدمة الدين العام الخارجي بنحو 1.4 في المئة ليبلغ 15 بليون دولار، في حين انخفضت نسبته إلى إجمالي صادرات السلع والخدمات للدول المقرضة من 15.8 في المئة عام 2001 إلى 15.4 في المئة في عام 2002. وفي ما يتعلق بأسعار ونظم الصرف، سجلت عملات ثلاث دول عربية لا يتم تثبيت قيمتها أمام الدولار ارتفاعاً في أسعار صرفها مقابل الدولار عام 2002. وهذه العملات هي الدرهم المغربي والدينار التونسي والدينار الكويتي. وتحقق الارتفاع في قيمة تلك العملات أمام الدولار نتيجة للدور الذي يلعبه اليورو في تحديد أسعارها، حيث أثر ارتفاع اليورو أمام الدولار عام 2002 على تطورات أسعار صرف العملات المذكورة. وبالنسبة لباقي العملات العربية التي لا يتم تثبيت قيمتها أمام الدولار، فقد انخفض سعر صرف الدينار الليبي مقابل الدولار بنسبة 86 في المئة تقريباً، وذلك نتيجة قرار خفض سعر صرف الدينار أمام وحدة حقوق السحب الخاصة بدءاً من أول كانون الثاني يناير 2002. كما انخفض سعر صرف الدينار السوداني مقابل الدولار بنسبة اثنين في المئة تقريباً، وانخفض كذلك سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار بنسبة 13.3 في المئة. وتجدر الإشارة إلى أن السلطات في مصر اتخذت إجراءات بدءاً من آب أغسطس عام 2001 لتخفيف الضغط على سعر الصرف حيث خفضت السعر المركزي وتوسيع هامش التحرك للجنيه أمام الدولار. وأخيراً، تراجعت أسعار صرف كل من الأوقية الموريتانية والدينار الجزائري والريال اليمني أمام الدولار، بينما كانت عملات باقي الدول مثبتة أمام الدولار. أسواق العمل العربية وأولت الدول العربية اهتماماً متزايداً لرفع معدلات النمو الاقتصادي، وتحسين مستوى معيشة مواطنيها. وعلى رغم ذلك، لا تزال مشكلة إيجاد فرص عمل كافية لمقابلة الطلب على الشغل من الداخلين الجدد لسوق العمل، ومعالجة مشكلة البطالة المتنامية، تشكل تحدياً كبيراً لمخططي وواضعي السياسات الاقتصادية والاجتماعية. وتتسم القوى العاملة في الدول العربية، التي بلغ عددها في عام 2002 نحو 103 ملايين فرد، بارتفاع معدلات نموها، والتي بلغت 3.1 في المئة خلال الفترة 1995 - 2001، ويتجاوز هذا المعدل معدل النمو السكاني البالغ 2.5 في المئة في المتوسط خلال الفترة ذاتها. كما تتسم القوى العاملة العربية بانخفاض نسبتها إلى إجمالي السكان 34.2 في المئة وبتركيبتها الفتية، وبضعف مستوى تعليمها وتدريبها، ما انعكس في تدني إنتاجيتها. ويعمل حوالى ثلث القوى العاملة العربية في الزراعة و18 في المئة في قطاع الصناعة و49 في المئة في قطاعات الخدمات. وسجلت معظم الدول العربية نسباً عالية لحصة القطاع العام من إجمالي العاملين، كما تعتبر نسبة العاملين في الحكومة إلى إجمالي العاملين في الدول العربية، على رغم تراجعها في العقد الأخير، الأكبر بالمقارنة مع الأقاليم الرئيسية في العالم. يُقدر إجمالي المساعدات الإنمائية المقدمة من الدول العربية في عام 2002 بنحو 3.4 بليون دولار مسجلاً ارتفاعاً بلغ 11.7 في المئة عما كان عليه عام 2001. وبذلك يبلغ إجمالي ما قدمته الدول العربية من مساعدات إنمائية ميسرة خلال الفترة 1970 -2002 نحو 117.5 بليون دولار، وبلغت مساهمة السعودية فيها 65.5 في المئة، والكويت 15.7 في المئة، والإمارات 10.1 في المئة في حين ساهمت الدول العربية المانحة الأخرى بالباقي. وبلغت نسبة العون العربي إلى اجمالي الناتج القومي للمانحين الرئيسيين 1.1 في المئة لعام 2002، وبلغت هذه النسبة للسعودية 1.4 في المئة، وللكويت 1.0 في المئة، وللإمارات 0.3 في المئة. وواصلت مؤسسات وصناديق التنمية العربية جهودها في دعم مشاريع التنمية في معظم الدول النامية. وبلغ إجمالي التزامات العمليات التمويلية عام 2002 نحو 4 بلايين دولار، ساهم فيها الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بنسبة 23.9 في المئة، والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية بنسبة 17.9 في المئة، وصندوق أبوظبي للتنمية بنسبة 12.3 في المئة، وصندوق "أوبك" للتنمية الدولية بنسبة 12.1 في المئة، والصندوق السعودي للتنمية بنسبة 4.7 في المئة، وصندوق النقد العربي بنسبة 3.6 في المئة، والمصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا بنسبة 3.4 في المئة. وبذلك بلغ المجموع التراكمي لالتزامات العمليات التمويلية لمؤسسات وصناديق التنمية العربية حتى نهاية عام 2002 نحو 64.3 بليون دولار. منطقة التجارة العربية دخلت منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى عامها الخامس في التنفيذ بحلول عام 2002، وبلغ الخفض التدرجي من الرسوم الجمركية والرسوم والضرائب ذات الأثر المماثل على السلع ذات المنشأ العربي 50 في المئة من تلك التي كانت مطبقة في 31/12/1997. كما بلغ عدد الدول العربية التي انضمت إلى المنطقة 16 دولة هي الأردن والإمارات والبحرين وتونس والسعودية والسودان وسورية والعراق وعُمان وفلسطين وقطر والكويت ولبنان وليبيا ومصر والمغرب.ونظراً للدور المهم الذي تلعبه تجارة الخدمات في التجارة الخارجية العربية، تزايد اهتمام الدول العربية بتحرير تجارة الخدمات ما بينها، وفي هذا الإطار، بدأت الدول العربية في إعداد اتفاق عربي لتحرير تجارة الخدمات في ما بينها وبدأت المفاوضات في شأنها في اواخر العام الماضي. الاقتصاد الفلسطيني واستمرت أوضاع الاقتصاد الفلسطيني في التدهور الشديد عام 2002، وتشير التقديرات الأولية إلى أن اجمالي الناتج المحلي انخفض إلى نحو 1410 ملايين دولار عام 2002 بمعدل انخفاض قدره خمسة في المئة مقارنة بالناتج المحلي عام 2001. وبذلك يكون نصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي انخفض إلى نحو 390 دولاراً. وارتفعت معدلات البطالة إلى أكثر من 70 في المئة وارتفع معدل التضخم إلى 27 في المئة. وفي ظل هذه الظروف تشير التقديرات إلى أن عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر ارتفع إلى نحو 70 في المئة من إجمالي السكان. بلغ إجمالي العون الخارجي عام 2002 نحو 540 مليون دولار، بارتفاع نسبته 46 في المئة مقارنة مع عام 2001. وشكل الدعم العربي وفقاً لقرارات مؤتمرات القمة العربية الجزء الأكبر من هذا العون إذ بلغ نحو 400 مليون دولار. وتقدر المصادر الدولية حاجة الاقتصاد الفلسطيني إلى دعم يبلغ نحو 5.4 بليون دولار لإعادة الإعمار وتفعيل قطاعات الاقتصاد والبنى الأساسية.