سارعت أوساط قريبة من رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون الى اعلان رفضها قيام تركيا بدور الوساطة بين اسرائيل وسورية بزعم ان الظروف ليست مواتية بعد. ونقلت صحيفة "يديعوت احرونوت" المعروفة بمصادرها الموثوقة في مكتب شارون ان الاخير "ذُهل" لدى سماعه رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان يعلن في دافوس في سويسرا استعداد بلاده للاضطلاع بدور الوسيط بين دمشق وتل ابيب والرد الايجابي الذي سمعه من الرئيس السوري بشار الاسد والسفير الاسرائيلي لدى انقرة على هذه المبادرة. وفي دمشق عبّر وزير الاعلام السوري احمد الحسن امس عن تمنياته بنجاح الوساطة التركية. ذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الذي استمع الى اقوال نظيره التركي اردوغان في مزرعته في النقب "كاد يقع عن كرسيه" وانه نفى ان يكون هو او غيره من المسؤولين الاسرائيليين خوّل تركيا القيام بالوساطة. وأضافت انه استفسر من مستشاري وزير الخارجية سلفان شالوم اذا كان احدهم او السفير الاسرائيلي في انقرة اقترح على المسؤولين الاتراك القيام بهذه المهمة، لكنهم نفوا ذلك "بل ان احدهم أقسم ان شالوم لم يقترح شيئاً من هذا القبيل". ونقلت الاذاعة العبرية عن محافل سياسية في تل ابيب قولها ان اسرائيل تقدّر المكانة المميزة التي تتمتع بها انقرة نظراً الى علاقاتها الوطيدة مع كل من تل ابيب ودمشق "لكنها لن توافق على قيامها بدور الوسيط لأن الرئيس السوي لا يحرك ساكناً ضد الارهاب المنطلق من أراضيه ولم ينفّذ اياً من المطالب في هذا الشأن". ويعكس هذا الموقف المتشدد لشارون، الخلاف في وجهات النظر بينه وبين شالوم فالاول يرفض قطعاً فتح اي قناة اتصال مع سورية بداعي تمكين واشنطن من مواصلة ممارسة ضغوطها بعد تشريع الكونغرس قانون محاسبة سورية، فيما يدعو شارون الى درس الاقتراح السوري استئناف المفاوضات بجدية لئلا تظهر اسرائيل رافضة للسلام، وهو الموقف الذي عبّر عنه ايضاً الناطق باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية يوناتان بيلد، في حديث الى وكالة "فرانس برس" اول من امس بترحيبه بالاقتراح التركي بالوساطة والموافقة عليه، مضيفاً ان اسرائيل تنتظر من سورية افعالاً وليس اقوالاً فحسب وان ثمة اموراً كثيرة يتعيّن القيام بها قبل القول ان المفاوضات قد بدأت. من جهة اخرى، عبر وزير الاعلام السوري احمد الحسن امس في تصريحات امام الصحافيين عن تمنياته بنجاح الوساطة التركية لاستئناف مفاوضات السلام بين سورية واسرائيل. وقال الحسن في ختام لقاء مع مجموعة فنانين عراقيين تزور دمشق انه اذا "طرح اردوغان انه يود عملاً ما بالنسبة الى عملية السلام فنحن نتمنى له النجاح في جهوده". واضاف: "ربما يستطيع اردوغان اقناع حكومة شارون الاقلاع عن تعنتها وعدم انصياعها للشرعية الدولية وعدم التزامها قرارات مجلس الامن". وتابع: "نحن دوماً كنا ننادي للسلام والتزام الشرعية الدولية وقرارات مجلس الامن. وسورية راغبة بالسلام". وجدد وزير الاعلام السوري رغبة دمشق في استئناف المفاوضات مع اسرائيل "من النقطة التي توقفت عندها"، وقال: "نحن لا نضيع الجهود التي بذلت خلال سنوات". ورفضت سورية الاقتراح الاسرائيلي. ويستبعد شارون الان مثل هذا الانسحاب ويطالب بمعاودة أي مفاوضات مع سورية من "نقطة الصفر". واضاف الوزير السوري: "الرجوع الى نقطة الصفر معناه اننا اضعنا جهوداً كبيرة، ونكون قد رسخنا مبدأ يتناقض مع المواثيق الدولية". وفي مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" في مطلع كانون الاول ديسمبر، دعا الرئيس السوري بشار الاسد الى استئناف المفاوضات مع اسرائيل للتوصل الى انسحاب اسرائيلي من الجولان في مقابل السلام واقامة علاقات طبيعية بين الجانبين. وفي 21 كانون الثاني يناير، أكد الاسد لنظيره المصري حسني مبارك انه على استعداد للتفاوض مع اسرائيل "من دون شروط مسبقة بل من نقطة الصفر" اذا اقتضى الامر وفي حال لم يفرض الاسرائيليون من جانبهم شروطاً مسبقة.