بعد يوم على اشتراط رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون استئناف المفاوضات مع سورية "من نقطة الصفر" فضلاً عن مطالبته بإذعانها لعدد من الاملاءات الاسرائيلية، أوضحت أوساط قريبة من شارون انه لن يوافق على الانسحاب الشامل من الجولان السوري المحتل في اطار اي تسوية سياسية في المستقبل "انما فقط من مناطق معينة"، مضيفة ان شارون عنى بتصريحه المذكور انه لا يعقل ان تستأنف المفاوضات مع دمشق من حيث توقفت في عهد سلفه ايهود باراك، انما ستطرح جميع المسائل والمطالب على طاولة المفاوضات من جديد. ورأى مراقبون في اعلان شارون، على مسمع وزراء حكومته، قولاً صريحاً يضع حداً "للف والدوران" اللذين اتسمت بهما التصريحات الاسرائيلية السابقة التي اطلقت ايحاءات وكأن باراك والرئيس السوري الراحل حافظ الأسد اتفقا على اكثر من 80 في المئة من القضايا المختلف عليها. اضافوا ان تل ابيب تدرك ان التغيرات التي حصلت بعد الحرب على العراق تصب في مصلحتها وتحشر سورية في الزاوية، وهذا ما عناه وزير المال بنيامين نتانياهو بقوله ان العالم شهد تغيرات جدية منذ عهد ايهود باراك وان سورية أضحت "قرية صغيرة" في هذا العالم "وقد انخفض وزنها، فيما تعززت مكانة اسرائيل، ما يعني وجوب أخذ هذه الحقيقة في الاعتبار". وعاود مسؤولون اسرائيليون الحديث عن ان وراء اقتراح الرئيس السوري بشار الأسد استئناف المفاوضات مع اسرائيل "الضائقة" التي تعيشها بلاده في اعقاب اقرار الكونغرس الاميركي قانون "محاسبة سورية". واعادوا الى الأذهان ان شارون أو ضح منذ تسلمه رئاسة الحكومة انه غير معني بتحريك المسار السوري وان قراره اجراء "فحص معمق ومتأن" لتصريحات الأسد جاء بناء على طلب من واشنطن، على رغم قناعته بأن "الفحص" لن يفضي الى أي اختراق في الجمود الحاصل منذ سنوات على المسار السوري - الاسرائيلي. وكرر وزير الخارجية الاسرائيلي سلفان شالوم القول ان اسرائيل ستنظر في تصريحات الأسد "لتتأكد مما إذا كانت سورية مستعدة حقاً لسلوك طريق السلام"، مضيفاً ان جهات استخباراتية اسرائيلية ترى ان الغرض من تلك التصريحات "تخفيف حدة الضغوط التي تمارسها عليها الولاياتالمتحدة". في السياق ذاته كتب المعلق السياسي في صحيفة "هآرتس" ألوف بن ان حديث المسؤولين الاسرائيليين عن استئناف المفاوضات مع سورية ليس سوى مجرد كلام، وانهم تراجعوا عندما تبين لهم الثمن المطلوب لتحقيق السلام مع سورية وهو الانسحاب التام من الجولان المحتل. واضاف ان هذه "التسعيرة" معروفة لجميع الاسرائيليين ما حدا بأسلاف شارون الخمسة الى التذرع دائماً بحجج مختلفة لتبرير تعثر المفاوضات مع سورية، فيما السبب الحقيقي لذلك يعود الى حقيقة رفضهم "دفع الثمن المطلوب". وتابع ان أقطاب الدولة العبرية مدركون حقيقة ان غالبية الاسرائيليين ترفض "التخلي" عن الجولان كما انهم واعون لحقيقة ان مواصلة احتلال الجولان لا تكلف اسرائيل أي "ثمن أمني"، فالحدود مع سورية هادئة، باستثناء بعض الحوادث في مزارع شبعا "كما لا يوجد أمام سورية خيار عسكري جدي" يمكن ان يقلق اسرائيل، فضلاً عن ان "السلام المتوقع" لن يأتي بوضع أفضل من الوضع الحالي السائد "حيال رفض السوريين ذوي الوجوه المتجهمة دائماً الانفتاح والصداقة مع اسرائيل" حتى في حال تم التوصل الى اتفاق سلام. وختم مشيراً الى ان شارون "لن يفكر حتى في درس امكان الانسحاب من الجولان في وقت تعيش سورية عزلة وتقع تحت وطأة ضغط اميركي هائل".