الأستاذ غسان شربل. قرءت مقالتك "الحياة"، في 15/12/2003 تحت عنوان "صدام والرسالة والحكاية"، وأود أن أتابعها بما يلي. منذ العام 1991 بعد حرب الكويت، وقبل سقوط صدام، وجهت له أربع رسائل علنية مفتوحة ومنشورة في الصحف وبرقية. ثالثة تلك الرسائل كانت على صفحات "الحياة في 27/5/1994. وأود اليوم أن أرسل لك أول رسالة علنية له كتبتها، ونشرتها في 1991، لأنها قد تجيب عن بعض ما ورد في مقالتك المبدعة. وقبل أن أختم رسالتي هذه أرجع لحادثة وحكاية معروفة، لدينا في بغداد والعراق. كان صدام حسين مطارداً ومختفياً في 1965، في عهد الرئيس الراحل عبدالسلام عارف، في أحد الأيام توجهت قوة من رجال الأمن بقيادة ضابط الأمن، آنذاك، عز الدين لافي، الى مكان في شمال بغداد، عرفت أن صدام كان مختبئاً فيه. وطوق المكان. واذ بصدام يخرج مدفعاً رشاشاً صغيراً من النافذة، ويطلق النار عالياً في الهواء، من دون أن يصوب نيرانه الى محاصريه. ووسط دهشتهم نفذ العتاد، وخرج صدام مستسلماً لهم. وحينما سأله ضابط الأمن عز الدين لافي، عن سبب هذا التصرف الغريب، اجابه انه عيب على "الأزلمة" - الرجل - ان يستسلم وعنده سلاح فيه عتاد. وبعد الحادثة اغتيل لافي ببغداد في 1966 من قبل مجموعة "خط حنين" الإرهابي الذي كان يرأسه صدام نفسه. والغرابة ان صدام لم يستعمل الأسلحة التي كانت معه عندما ألقى الأميركان القبض عليه. فهل اختلفت مقاييس العيب عنده بعد تلك السنين الطويلة، أم ان شيئاً آخر حدث قد جعله لا يقاوم، أم ان أمله المطلق دائماً بحبه للحياة والعيش جعلاه في تلك الوضعية المهينة والمزرية التي لا تتناسب مع كل شروره وطغيانه السابقين، وشكل فجيعة كبرى لكل من كان مخدوعاً به من العراقيين والعرب وغيرهم؟ اسماعيل القادري