تشهد الولاياتالمتحدة جدلاً يتسع نطاقه بعد تصريحات لوزير الخزانة السابق بول اونيل انتقد فيها ادارة الرئيس جورج بوش، ما اضطر البيت الابيض الى الرد. واكد غريغ تيلمان، المدير السابق لمكتب الانتشار النووي في الخارجية الاميركية، ما أعلنه اونيل، متهماً في حديث الى الاذاعة البريطاني بي بي سي الإدارة الاميركية بتشويه الحقائق، موجهاً في الوقت نفسه ضربة الى صدقية رئيس الوزراء البريطاني توني بلير. واكتفى بوش بالإشادة باونيل الذي كان اول عضو في حكومته ينسحب من الادارة في كانون الاول ديسمبر 2002، وقال على هامش القمة الاستثنائية للدول الاميركية "اقدر عمل الوزير السابق في خدمة بلادنا". لكنه عاد بشكل غير مباشر الى واحد من الاتهامات التي وجهها اونيل الذي رأى ان اسقاط نظام الرئيس صدام حسين شكل أولوية منذ بداية ولاية بوش في كانون الثاني يناير 2001، اي قبل ثمانية اشهر من اعتداءات الحادي عشر من ايلول سبتمبر. واكد انه ورث الشأن العراقي، وقال: "كنا نعد سياسة تنطبق عليها الخطوط العريضة للإدارة السابقة، وفجأة وقعت اعتداءات 11 ايلول" وفي واشنطن، اعلنت وزارة الخزانة في الوقت نفسه انها تطلب فتح تحقيق رسمي لتحديد ما اذا كان اونيل انتهك سرية وثائق رسمية بلجوئه الى الصحافي رون سوسكيند لإعداد كتاب سيصدر في الايام المقبلة ونشرت مقاطع منه حول خفايا الادارة الاميركية. وقال سوسكيند ان الوزير السابق حصل على وثائق كتب على واحدة منها عبارة "سري" وتحمل عنوان "خطة لعراق ما بعد صدام" جرت مناقشتها في كانون الثاني يناير وشباط فبراير 2001 . واضاف ان البيت الابيض يتحدث في هذه الوثيقة عن خطط لنشر قوات لحفظ السلام ومحاكم حرب وحتى توزيع الثروات النفطية العراقية. وقال اونيل ايضا في حديث الى مجلة "تايم" نشر الاثنين انه "لم ير في تقارير الاستخبارات دليلاً حقيقياً" على وجود اسلحة للدمار الشامل في العراق. واوضح: "كانت هناك تأكيدات واستنتاجات جاء بها اشخاص. لكنني لست حديث العهد في هذه الامور واعرف الفرق بين الأدلة والادعاءات او التأكيدات التي يمكن التوصل اليها استناداً الى سلسلة من التكهنات". وقال تيري ماكوليف احد قادة الحزب الديموقراطي ان هذه التصريحات تطرح السؤال نفسه من جديد "هل تآمر الرئيس بوش والبيت الابيض لاقحام الولاياتالمتحدة في حرب في العراق قبل وقت طويل من اعتداءات 11 ايلول؟". من جهته، رأى ويسلي كلارك المرشح الديموقراطي للرئاسة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل والمعارض للحرب ان تصريحات اونيل "تؤكد ان الاولوية لدى ادارة بوش لم تكن مرتبطة بالحرب على الارهاب". ويشير اونيل في كتاب سوسكيند "ثمن الولاء" الى غياب الحوار بين الرئيس بوش وأقرب مساعديه ويصفه بأنه رئيس لا يحب المشاركة ويعقد اجتماعات حكومته مثل "أعمى بين طرشان". ولتأكيد ما يقوله، نقل الوزير السابق حوالى 19 الف وثيقة، حسبما اكد سوسكيند. وكان اونيل المعروف بصراحته غادر منصبه في كانون الاول ديسمبر 2002 بعد رفضه جزءاً من السياسة التي يتبعها بوش ومن بينها الخفض الكبير في الضرائب التي حذر من خطر ان تسبب عجزاً. كما انتقد فرض رسوم اضافية على استيراد الفولاذ، القرار الذي تراجع عنه بوش بعد اشهر. وكان اونيل السياسي الجمهوري القديم شغل مناصب عدة في مكتب الموازنة في عهد الرئيسين ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد. واكد انه اكتشف بعد اشهر من وصول بوش الى السلطة انه "من الصعب تحقيق أمور قمنا بها في عهد نيكسون وفورد تنطبق على هذا الرئيس ... الذي يختلف تماماً عن الرجلين". وقال نيلمان لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي: "أخشى القول ان الرأي العام الاميركي تم تضليله على نحو خطير". وأوضح: "ان الادارة الاميركية شوهت الحقائق وبسطتها بالنسبة الى معلومات الاستخبارات بطريقة أدت الى ان يسيء الأميركيون طبيعة التهديد الذي كان العراق يمثله". وقال المسؤول السابق في ادارة بوش "ليس في وسعي التفكير في عمل اسوأ مما تم ارتكابه ضد شعب في بلد ديموقراطي بالمقارنة مع ما فعله رئيس شوّه معلومات حساسة". واتهم تيلمان بوش ب"الإساءة والتلاعب بالثقة المقدسة" التي أولاها له الشعب الاميركي.