سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المستثمر الدولي فضل الابتعاد عن حي المال النيويوركي و23 في المئة خسائر الدولار حتى نهاية 2003 : أسواق المال الأميركية تنهي مسلسل الانهيار وتعوض 7.3 تريليون دولار من خسائرها
فعلتها... أسواق المال الأميركية وخرجت في نهاية سنة 2003 بمكاسب ضخمة وضعت بها حداً لفترة التراجع الأشد قسوة منذ انهيار عام 1929 وعوضت جزءاً كبيراً من الخسائر الهائلة التي ألحقتها بالمستثمرين، الا أن المستثمر الدولي فضل البقاء بعيداً عن حي المال في نيويورك مع استفحال خسائر الدولار وانعكاساتها السلبية على أدواته الاستثمارية... وحقيقة أن غالبية أسواق المال الأخرى، خصوصاً اليابانية والألمانية، حققت مكاسب مغرية. أعطت أسواق المال الأميركية أقوى دليل على طبيعة الانجاز الذي حققته ومتانته عندما كسرت مؤشراتها الرئيسية تقاليد نهاية العام ومتطلباته الضريبية واستمرت في تعزيز مكاسبها، كذلك عندما نجح مؤشر ناسداك لأسهم التكنولوجيا والاتصالات في استعادة بعض بريقه القديم والوصول الى مستوى 2000 نقطة، وان بقيت كل هذه المؤشرات وحتى اللحظة الأخيرة عرضة لعوامل شديدة الحساسية مثل تقلبات ثقة المستهلك الأميركي. تعويض الخسائر وأظهر مؤشر "ولشاير 5000" مدى ضخامة مكاسب حي المال وما تعنيه للمستثمر اذ كشفت دراسة متأنية لهذا المؤشر، الذي يعتبر المرجع الرئيسي في مجاله، بأن الأسهم الأميركية خسرت في المتوسط نحو 48 في المئة من قيمتها السوقية في فترة الأعوام الثلاثة الممتدة من 24 آذار مارس عام ألفين الى 11 آذار سنة 2003، لكنها عوضت وفي الشهور العشرة الأخيرة ما يقارب 42 في المئة من هذه الخسائر الهائلة التي تعادل اجمالي الناتج المحلي لمجموعة الدول النامية برمتها. واتضح الحجم الحقيقي للخسائر في أرقام يمكن استنتاجها من مؤشر ولشاير الذي يفيد بأن الأسهم المتداولة في أسواق المال الأميركية بلغت الذروة ووصلت قيمتها السوقية الاجمالية الى 17.25 تريليون دولار في 24 آذار عام ألفين، ثم انهارت مباشرة وبتسارع متذبذب الى القاع في 9 تشرين الأول اكتوبر عام 2002 حيث استقرت قيمتها السوقية عند 8.9 تريليون دولار، مكبدة المستثمرين خسائر بقيمة 8.4 تريليون دولار. وتبدو خسائر الأعوام الأولى من الألفية الثالثة أقل قسوة من انهيار عام 1929 الذي أزهق، وفق نتائج أحدث الدراسات الدولية في هذا المجال، 83 في المئة من ثروات المستثمرين، لكن تطوراتها لم تكن أقل اثارة من سابقتها كما يتضح من الخط البياني المثير الذي رسمه مؤشر ناسداك في اندفاعه الى القمة ثم انفجار فقاعته وسقوطه الى القاع في فترتين زمنيتين متقاربتين الى حد مذهل أكسبه عبرة المثل الشعبي القائل "وكما طار وقع". بداية تعويض الخسائر وبدأت مؤشرات الأسهم الأميركية في تعويض خسائرها في نهاية تشرين الأول من عام 2002 وحققت مكاسب كبيرة قبل أن تصطدم بتجدد الفضائح المحاسبية للشركات الأميركية وتعاظم جهود الحشد السياسي والعسكري لغزو العراق لتعود الى القاع من جديد، لكن المحاولة الثانية التي بدأتها قبل اسبوع من الغزو العسكري في 20 آذار كانت أكثر ثباتا وقادت، على رغم بعض الانتكاسات، الى المكاسب الضخمة التي تحققت لها بحلول نهاية العام. مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" ولخص مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" خسائر أسواق المال الأميركية ومكاسبها اذ بلغ الذروة في 24 آذار عام ألفين بمستوى 1527 نقطة ثم انهار بعد ذلك ليصل الى القاع للمرة الأولى ومستوى 776 نقطة في 9 تشرين الأول عام 2002 منخفضاً بنسبة 49.2 في المئة لكنه، وبعد انتعاش قوي تبعه سقوط في أوائل آذار، أنهى عام 2003 عند مستوى 1110 نقاط مقلصاً خسائر ثلاثة أعوام متتالية الى 27.2 في المئة. وسجل مؤشر ولشاير الذي يرصد حركة أسهم الشركات الأميركية ال 500 الكبرى المدرجة في مؤشر ستاندرد أند بورز 500 علاوة على نحو 6500 شركة أميركية متوسطة وصغيرة، نتائج مماثلة في ما يتعلق بالمكاسب المحققة عام 2003 وأفاد بأن القيمة السوقية الاجمالية للأسهم الأميركية ارتفعت بنحو 3.72 تريليون دولار في الشهور العشرة الأخيرة مقلصة خسائر الذروة الى 4.63 تريليون دولار، ما يعادل 26.83 في المئة. ولم يظهر مؤشرا ستاندرد آند بورز وولشاير حقيقة أن حصص أسهم الشركات الأميركية من المكاسب تباينت بشكل كبير. واتضح من مقارنة المحصلة النهائية لأداء مؤشر داو جونز قبل بداية جلسة التداول الأخيرة لعام 2003 ومقارنتها بمحصلة ذروة بلغها هذا المؤشر في 14 كانون الثاني يناير عام ألفين، بأن أسهم الشركات الأميركية ال30 العملاقة خسرت نحو 37 في المئة من قيمتها السوقية ثم قلصت خسائرها الى 11 في المئة فقط بينما انحصر أداء مؤشر ناسداك في تقليص خسائره من 77 الى 60 في المئة. كذلك تباينت حظوظ القطاعات الاقتصادية في تحقيق المكاسب أو خفض خسائر الذروة. وفي حين انفردت أسهم شركات تجارة السلع الاستهلاكية الثابتة برفع مكاسبها الى 33 في المئة لم تنجح أسهم شركات تقنية المعلومات والاتصالات الا بخفض خسائرها الى 70 في المئة. واختلف الأمر كليا بالنسبة لأسهم شركات الخدمات المالية التي عوضت خسائر ملموسة وارتفعت بنسبة 9 في المئة. وتكرر الشيء نفسه مع أسهم شركات الرعاية الصحية التي ارتفع مؤشرها بنسبة 4 في المئة. الخروج من الأزمة واعتبر رئيس لجنة المؤشرات في مؤسسة ستاندرد آند بورز دايفيد بليتزر نتائج عام 2003 دليلاً قاطعاً على أن أسواق المال الأميركية خرجت من أزمتها، لكن محللين أرجعوا هذه النتائج الضخمة الى عوامل ساهمت في فشل حي المال في استعادة ثقة المستثمر الدولي، ومن ضمنها انخفاض سعر صرف الدولار الذي عزز أرباح الشركات الأميركية الناشطة في الأسواق العالمية وأسهمها الا أنه جعل تملك الأدوات الاستثمارية المقومة بالدولار أكثر خطورة، لا سيما مع بقاء أسعار الفائدة الأميركية منخفضة. وكشفت بيانات وزارة الخزانة أن صافي الاستثمارات الدولية في الأسهم الأميركية بلغ نحو 14 بليون دولار في الشهور العشرة الأولى من عام 2003 مسجلاً انخفاضا حاداً بالمقارنة مع الفترة نفسها من عام 2002، التي بلغ صافي استثماراتها الدولية 41 بليون دولار وشكلت حينئذ أقل من نصف استثمارات فترة المقارنة من عام 2001 ونحو ربع استثمارات عام ألفين. 23 في المئة خسائر الدولار ووفق بيانات مجلس الاحتياط الفيديرالي المركزي الاميركي انخفض سعر صرف الدولار بنسبة 14.5 في المئة مقابل العملات الرئيسية الأخرى عام 2002 ورفع خسائره الى 23 في المئة بنهاية عام 2003.