افتتح حزب العمال البريطاني الحاكم بزعامة رئيس الوزراء توني بلير مؤتمره السنوي امس في مدينة بورنموث الساحلية جنوب انكلترا، وسط انتقادات واحتجاجات من اعضاء معارضين للحرب في العراق، خصوصاً بعد نجاح بلير في الحيلولة دون عرض أي مذكرة في شأن العراق وموقف الحزب من الوضع في هذا البلد للتصويت. وقال نواب مناهضون للحرب في العراق من بينهم اليس ماهون ان قيادة الحزب تصرفت بطريقة مشينة للتهرب من اللجوء الى التصويت بسبب معرفة رئيس الوزراء بأن الغالبية داخل الحزب تعارض التوجهات التي اتخذتها الحكومة البريطانية في وقوفها الى جانب واشنطن في كل الخطوات التي اتخذت ضد العراق. وأقر إيان مكارتني، رئيس حزب العمال في تصريحات ل"الحياة" امس بأن "هناك اشخاصاً داخل الحزب غير راضين عن موقف الحكومة وعلينا التوصل الى حل معهم... لكن في المقابل هناك آخرين مرتاحون لموقف حكومة رئيس الوزراء ويدعمون مواقفه تجاه قضايا اشمل لأنهم يعرفون ان الحكومة العمالية الحالية لديها برنامج اقتصادي واجتماعي يحظى باهتمامهم". واشار مكارتني الى ان الجدل الحاد داخل الحزب في شأن الموقف من العراق لم يمنع التواصل بين القيادة والاعضاء، كما لم يؤد ذلك الى حدوث اي انشقاق. واعرب، رئيس حزب العمال عن أمله بأن ينجح المؤتمر الذي يختتم اعماله الخميس في التوصل الى تفاهم بين كل اعضائه. وقال: "ان المهم من الآن وصاعداً ان يعود العراق للوقوف على قدميه بإرادة اتباعه من خلال رعاية دولية تقودها الأممالمتحدة وتمهد الى تسليم السلطة للعراقيين حتى يتولوا ادارة شؤونهم بأنفسهم". وأكد مكارتني ان حزب العمال يقدر مشاعر الجالية العربية والاسلامية في بريطانيا ويحرص على ان يلعب ابناؤها دوراً أفضل داخل الحزب بما يفسح المجال أمامهم لتولي مناصب فاعلة سواء داخل البرلمان أو الحكومة. ويأتي انعقاد مؤتمر حزب العمال وسط تراجع حاد في شعبيته هي الأسوأ منذ كان نيل كينوك على رأس زعامة الحزب في العام 1987، وقال نواب تحدثت اليهم "الحياة" ان خيبة الأمل الشعبية من تدهور الوضع في العراق بعد خلع الرئيس العراقي صدام حسين وعدم وجود اسباب مقنعة لشن الحرب، وكذلك التحقيقات في قضية انتحار خبير الأسلحة البريطاني ديفيد كيلي الذي اتهم الحكومة بتضخيم المعلومات المتعلقة بملف أسلحة الدمار الشامل العراقية، وساهمت هذه القضايا الى جانب مسائل محلية تتعلق بالتعليم، وتحديداً بالأقساط الجامعية وتخصيص المستشفيات في نفور الناخبين الذين سببوا صدمة للحزب اثر فرز النتائج في انتخابات فرعية شهدها أحد احياء لندن اخيراً. وأقر بلير أمس بأن ما عاناه في الأشهر الماضية كان الأسوأ منذ تسلمه السلطة، لكنه أكد بأنه واثق من قدرة حزبه على الفوز بولاية ثالثة لحكم بريطانيا. ونفى بلير ان يكون وزير الخزانة غوردن براون الذي كان أبرز المتحدثين في اليوم الأول من افتتاح المؤتمر، ينافسه على زعامة الحزب في المرحلة الحالية، على رغم ان بعض المراقبين يؤكد أن مجموعات فاعلة داخل الحزب تنتظر الفرصة المناسبة لاقتناصها والتمهيد لانتخابات قد تنجح في ابعاد بلير عن زعامة حزب العمال. وسيلقي بلير كلمته اليوم وسط ترقب شديد لما يقوله في شأن قضايا عدة على الصعيدين الداخلي والخارجي. فيما تشهد الأروقة الجانبية للمؤتمر ندوات من بينها ندوة دعا اليها مجلس التفاهم العربي - البريطاني أبرز المشاركين فيها وزيرة الدولة للشؤون الداخلية فيونا مكتغارت وعنوانها "العرب في بريطانيا: ارهابيون أم مواطنون؟"، وندوة اخرى بعنوان "العدالة للفلسطينيين"، ويتناوب على الكلام فيها النواب ريتشارد بيرون وجيرمي كوربون والصحافية فيكتوريا بريتين والدكتورة كرمة النابلسي.