ارتفع العلم الأميركي مجدداً أمام مقر "منظمة التربية والثقافة والعلوم" يونيسكو في باريس خلال احتفال رسمي اقيم أمس بحضور زوجة الرئيس الأميركي لورا بوش والأمين العام للمنظمة كويتشيرو ماتسورا. وشكلت هذه العودة الحدث الأبرز لأعمال الدورة ال32 للجمعية العامة للمنظمة التي افتتحت أمس وتستمر حتى 17 تشرين الأول اكتوبر المقبل، كونها تنهي قطيعة طالت نحو 20 عاماً، وتحمل البعض على التفاول بإمكان إصلاح الخلل القائم على صعيد التعامل الأميركي مع المنظمات الدولية وفي مقدمها الأممالمتحدة بسبب الحرب على العراق. وكان الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان تسبب بهذه القطيعة عندما قرر سنة 1984 سحب عضوية بلاده من المنظمة احتجاجاً على ما وصفه في حينه ب"سوء إدارتها" وتحولها إلى إدارة خاضعة لتأثير الاتحاد السوفياتي ودول عدم الانحياز. وترافق حضور لورا بوش، بالطبع، مع اجراءات أمنية استثنائية فرضت حول مقر المنظمة، اذ انتشرت الشرطة بكثافة في محيطه، وحظر على المارة السير على الأرصفة المحاذية له. وبعد لقاء عقدته مع ميتسورا، ألقت بوش كلمة أمام الجمعية العامة قالت فيها ان قرار الرئيس جورج بوش استعادة الولاياتالمتحدة عضويتها في ال"يونيسكو" بادرة "ترمز الى التزام أمتنا بالكرامة الانسانية"، وانها والوفد المرافق لها فخوران بأن هذا الالتزام اصبح واقعاً. ورأت ان ال"يونيسكو" ولدت عبر قناعة مفادها ان السلام لكل الأمم والشعوب "سيتقدم عندما يتراجع الجهل وعدم الثقة ليحل محلها التعليم والتسامح". لكنها أشارت الى انه "اليوم وبعد مضي حوالى 58 عاماً على تأسيس اليونيسكو غداة الحرب العالمية الثانية، ما زلنا نواجه ايديولوجية الحقد والعنف واعمال الارهاب التي تشمل العالم أجمع". وشددتت على ان "اليونيسكو" تستطيع العمل لدفع السلام من "خلال تعميم القيم التي تساعد على هزم الارهاب والتقدم نحو عالم أفضل واكثر أمناً". وتناولت بوش الوضع التعليمي في دول عدة متوقفة عند العراق، مشيرة الى ان بين المآسي التي خلفها الرئيس السابق صدام حسين نسبة 61 في المئة من الأمية، ومؤسسات تعليمية يجري العمل على ترميمها، وان خمسة ملايين تلميذ عراقي سيحصلون في الشهر المقبل على كتب دراسية جديدة خالية من الدعاية البعثية. ولقي قرار عودة الولاياتالمتحدة ارتياحاً بالغاً لدى القيمين على ال"يونيسكو" وعلى رأسهم ميتسورا. الذي اعتمد على مدى السنوات الثلاث الماضية اصلاحات إدارية شجعت واشنطن على هذه العودة. وعبر ميتسورا عن ابتهاجه لقرار الولاياتالمتحدة الذي من شأنه تخفيف الضائقة المالية التي تواجهها المنظمة، وقال: "كل سنة تنخفض موازنتنا بنسبة 5 في المئة، ولكن بعودة واشنطن ستكون هذه الموازنة أقل تقشفاً". ومن المرتقب أن تسدد الولاياتالمتحدة المتأخرات المترتبة عليها، في إطار موازنة المنظمة، وتقدم دفعة أولى بقيمة 5.5 مليون دولار، يوم انضمامها رسمياً لعضوية المنظمة في الأول من تشرين الأول اكتوبر الذي يتزامن مع اليوم الأول من السنة المالية الأميركية. ومع هذه العودة وانضمام تيمور الشرقية في حزيران يونيو 2003، يرتفع عدد أعضاء "يونيسكو" إلى 190 عضواً. وسبق وصول لورا بوش إلى مقر "يونيسكو" لقاء عقدته مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك في قصر الأليزيه، يندرج في إطار التفاهم الجيد الفرنسي - الأميركي، على حد قول الناطق باسم الرئاسة الفرنسية كاترين كولونا، التي اضافت ان الرئيس الفرنسي "سرّ لاستقباله السيدة بوش في قصر الاليزيه"، وأنهما "تبادلا الحديث بمودة" وتناولا مسائل التعدد الثقافي ومكافحة الأمية، وقضايا تربوية وصحية. ويتعين على الجمعية العامة بحث مشروع إعلان يتعلق ب"التدمير المتعمد للتراث الثقافي العراقي"، خصوصاً أنه سبق لل"يونيسكو" أن أكدت في بيان لها أن ما حل بالعراق وأفغانستان "يظهر ضرورة تعزيز الترسانة القانونية الممثلة بالاتفاق الخاص بحماية الممتلكات الثقافية في حال نشوب نزاع مسلح". كما يتعين علىها درس مشروع اتفاق دولي من أجل صيانة الإرث الثقافي غير المادي، مثل العادات والتعابير الشفوية، والعمل على إعداد قانون دولي يتعلق بالتنوع الثقافي.