اعربت دمشق عن استعدادها للتعامل مع الحكومة العراقية الجديدة التي اعلنت اول من امس، بينما اعتبرتها طهران خطوة نحو تسلم العراقيين مقدرات بلادهم. ورحبت دولة الامارات والحكومة الاردنية بتشكيل الحكومة الانتقالية في حين هاجمتها صحيفة مصرية بشدة من دون صدور اي رد فعل رسمي من القاهرة. اعلن امس وزير الخارجية السوري فاروق الشرع أن الحكومة السورية على استعداد للتعامل مع الحكومة العراقية الجديدة "خدمة للشعب العراقي". وقال الشرع في مؤتمر صحافي مشترك مع الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا "اننا على استعداد للتعامل مع الحكومة الجديدة خدمة للشعب العراقي"، معتبرا ان ذلك يشكل "مهمة وطنية بالنسبة لنا تنطلق من الروابط التاريخية والاخوية ومن كون سورية بلدا جارا" للعراق. واشار الوزير السوري الى انه "لم يطلب منا احد الاعتراف بالحكومة" بما في ذلك الذين ساهموا في تشكيلها لان "المهم هو ان نتعامل معها". واضاف "ان الحكومة الجديدة هي خطوة نأمل في ان تكون مساعدة لتحسين ظروف الشعب العراقي والحفاظ على وحدة اراضيه وسيادته". وحول ارسال قوات سورية الى العراق قال الشرع "لم يطلب منا احد ارسال قوات الى العراق". واكدت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" وجود قرار سوري بالتعامل بايجابية مع الوضع العراقي مع استمرار عدم الاعتراف بمجلس الحكم، ورجحت المصادر احتمال استقبال وزير الخارجية هوشيار زيباري في دمشق في حال طلب ذلك، وقالت "التعامل بايجابية شيء والاعتراف بمجلس الحكم والحكومة شيء آخر". وفي طهران، قال ناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية ان طهران تعتبر تشكيل اول حكومة عراقية بعد سقوط نظام صدام حسين "خطوة نحو تسليم شؤون البلاد الى الشعب العراقي". ونقلت وكالة الانباء الايرانية عن الناطق رضا آصفي "نأمل في ان تعيد الحكومة العراقية الجديدة الى الشعب حقوقه في حكم نفسه وان تعيد فرض الامن والاستقرار في البلاد في اقرب وقت ممكن". وجدد دعوة بلاده الى مغادرة "قوات الاحتلال" العراق بسرعة. اما وزير الاعلام الاردني نبيل الشريف فرحب بتشكيل الحكومة في العراق وقال في تصريح الى صحيفة "الدستور" انه "خطوة ايجابية نأمل في ان توصل الى انتخابات قادمة يعبر فيها الشعب العراقي عن قراره السياسي". واضاف الشريف ان "التطور السياسي في العراق بتشكيل الحكومة هدفه الوصول الى انتخابات تفرز آليات سياسية تمثل الشعب العراقي". واعرب عن امله في "اجراء انتخابات حقيقية وتمكين الشعب العراقي من اختيار ممثليه". وفي ابوظبي، رحبت دولة الامارات العربية المتحدة بتشكيل الحكومة العراقية معربة عن الاستعداد للتعاون معها. ونقلت وكالة انباء الامارات عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية ان الامارات "رحبت بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة وأعربت عن ثقتها بقدرة مجلس الحكم والحكومة الجديدة على النهوض بالعراق الشقيق وتجاوز الظروف الاستثنائية والصعبة التى يمر بها حاليا". واضاف المصدر ان دولة الامارات "تعتبر ان الاعلان عن الحكومة الجديدة خطوة ايجابية مهمة تضاف الى ما سبقها من خطوات تتيح لابناء الشعب العراقى ادارة شؤونهم والعمل على استعادة العراق أمنه واستقراره وعافيته". وتابع ان دولة الامارات "تؤكد استعدادها للتعاون معها الحكومة فى كل ما فيه خير الشعب العراقي". ولم يصدر عن القاهرة اي رد فعل رسمي بعد، ووجهت صحيفة "الجمهورية" الحكومية انتقادا لاذعاً الى الحكومة العراقية الجديدة مشيرة الى ان اعضاءها يعملون لحساب الاميركيين وكانوا يعارضون نظام صدام حسين السابق من "علب الليل" في الخارج. وتساءلت الصحيفة في افتتاحيتها "هل نقول مبروك للعراقيين بمناسبة وزارتهم الجديدة التي لم يصدر صدام حسين قرار تشكيلها للمرة الاولى منذ خمسة وعشرين عاماً، ام نقدم لهم المواساة ونشاطرهم الاحزان... لأن الذين سيحكمونهم قد جاؤوا تحت أسنة رماح الاحتلال وجميعهم من المطاردين... المطرودين الذين عاشوا واثروا وادعوا النضال والكفاح وكونوا فصائل المعارضة داخل الكباريهات وعلب الليل؟". واضافت: "للاسف... انها قمة المأساة ان يسيطر على شؤون العراق الآن المندوب السامي الاميركي بول بريمر من جهة وأحمد الجلبي وأعوانه من اعضاء المؤتمر الوطني من جهة اخرى". وتابعت: "بالتالي لا عجب ولا دهشة ان تزيد عمليات المقاومة عنفاً يوما بعد يوم". وفي باريس، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية هيرفيه لادسوس ان فرنسا اخذت علما بتشكيل حكومة في العراق، معتبرا ان هذه الخطوة التي تتبع تشكيل مجلس الحكم الانتقالي تصب في الاتجاه الصحيح. ورفض لادسوس التكهن بشرعية الحكومة العراقية، واكتفى بالقول ان لدى فرنسا قسماً لرعاية مصالحها في العراق وانه يتولى العلاقات الثنائية بالتعاون مع السلطات القائمة. واشار الى ان الاطار العام العراقي القائم حتى الآن هو اطار قوات احتلال. وسيركز الاجتماع المقبل لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الاحد المقبل في جدة على بحث الوضع العراقي. وذكرت مصادر خليجية ان وزراء الخارجية الستة "سيتبادلون وجهات النظر في مستجدات الاوضاع في العراق على ضوء الجولة التي قام بها وفد مجلس الحكم الانتقالي لعواصم دول المنطقة عدا الدوحة وبعد اعلان الحكومة العراقية"، وسيبتون كيفية التعامل معها والموقف من تمثيلها العراق في الجامعة العربية. وكانت معظم دول المجلس رحبت بها ورأت فيها خطوة ايجابية على طريق استقرار الوضع. ولكن يبدو ان هذا الترحيب يختلف بين عاصمة واخرى، ففيما تؤيد الكويت الحكومة ومجلس الحكم الانتقالي وتدعو الى الاعتراف بهما، تتحفظ السعودية عن ذلك، لكنها في الوقت نفسه لا تمانع في التعامل معهما.