اكتسبت الخاطبة دوراً مهماً وفاعلاً في المجتمع المصري قديماً، إذ كانت تؤديه سيدة ناضجة، لديها كل البيانات الشخصية لسكان الحي من فتيان وفتيات مع صور فوتوغرافية الى جانب شروط كل شخص في شريك حياته. ولذلك كان مسموحاً للخاطبة أن تدخل البيوت، وتتعرف إلى أدق الأسرار وظروف الحياة الخاصة لأصحابها. وكانت تعرض الصور على أهالي الفتيان والفتيات وتسرد السير الذاتية بل وأحياناً تحاول تجميل الحقائق في محاولة لإتمام الزيجة والحصول على المكافأة. تطور الخاطبة بدأ دور الخاطبة يتطور ويتغير ثم تحوّل شكله التقليدي، فحلّ الأقارب وحلقات الأصدقاء محلها. والطريف في ذلك أن الخاطبة تكون في هذه الحال من المرحلة العمرية نفسها، أي أن الخبرات الشخصية والخيارات تكاد تكون مماثلة. ووصل الأمر إلى تخصيص مساحات كبيرة في وسائل الاعلام المختلفة للقراء الباحثين عن شريك للحياة. وتنتشر المكاتب التي تقوم بالمهمة في مقابل الحصول على عمولة بعد إتمام الزواج. وفي عصر الكومبيوتر والانترنت والتطور التكنولوجي الهائل الذي نعيش فيه وعلى رغم الانفتاح والحرية اللامحدودة التي يعيشها المجتمع المصري، اذ يعطي المجتمع الحرية المطلقة للشاب والفتاة وسهولة الاختلاط وإباحته عادت الخاطبة ولكن بشكل جديد يتناسب وتحديات العصر ومتطلباته. الخاطبة... الانترنت الانترنت هي الشكل المتطور للخاطبة، اذ يحتل الكثير من المواقع حيزا كبيراً على الشبكة، وتنشغل تلك المواقع بالتوفيق بين الشباب والشابات من مختلف البلدان والاجناس، فضغطة واحدة بعد إدخال البيانات الشخصية والصور الفوتوغرافية والشروط المطلوبة يتم الضغط على SUBMIT أو SUBSCRIBE اشترك أو SEND MY GLATCH أو أوجد لي ما يناسبني أو JOIN US NOW أو انضم الينا. وذلك لزيادة الفرص لمقابلة الشخص المناسب، من خلال البحث عن سير ذاتية PROFILE ONLINE او من طريق الدردشة على الانترنت أو التقابل عبر الانترنت حيث يستطيع الكثيرون ايجاد الشخص الذي يبحثون عنه. ومن أشهر هذه المواقع: www.havelife.com www.online-dating-ads.com www.goidearch.com www.atlamtapersonals.com www.biggercity.com www.emode.com www.saye-hearts.com www.pepolemeet.com الخاطبة والقنوات الفضائية أما أحدث ما تطور إليه الأمر فهو ظهور القنوات الفضائية التي تعمل على التوفيق بين الشبان والصبايا وعلى الهواء مباشرة. ومن أشهر هذه القنوات قناة على "الهوا سوا" حيث يتم التعارف بين الفتاة والفتى على الهواء وأمام الجماهير. وهذا أحدث وأغرب أنواع الخاطبة، لأن من المعروف أن تلك الأمور تتم عادة في سرية تامة لكن أن تتم عملية التعارف والتوافق والاختبار والقرار على شاشات التلفزيون وأمام جمهور الحاضرين فهذا هو الجديد والغريب. وترى فرناز احمد 25 سنة أن من الصعب الاشتراك في مثل هذا الاستفتاء الجماهيري، لأنه على رغم الحرية والانفتاح في المجتمع المصري لا تزال هناك بعض الأمور التي يجب أن تتم معالجتها في خصوصية وفي أضيق الحدود، لكنها ترى أنها فكرة جيدة للبعض الذي يستطيع الخوض في ذلك. شريك الحياة ويؤكد كثيرون من الشبان ان اختيار شريك الحياة اصبح درباً من الدروب الصعبة على رغم الاختلاط في العمل والنادي والشارع وبين دوائر الاصدقاء، إلا أن امكانات التعارف واختيار ذلك الشريك تكاد تكون محدودة، وذلك لتغير المعايير الاجتماعية. فكل شاب أو شابة يبحث في مخيلته عن الشريك المثالي، ونتج من ذلك تأخر سن الزواج، فهناك من الشباب من يبحث في شريكة الحياة عن صفات تميزت بها والدته مثل الرزانة والحكمة في ادارة المنزل وتربية الاطفال اضافة الى التحضر والثقافة والاطلاع على أحدث ما وصل إليه العلم، والفتاة تبحث عن والدها في شريك حياتها الى جانب بعض مميزات الرجل المثقف والمتطور التفكير. يقول خبير الكومبيوتر المهندس عصام مسعد ان تعارف الشباب بواسطة الانترنت ينجح فقط بنسبة لا تتعدى 20 في المئة. ويرى أن ذلك يتسبب في خلق كثير من المشكلات للطرفين في كثير من الأحيان في مصر والعالم العربي، بل وفي الغرب ايضاً. فالانترنت عموماً سلاح ذو حدين ويجب توخي العناية والحرص عند استخدامها. ذلك لأن هناك من يقوم باستغلال المعلومات التي يحصل عليها والخاصة بالطرف الآخر من طريق الchat أو الدردشة ثم يشرع في إحداث مضايقات او ابتزازات للطرف الآخر. رأي علم الاجتماع وترى استاذة علم الاجتماع في الجامعة الاميركية في القاهرة الدكتورة مديحة الصفتي إن المردود الاجتماعي للخاطبة في إطار تحليل المجتمع المصري يعود الى اسباب عدة منها بداية الظواهر الاجتماعية الجديدة مثل انشغال الشبان والشابات بالمستقبل العملي والمهني وظهور أولويات اخرى غير أولوية تكوين أسرة وتشكيل حياة اجتماعية واستقرار وما الى ذلك. كما ظهرت معايير أخرى لاختيار شريك الحياة الى جانب تعدد الثقافات واختلاف الاذواق والتي أدت الى ارتفاع أو تأخر سن الزواج، كذلك الظروف الاقتصادية الصعبة. وتؤكد الصفتي أنه على رغم انفتاح المجتمع المصري عموماً وسهولة الاتصال والاختلاط في مجالات العمل والحياة المختلفة فقد ثبت دور الخاطبة في المجتمع المتحضر المتطور لكن مع تغير شكلها التقليدي ليأخذ شكلاً متطوراً يتناسب وهذه الطفرة التكنولوجية، اذ احتلت الكثير من المواقع المختلفة الخاصة بهذا الشأن حيزاً كبيراً على الانترنت لتوافق بين أشخاص ينتمون الى ثقافات ومجتمعات مختلفة.