غاب امس إدوارد سعيد الكاتب والمفكّر والمناضل الفلسطيني "خارج" المكان الأول وبعيداً من القدس، في نيويورك، عن 68 سنة قضى الجزء الأخير منها يصارع المرض العضال بجرأة وبطولة، خائضاً معاركه الفكرية والسياسية الكبيرة. ولم يثنه ذلك المرض عن مواصلة الكتابة، مقالات وأبحاثاً، بل هو اذكى شعلة الإبداع لديه فوضع تحت وطأته كتباً هي من مؤلفاته البارزة. استاذ الأدب الإنكليزي والأدب المقارن في جامعتي كولومبياونيويورك، استهل حياته ناقداً أدبياً وباحثاً في شؤون الاستشراق والحضارة، ودخل الفكر السياسي من باب الفلسفة والفكر والثقافة وكان مفكّراً سياسياً لامعاً، دأبه طرح الأسئلة والسعي الحثيث للإجابة عليها. وكان كتابه "الاستشراق" بداية مرحلة مهمة في قراءة الفكر الاستشراقي ونقده وغدا مثار جدال طويل وعميق منذ صدوره في الثمانينات. ولد إدوارد سعيد في القدس سنة 1935 وغادرها سنة 1947 ليعيش في "المنفى" متنقلاً بين القاهرة وبيروت والولاياتالمتحدة وسواها. وسيرته الشخصية التي هي في وجه من وجوهها سيرة امكنة وأزمنة، كتبها تحت عنوان "خارج المكان" وفيها سرد تفاصيل من حياته الشخصية والأدبية والسياسية. يعد إدوارد سعيد من ابرز المدافعين عن قضية فلسطين في الولاياتالمتحدة الأميركية ومن المعارضين لسياسة "السلطة الوطنية الفلسطينية" منذ اتفاق اوسلو. وكان بحق صاحب نزعة طليعية وثورية وحديثة في كل الحقول التي كتب فيها. وكان دأب على الإطلالة الصحافية عربياً من خلال "الحياة" عبر مقالات كان الكثيرون من القراء ينتظرونها، علاوة على إطلالاته الدائمة في ابرز الصحف والمجلات الأميركية. ترك إدوارد سعيد مؤلفات عدة كان لها دوماً صدى خاصاً ومنها: الاستشراق، العالم والنص الناقد، بدايات، مسألة فلسطين، الثقافة والإمبريالية، صور المثقف، خارج المكان.