دبي تبتكر نفسها من جديد وتلوّن شواطئها بمدن صغيرة ترسمها بالحجر والرمل داخل البحر. نشاطها الدؤوب جعل منها اكبر ورشة لاكتساح البحر: 60 في المئة من انشطة الردم في العالم تجري في هذه المدينة الصغيرة التي تمد شوارعها الاسفلتية السوداء كل يوم مسافة اطول داخل الصحراء وداخل البحر نفسه. ويقول سلطان بن سليم رئيس "شركة النخيل" ل"الحياة": "لدينا مشاريع عدة اخرى ساحلية فريدة من نوعها. القاعدة في اختيارها هي ان تكون مميزة وان تقدم قيمة مضافة لدبي وللمشترين. مشاريعنا كثيرة في البحر لان الارض في دبي قليلة". المشروع البيضاوي الذي افتتحه ولي عهد دبي الشيخ محمد بن راشد امس يمهد لعصر آخر تبني فيه امارة دبي امارة موازية لها في البحر. مشروعا "النخلة" الاول والثاني اضافا 190 كيلومتراً الى شواطئها. أما مشروع "العالم" فكيان بحري جديد سيكون بالامكان رؤيته بالعين المجرد من الفضاء الخارجي، وهو الاول من نوعه في العالم العربي. يقول ابن سليم: "بدأنا العمل بالفعل منذ اربعة اشهر. المشروع طوله تسعة كيلومتراً وعرضه سبعة كيلومترات. الفكرة لولي عهد دبي الذي كان ينظر الى خريطة العالم ونحن نبحث عن تصور لمشروع جديد وسَألَنا: لماذا لا نبني مشروع العالم؟". الفكرة نمت. عُهد بها الى المهندسين: كم جزيرة يتعين بناؤها، 100، 200، 300 جزيرة؟ الرأي استقرّ في نهاية المطاف على بناء 250 جزيرة، "كان المطلوب ان يكون هناك انسياب طبيعي واطئ للشواطئ بزاوية واحد الى عشرة، بالاضافة الى مراعاة ألا يعيق عرض الشواطئ دواعي ابقاء قنوات الملاحة مفتوحة وسير اليخوت فيها ممكناً". المشروع يُبنى بين "برج العرب" ومرفأ راشد، على بعد ستة كيلومترات من الشاطئ فوق قاع رملي وصخري، بعيداً عن الشعب المرجانية التي تعيش عند اعماق ضحلة لا تتجاوز ثلاثة امتار. يقول ابن سليم: "كاسر الامواج الذي سيحيط بالمشروع ستقام فيه محطات الطاقة والمياه والصرف الصحي ولن يكون مأهولاً. لاحظنا في جزيرتي مشروع "النخلة" ان طيوراً مهاجرة كثيرة كانت توقفت عن القدوم منذ 20 عاماً بدأت تعود. وكذلك ستكون جزر "العالم" مرتعاً لاسراب الطيور والاسماك والكائنات البحرية". المسافة بين كل جزيرة واخرى تبلغ مئة متر. مساحة اصغرها 250 الف قدم واكبرها عددها اربع جزر 900 الف قدم لكل منها. المساحة الكلية للجزر ال250 ستكون 100 مليون قدم نحو تسعة ملايين متر مربع. كلفة المشروع التقديرية تبلغ 1.8 بليون دولار. وهناك ضرورة لتغطية سطح البحر بحجارة ورمال بعمق 40 متراً، ومن ثم الارتفاع بها فوق السطح وتغطيتها بشواطئ سيجري فرشها بالرمل الناعم لتصبح مشابهة لجزر المالديف الساحرة "لكن الأرجح أن تقديرات الكلفة سترتفع ولن تنخفض إذا احتسبنا كلفة تجهيزات الكهرباء والمياه والصرف الصحي. وهي ما سنقدمه مع كل جزيرة من خدمات بالاضافة الى مرسى لليخوت. وعلى المشتري بعد ذلك أن يبني ما يريد". "متوسط ثمن الجزيرة الواحدة سيكون 110 ملايين درهم" 29 مليون دولار". فكرة اقامة الجزر أتت بعد إنشاء جزيرتين تحيطان بمشروع النخلة الأولى وكذلك في الثاني لتعمل كمصدات للأمواج ولمنع تآكل الشواطئ. الجزر الأربعة حظيت بإقبال كبير ودفع المشترون في الواحدة ومساحتها 50 ألف قدم مربع 50 مليون درهم. الجزر سترسم على شكل العالم. بعض الدول مثل ايران سيكون وحده. بعضها مثل السعودية والكويت، أو تركيا واليونان، سيكون في جزيرة مشتركة. والمشترون بدأوا يبدون اهتمامهم. أكثر العروض أتى لشراء "الهند" التي تقدم 50 مستثمراً هندياً كل منهم يريد شراءها. أما "السودان" فلم يجد مشترياً متطوعاً بعد وإن كان مشترون سودانيون أبدوا اهتمامهم.