صدر للمفكر المصري الكبير محمود أمين العالم كتاب عنوانه "فلسفة المصادفة" عن مكتبة الاسرة المصرية، وورد في التعريف: "بحث في الفلسفة العلمية يؤكد الأساس الموضوعي للمصادفة ويحدد دلالتها في الفيزياء الحديثة". والكتاب عبارة عن رسالة نال العالم عنها درجة الماجستير في الفلسفة من جامعة القاهرة في حزيران يونيو 1953. ويقول في تقديمه الكتاب: "بدأت هذا البحث غارقاً حتى أذنيَّ في الفكر المثالي، هادفاً الى اتخاذ المصادفة معولاً لتقويض الموضوعية العلمية، وهذا ما اعترفت به، فهو أنني خلال البحث، بل في مرحلة متقدمة منه، كنت أطل فيها على أواخر القرن التاسع عشر، التقيت بكتاب "المادية والنقد التجريبي" لمؤلفه فلاديمر ايلتش لينين الذي قادني بدوره الى كتاب "دجل الطبيعة" لمؤلفه فردريك إنغلز، وكان هذا حدثاً فكرياً في حياتي قلب تصوراتي الفلسفية رأساً على عقب، فأمسكت بالمعول نفسه ورحت أقوض به الفكر المثالي الذي كان يستغرقني تماماً. واقتضاني هذا سنوات أخرى أخذت فيها أنسج البحث منذ البداية على نول موضوعي جديد، بل رحت أحدد كذلك حياتي الفكرية عامة، وأبدأ مرحلة جديدة من الحياة". ومفاد هذه الدراسة ان المصادفة اليوم أساس تقوم عليه العلوم الحديثة وهي قانون أساس في الفيزياء خصوصاً. إلا أن المصادفة كمفهوم علمي كانت سبيلاً اتخذه كثير من العلماء والمفكرين ومحترفي الفلسفة في المجتمعات الرأسمالية لتقويض بنيان العلم والحد من قيمته الكوزمولوجية، ولإثبات مفهوم ذاتي مثالي للعلم، ولإهدار قيمته الموضوعية. وبهذا وجدوا طريقهم للعودة في قلب النظرية العلمية الى آلهة قدامى، وإلى بث روح القلق والتشكك لدى المؤمنين بعملية الواقع وعلمية الحياة.