أتدري الريمُ ما فَعَلَ الرَّحيلُ بصبٍّ ملَّهُ الليلُ الطويلُ؟ تؤرّقهُ الطيوفُ مجنّحاتٍ أقامَتْ لا تحولُ ولا تزولُ يطيبُ لها الطّوافُ على عيونٍ وإذْ تغفو، يطيبُ لها النزولُ فيكفَ تنامُ عين من طيوفٍ وعينُ الساهرِ الغافي مقيلُ؟ لمن أشكو مصابي والمآسي وإنّ كثيرَ ما أشكو قليلُ قتيلٌ والهوى قدرٌ جليٌّ يعيشُ بنشر نفحته القتيلُ وحيّتني، فأحيتني: مُحبَّاً لها، والحبُّ يعلمُ ما اقول أليس خلاصةُ الأديانِ حبّاً؟ ودينُ الحب فيه المستحيلُ؟ وكم بالحبِّ من صور ومعنى ويختصرُ الدُّنا حبٌّ نبيلُ ولولا الموتُ نبّهني حياةً لما عُرفَ السبيلُ ولا الدليل لأَقضي العمرَ في هديٍ وحبٍّ كما شاء المهيمنُ والرسولُ فمن همسِ السماءِ سموتُ قلباً يهدهدُهُ من الصدقِ المنيلُ مقامات تراءت في خيالي خيولاً لا تسابقُها الخيولُ وميدانٌ بذاكرةِ المجاني يصولُ بصونِهِ الفكرُ الأصيل وأنتِ شغافةُ النورِ المصفّى وأنت الوحيُ والروضَ الخضيلُ وأنت الطُّهر في قلب نقيٍّ وأنت السرُّ والكُشِفَ الجليلُ وأنتِ عيونُ قلبٍ لو رآها لأحنى رأسَه الملكُ الضّليل وأنت البحرُ أمداءً ترامت وأنت الشاطئ الغنج الجميل وأنت لكلّ شيء في حياتي، وإن أفصحتُ، ماءٌ سلسبيل وجئت إليك من ظمأ تلظّى فلا ماء هناكَ ولا ظليلُ فلم لمْ تلمُسي يوماً جراحي وأنت طبيبتي وأنا العليل وكنّا والهوى لمّا التقينا ربيعاً لا تباهيهِ الفصولُ وشئناه شذى عطِر الأماني بنفسجَ ليس يعروهُ الذّبولُ صباحات قبيل الفجر ضاعت تناهبها على الرؤيا دخيل ونرجسةٍ أفاقت من كراها على أجفان نافدتي تقول تعلّل يا غريباً بالأماسي ولا تجزعْ لما فَعَل الرّحيل هو القدرُ العنيدُ على البرايا ولا ردٌّ يفيدُ ولا حلولُ وحسبُ الحبِّ في قلبي وفاءً تزولُ الراسياتُ ولا يزولُ اللاذقية - مالك الرفاعي