وصل وزير الخارجية الاميركي كولن باول بعد ظهر أمس الى الكويت قادماً من بغداد في طريقه الى واشنطن بعد زيارة الى العراق استمرت يومين، زار في ختامها مدينة حلبجة حيث مكث فيها بضع ساعات شارك خلالها في إحياء ذكرى ضحايا القصف بالاسلحة الكيماوية الذي قام به جيش صدام حسين في 1988. وغادر الوزير الأميركي بعد ظهر أمس حلبجة، المحطة الاخيرة من زيارته للعراق، بالمروحية الى كركوك 250 كلم شمال بغداد. وشارك باول، وهو ثاني مسؤول اميركي كبير يزور العراق منذ ان اطاحت القوات الاميركة بحكم صدام حسين في نيسان ابريل الماضي، في احتفال أقيم في ذكرى خمسة الاف قتيل سقطوا عام 1988 في هجوم حلبجة الذي اتخذ دليلاً على تطوير الرئيس العراقي السابق اسلحة دمار شامل. كما زار مقبرة جماعية تعود الى تلك الفترة. ودشن نصباً تذكارياً لهؤلاء القتلى. وشارك في الاحتفال عدد من زعماء الأكراد العراقيين. واستقبل باول في حلبجة زعيما "الحزب الديموقراطي الكردستاني" مسعود بارزاني و"الاتحاد الوطني الكردستاني" جلال طالباني اضافة الى وفد من نحو 600 عضو من اسر ضحايا القصف بالاسلحة الكيماوية. واستمع وزير الخارجية الاميركي خلال الاحتفال الى كلمات مديح من الاكراد يحتاجها الرئيس جورج بوش بشدة بعد تنامي الانتقادات الموجهة الى طريقة ادارته الصراع في العراق. ولقي باول استقبالاً حاراً من قبل سكان المدينة الذين تجمعوا في الشوارع التي سلكها موكبه. ورفعوا صور الرئيس الاميركي ولافتات كتب عليها "اهلا بمحررينا" و"نحب اميركا" و"شكرا للرئيس بوش". وسعى باول من خلال زيارته لحلبجة الى لفت الانظار الى انتهاكات حقوق الانسان التي ارتكبها نظام صدام وتذكير العالم بأن النظام العراقي السابق استخدم الاسلحة الكيماوية ضد شعبه. وكان باول، الذي وصل الى العراق اول من امس، امضى اليوم الاول من زيارته في بغداد حيث التقى وزير الخارجية العراقي الجديد هوشيار زيباري والحاكم المدني الاميركي الاعلى في العراق بول بريمر. واكد باول ضرورة استعادة العراق سيادته بصورة تدريجية، رافضا اقتراحا فرنسيا بانتقال سريع للسيادة. واعتبر ان "ثمة امورا كثيرة جيدة" جارية في العراق على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، داعياً الى التركيز اكثر على الجوانب الايجابية من عملية اعادة الاعمار. لكنه اقر بان الوضع الامني لا يزال "يطرح تحدياً" على التحالف، مشيرا الى ان "التهديد الرئيسي الجديد" ناتج عن "الارهابيين الذين يحاولون التسلل الى البلاد". واتخذت الولاياتالمتحدة قضية اسلحة الدمار الشامل، الكيماوية والبيولوجية والنووية، مبرراً لغزو العراق لكن القوات الاميركية المحتلة لم تعثر على اسلحة محظورة. وعلى خلاف المناطق الوسطى من العراق تظهر المناطق الكردية الشمالية المحيطة بحلبجة تعاطفاً مع القوات الاميركية المحتلة بسبب ذلك الهجوم الكيماوي، وايضا بسبب سياسات بغداد التي ابعدت كثيرا من الاكراد عن ديارهم. وفي الولاياتالمتحدة تصاعدت الانتقادات الموجهة الى طريقة ادارة الرئيس الاميركي للصراع في العراق مع توالي سقوط قتلى بين الجنود الاميركيين والذين وصل عددهم بعد هجوم أمس الى 73 قتيلاً منذ ان اعلن بوش انتهاء المعارك الرئيسية في العراق في اول أيار مايو.