كشفت مصادر فلسطينية مطلعة ان رئيس الوزراء الفلسطيني المكلف احمد قريع ابو علاء وقادة من حركة "فتح" يجرون اتصالات مكثفة مع القيادة السياسية ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس لاقناعها بالانضمام الى حكومة "عريضة" تضم جميع عناصر الطيف السياسي الفلسطيني بما في ذلك الجبهتان "الديموقراطية" و"الشعبية"، مشيرة الى وجود "بوادر طيبة" ولكن محدودة ومتكتمة لقبول الحركة بالانضمام من خلال "مرشحين مستقلين"، وعلمت "الحياة" ان من المقرر ان يتوجه قريع الى العاصمة الاردنيةعمان للقاء العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني للاطلاع على نتائج زيارته للولايات المتحدة. أعلن عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" عباس زكي ان رئيس الوزراء المكلف ابو علاء سيعرض تشكيلة الحكومة الجديدة الموسعة على المجلس التشريعي السبت المقبل. وواصل ابو علاء أمس مشاوراته لتشكيل الحكومة الموسعة "على نار حامية" بعدما رفضت غالبية في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واللجنة المركزية لحركة "فتح" اقتراحه تشكيل حكومة "مصغرة" لسببين مختلفين. ومنذ اعلان اسرائيل قرارها ب"إزالة" الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والذي جاء بعد ساعات فقط من تاكيد "ابو علاء" موافقته على تشكيل "حكومة موسعة" والاعلان عن تشكيل "مجلس الامن القومي" قبل نحو أربعة ايام، لم تعقد اللجنة التنفيذية اجتماعات اخرى لاستكمال المشاورات بشأن التشكيلة الحكومية. غير ان مصادر فلسطينية اكدت ل"الحياة" ان "ابو علاء" يجري مشاورات حثيثة مع كافة فصائل الحركات الفلسطينية من أجل تشكيل حكومة "عريضة القاعدة" تضمها جميعا، بما في ذلك حركة "حماس" و"الجبهة الشعبية". وفي الوقت الذي أبدت "الشعبية" استعدادها للمشاركة مجددا في اجتماعات اللجنة التنفيذية للمنظمة علقت هذه المشاركة بسبب اعتقال امينها العام احمد سعدات في اريحا، لم تظهر اي اشارات باتجاه قبولها بالانضمام الى الحكومة. اما "الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين"، فقد اكد عضو المكتب السياسي قيس عبدالكريم ل"الحياة" استعدادها للانضمام الى "حكومة موسعة وليس مصغرة". ويجري الحديث عن تيسير خالد أحد أبرز قادتها السياسيين وعضو اللجنة التنفيذية. وكان "أبو علاء" استبق نتائج المشاورات التي يجريها مع قادة "حماس" بالاعلان عن نيته ضم موسى الزعموط، وهو نائب اسلامي مستقل في المجلس التشريعي، الى الحكومة المصغرة في حينه. ولم تتخذ "حماس" حتى الان قراراً نهائياً بشأن الأنضمام أو عدمه الى حكومة "أبو علاء" نظراً لموقف الحركة السياسي الرافض لاتفاقات اوسلو والتي تعتبر السلطة الفلسطينية احد نتاجاتها. وقالت مصادر موثوقة ل"الحياة" ان الحركة تدرس امكانية ترشيح عدد من الشخصيات القريبة اليها ك"مستقلين" للدخول في الحكومة الجديدة، غير ان ذلك ايضا يصطدم ببرنامج "حماس" السياسي. وقال النائب عن حركة "فتح" في المجلس التشريعي حاتم عبدالقادر ل"الحياة" "نحن متحمسون لضم "حماس" ولكننا غير متفائلين". واعتبر عبد القادر ان مشاركة "حماس" في الحكومة الفلسطينية الجديدة يشكل "مخرجا" ايجابيا للحركة من المساعي الاسرائيلية التي تهدف الى تجريدها من شرعية المقاومة من خلال الحديث عن تدمير بنيتها التحتية. ونقلت مصادر عن خالد مشعل عضو المكتب السياسي ل"حماس" في الخارج رفضه المشاركة بشكل مباشر. وتعترض جهود "ابو علاء" لتشكيل حكومة عريضة مشكلات عدة ليس أقلها موقف "حماس" الذي يبدو ان رئيس الوزراء الجديد يحاول من خلال ضمها الى الحكومة الموازنة بين مطلبين ملحين هما: المطلب الفلسطيني الداخلي بالتوصل الى رؤية سياسية وخطاب موحدين لجهة ادارة الصراع والأزمة القائمة مع اسرائيل بشكل لا يؤدي الى مواجهة فلسطينية - فلسطينية، والآخر مطالبة اميركا بتحويل الحركة الى تنظيم سياسي في النظام السياسي الفلسطيني. وفي هذا الشأن، قال حنا عميرة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حزب الشعب ل"الحياة" ان القيادة الفلسطينية امام مفترق سياسي مفصلي في ضوء قرار اسرائيل التخلص من الرئيس الفلسطيني، فإما ان تجرنا اسرائيل الى مواجهة شاملة اذا نفذت بالفعل قرارها والغت السلطة الفلسطينية او البدء من حيث انتهت حكومة محمود عباس ابو مازن اي تفكيك البنية التحتية ل"حماس"، وهنا يكمن بيت القصيد. فالحديث عن تفكيك "البنية التحتية للارهاب" يعني في الواقع بنية "بشرية مدنية" وهذا مرتبط جدلا بتفكيك بنية الاحتلال والعودة الى النقطة التي وصل اليها رئيس الوزراء السابق". واضاف عميرة: "يحاول ابو علاء تشكيل حكومة في ظل أفق سياسي شبه معدوم. الفلسطينيون لا يملكون عمليا ما يفعلونه سوى التوصل الى وقف لاطلاق النار بموافقة اسرائيل، واسرائيل ترفض ذلك". وفي هذا الشأن، يبدو ان اتصالات رئيس الوزراء المكلف مع الوزير الاسرائيلي السابق شمعون بيريز لاقناع الحكومة الاسرائيلية بالموافقة على وقف لاطلاق النار واعطاء "أبو علاء" افقاً لحل سياسي باءت بالفشل، في ضوء موقف الحكومة الاسرائيلية المنزلق نحو التصعيد الشامل. وبحسب مصادر اسرائيلية، فإن شارون "يريد ان يرغم عرفات على دفع ثمن سقوط ابو مازن من خلال وضع العراقيل امام ابو علاء". يتوجه الى الاردن قريباً وفي هذا الإطار يتوجه "أبو علاء" حسبما علمت "الحياة" في زيارة خاطفة الى الاردن يلتقي خلالها الملك عبدالله الثاني ليعرض أمامه البرنامج السياسي لحكومته ويطلع منه على نتائج زيارته للولايات المتحدة، ومعرفة هل الادارة الاميركية ما زالت تؤكد تمسكها ب"خريطة الطريق". وقال مصدر مطلع ل"الحياة" ان "ابو علاء" يريد ان يفتح أوراقه السياسية للاميركيين وسيطالبهم بتوضيح ما سيحصل عليه على أرض الواقع من اسرائيل في اطار عملية سياسية شاملة. مشكلات داخلية وبحجة العمل على منع الوفود الفلسطينية المتضامنة مع الرئيس الفلسطيني، اعلن جيش الاحتلال الاسرائيلي منطقتي رام الله والبيرة منطقة عسكرية مغلقة منع الدخول اليها او الخروج منها، معرقلا بذلك مسار المشاورات التي يجريها "ابو علاء" لتشكيل حكومته مع الاطراف المختلفة. وكان قريع عرض على عضو المجلس التشريعي الدكتورة حنان عشراوي الانضمام الى حكومته الأمر الذي لاقى قبولا من جانبها، غير انها عدلت عن موقفها وردت الطلب قبل أقل من 24 ساعة على عرضه. شروط اللواء يوسف اما في شأن حقيبة الداخلية، التي كانت اللجنة المركزية لحركة "فتح" رشحت اللواء نصر يوسف لتوليها، فقد علمت "الحياة" ان هذا الترشيح "ليس نهائياً" بسبب تصميم اللواء يوسف على تولي مسؤولية كافة الاجهزة الامنية الثمانية، وهو الامر الذي لاقى معارضة شديدة داخل حركة "فتح" ومن جانب الرئيس الفلسطينيعرفات. وكشفت مصادر ل"الحياة" ان اللواء يوسف اصر على نقل جميع صلاحيات الاجهزة الامنية بما في ذلك قوات الامن الوطني الى وزارة الداخلية، فيما تصر "فتح" وعرفات على ان تكون صلاحيات "الامن الداخلي" من اختصاص وزارة الداخلية وان يتولى مجلس الامن القومي برئاسة عرفات الاشراف على اتخاذ القرار في الموضوع الامني. وفي اطار هذه الصيغة تصبح قوات الامن الوطني تحت تصرف وزير الداخلية حسبما تقتضيه الحاجة ولكن من دون ان يعني ذلك ان تكون قوات الامن الوطني خارج يد القائد الاعلى لقوات الامن الفلسطيني ياسر عرفات. وحسب مصادر فتحاوية، فإن الهدف من هذه "الآلية" تجنب وقوع "تضارب في القرارات المتخذة على صعيدي القرار الامني الاعلى والقرار العملياتي".