نظرة هوليوود إلى اليهود وعلاقة البيت الأبيض بالسينما والحرب الباردة وتفكك العائلة الأميركية... بعض المواضيع التي يعدنا بها برنامج "سينمائي" جديد، تبدأ بثه الشهر الجاري قناة "المنار". الذين اعتادوا على "المنار" قد يستغربون بادئ الأمر ان تبث المحطة "المقاومة" هذا الجديد بين برامجها، لكننا نطمئنهم الى ان "السينما واخواتها" ما هو إلا فتح معركة جديدة ضد السياسة الأميركية، و"بأسلحتهم هذه المرة" كما جاء على لسان مقدمة البرنامج السيدة حياة الرهاوي، وبالتالي لا يمكننا وضعه ضمن خانة البرامج السينمائية البحتة. عن هذا الأمر تقول الرهاوي: "بالفعل لا يزال تصنيف هذا البرنامج يحيرنا، فهو ليس برنامجاً سينمائياً بحتاً، إلا أنه يعالج القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية ضمن اطار سينمائي. فلا يمكننا مثلاً - كتلفزيون المنار الملتزم قضية ورسالة - أن نقوم بما تقوم به بقية المحطات التلفزيونية ونكتفي بعرض الفيلم من دون أن نتنبه لأبعاده وخلفياته وكل ما يدور في كواليسه". "السينما وأخواتها" عبارة عن برنامج وثائقي يتحدث عن السينما الأميركية ومعالجتها لعدد من المواضيع كالهنود الحمر وقيام الدولة الأميركية والعنف والجاسوسية والبيت الأبيض كرمز سياسي لا كموقع جغرافي الخ... وهكذا تطرح في كل حلقة أحد هذه المواضيع لمدة ثلاثين دقيقة تتوزع بين عرض الفيلم وتحليله اضافة الى شهادات أهل الاختصاص من نقاد وعلماء اجتماع بحسب مقتضى الحال. كيف يختار هؤلاء الضيوف وما مدى الحرية لمعطاة لهم للتعبير عن آرائهم؟ تجيب الرهاوي: "في الحقيقة، عدد كبير من ضيوف هذا البرنامج درسوا في الخارج وتحديداً في أميركا وبالتالي هم على اطلاع واسع على كل ما يجرى في الإعلام الأميركي، في السينما والتلفزيون والصحافة وصولاً حتى الى الكاريكاتور، وبصراحة أكثرية هؤلاء قد يختلفون معنا في السياسة إلا أن المسلمات والوقائع التاريخية تبقى واحدة. مهما يكن من أمر توجد في هذا البرنامج مساحة واسعة للرأي الآخر وهذه سمة مهمة لمصداقية العمل وموضوعيته". خطاب معتدل؟ ماذا عن هذه النقلة وهل توجد فعلاً موضوعية في ظل خط سياسي مرسوم مسبقاً؟ - "ما يميز هذا البرنامج"، تقول الرهاوي، "هو خطابه البعيد عن خطاب المنار التقليدي، الأمر الذي سيُفاجئ الكثيرين. فنحن لن نتناول سلبيات السينما الأميركية فحسب، بل سنلقي الضوء على بعض الإيجابيات وسنبين ان السينما الأميركية مثلما أساءت للعربي المسلم في هذا الفيلم، فهي حسّنت صورته في فيلم آخر، وأذكر أنه منذ اليوم الأول الذي بدأنا نفكر فيه في البرنامج، كان يوجد توجه واضح عند الجميع لنكون أكثر موضوعية وبالتالي نبتعد قدر المستطاع عن التضخيم والمبالغة. وباختصار أقول كي أزيل أي شك: السينما واخواتها مساحة واسعة للرأي الآخر وليس للرأي المناقض، إذ طالما نحن في معركة فمن الطبيعي أن ندافع عن قضيتنا. ودفاعنا هذا يأتي اليوم على لسان الغربيين أنفسهم من مخرجين وكتاب وسينمائيين عن "المسلمات" التي اعترف بها الغرب قبلنا نحن، أما موضوعيتنا فتتجلى في تبسيط اللغة وعدم تضخيم المعيار أو استخدام اللهجة "الحزباللهية"...". ما الهدف من هذا التوجه الجديد، وهل يعني ذلك ان "المنار" تعترف اليوم بخطأ النهج المتبع في الماضي؟ وهل نفهم من هذا الكلام ان هذا البرنامج نقطة تحول أساسية على صعيد المحطة ككل، تشمل لاحقاً البرامج الأخرى؟ - "الإجابة ليست عندي انما عند القيمين على المحطة، والمؤكد في الأمر هو ان محطة "المنار" لا ترى أخطاءً كما أشرت بقدر ما انها تتصرف اليوم بذكاء أكثر، كل ذلك بهدف الوصول الى أكبر شريحة ممكنة من الناس، وذلك كي يبتعد المشاهد عن الأحكام المسبقة التي تطاول شاشة "المنار"، ونطرح الجديد أمام الذين اعتادوا أن يعرفوا مسبقاً ما الذي سنقوله حتى قبل أن نفتح أفواهنا. من هنا وطالما ان هدفنا هو جعل الناس تشاهد هذا البرنامج، لا بدّ لنا من التغيير وهذا ما يلمسه المشاهد بعد رؤية الحلقات، فنحن لا نبالغ في أقوالنا انما على العكس ننصف أميركا في أحيان كثيرة ونعطيها حقها عندما تكون على حق. وفي الوقت نفسه ندينها عندما تخطئ". وكما يتضح لنا يعمل هذا البرنامج على جذب الجمهور من طريق اللغة الخطابية وتشريح الأفلام الأميركية الأكثر رواجاً وخدمة للرسالة التي يبغي معدّو البرنامج ايصالها فضلاً عن مشاركة شخصيات معروفة. ويبقى السؤال: الى من يتوجّه هذا البرنامج، أإلى الجمهور الشاب من عشاق الفن السابع، أم الى الجمهور الوفي لمحطته؟ وتجيب الرهاوي: "لا أعتقد بأن جمهور الشباب من عشاق السينما سيهتم ببرنامج من هذا النوع كونه يختزن عدداً من القضايا الثقافية والسياسية والاجتماعية وهي أمور لا تجذب هذه الفئة من الجمهور كما أعتقد. ان هدفنا غير محصور اطلاقاً بجمهور المحطة انما يتعداه الى الجمهور العريض ككل. من هنا سيبث البرنامج أيضاً باللغة الانكليزية وذلك كي تكون الشريحة التي ستشاهدنا أوسع من العالم العربي... لن أقول ان جمهورنا سيصبح من الأوروبيين والغربيين، لكن أقلّه يوجد عدد لا بأس به من الغربيين المهتمين بمعرفة حقيقة العرب والإسلام وهذا ما نلمسه يوماً بعد يوم عبر "الفاكسات" الكثيرة التي تصلنا الى محطة "المنار" بصفتنا ممثلي الإسلامي السياسي كما يرانا البعض، وكثير من هذه "الفاكسات" تسأل وتسأل وتنتظر الاجابة، عدا عمّا نسمعه اليوم من أن 5000 أميركي يتوجهون الى جمعية "كير" للتعرف الى الاسلام، من هنا أهمية برامج كهذه في التوعية والإرشاد". وتختتم حياة الرهاوي حديثها قائلة: "لا بدّ لنا من أن نعي حجم المؤامرة التي تحاك ضدنا، وهدفي هنا أن ألقي الضوء على هذه المؤامرة، فلا نكون بعد اليوم سطحيين، ساذجين، نهتم بالقشور على حساب المضمون". هل نفهم هنا أن الهدف النهائي هو مناهضة السينما الأميركية؟ - "أبداً، تقول الرهاوي، إذ على العكس قد يحدث أننا نروّج لهذه الأفلام بطريقة غير مباشرة، وهذا أمر ناقشناه باستفاضة، إلا ان أهمية الموضوع تبقى أعمق وأقوى".