استبعدت الاعتبارات الأمنية نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني عن موقع البرجين التوأمين في "وورلد ترايد سنتر" حيث تلت أصوات 200 من أطفال ضحايا العملية الإرهابية التي أسقطت البرجين قبل سنتين اسماء 2792 ضحية، وسط حزن على الماضي وقلق على الحاضر والمستقبل. وقررت الإدارة الأميركية أن تكون مشاركة الرئيس جورج دبليو بوش في الذكرى الثانية ل11 أيلول سبتمبر مختلفة تماماً عن الذكرى الأولى، حين توجه إلى ما يسمى الآن "غراوند زيرو" لمعانقة الأهالي، وخاطب الشعب الأميركي متعهداً القضاء على تنظيم "القاعدة" والإرهاب. فبقي بوش في واشنطن وتعمد الابتعاد عن الكاميرا والخطابات. هذه السنة، أوفد ديك تشيني إلى مدينة نيويورك لتمثيل الإدارة، لكن عمدة نيويورك مايكل بلومبيرغ طلب منه حصر المشاركة في الذكرى خارج "وورلد ترايد سنتر" لما تتطلبه حماية تشيني من ترتيبات أمنية. في الساحة الضخمة الفارغة موقع البرجين كانت الأولوية أمس لعائلات الضحايا الذين وضعوا الزهور ورفعوا الصور وعزفوا الموسيقى وتلوا الأسماء وذرفوا الدموع. وكانت وطأة أصوات الأطفال الصغيرة الأكثر تأثيراً، حيث أنهى الأطفال تلاوة اسماء آبائهم وأمهاتهم و"أحبك ابي"… "اشتقت لك أمي"… و"أخي"… و"اختي"… و"جدي". ورافق القلق والخوف الذكرى الثانية خصوصاً انها تأتي بعد حرب العراق، فيما أرسل زعيم "القاعدة" أسامة بن لادن ورفيقه أيمن الظواهري تسجيلات شماتة وتهديد وتوعد. وحسب استفتاء أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" مطلع هذا الشهر لآراء النيويوركيين بمناسبة الذكرى الثانية، فإن ثلثهم فقط يشعر بالأمان، و18 في المئة يشعرون بالخطر، و68 في المئة يخشون هجوماً ارهابياً آخر على المدينة. وفي بقية أميركا، لا يزال سبعة من كل عشرة أميركيين يعتقدون بأن الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين كانت له يد في إرهاب 11 أيلول، على رغم عدم توافر أدلة على ذلك. وساعدت إدارة بوش على زرع هذا الانطباع من خلال تعمدها ربط العراق بالإرهاب، وإبراز "شيطانية" صدام حسين، فيما كانت "شيطانية" بن لادن الأبرز مباشرة بعد تفجير البرجين. ومع فشل الإدارة الأميركية حتى الآن في العثور على أي من الرجلين، في الوقت الذي تحشد الرأي العام الأميركي في حرب عالمية على الإرهاب، ساحتها الأولى العراق، انقسم الأميركيون بين معسكر رفع "الوطنية" راية لدعم الإدارة الحاكمة، ومعسكر استولى عليه الخوف من افرازات هذه السياسة. وهذا ما كان واضحاً في أجواء الذكرى الثانية في نيويورك أمس. مدينة نيويورك دفعت ثمناً باهظاً، إلى جانب أكثر من 0030 ضحية، اقتصادياً وسيكولوجياً. معظم النيويوركيين يتناولون ادوية ضد الكآبة. السياح الأجانب يتجنبون نيويورك فانخفضت النسبة إلى 15 في المئة من مجموع العدد قبل 11 أيلول 2001. أنفقت المدينة 582 مليون دولار لتنظيف موقع "غراوند زيرو"، ارتفع عدد المفلسين، ولم تتعافَ البورصة بعد. أما الكتب عن 11 أيلول فبلغت 760 كتاباً. وهناك 40 كتاباً تحت الطبع.