تعهد الرئيس الأميركي جورج بوش، في إطار احياء الذكرى السنوية الأولى للهجمات الإرهابية على مركز التجارة العالمي في نيويورك ووزارة الدفاع في واشنطن، "الانتصار" في ما سماه "الكفاح العظيم الأول في القرن الواحد والعشرين"، في اشارة إلى الحرب على الإرهاب. وأمضى بوش أمس بين واشنطن وبنسلفانيا ونيويورك ليشارك في الذكرى وليخاطب الأمة في هذه المناسبة. راجع ص10 و11 وعاد نائب الرئيس ديك تشيني إلى موقع سري بعيداً عن الأضواء بعدما ارتفعت درجة الحذر من عمليات إرهابية أخرى. وتحدث وزير الدفاع دونالد رامسفيلد في البنتاغون، وقال: "اراد الإرهابيون يوم 11 أيلول سبتمبر يوم موت الأبرياء"، لكنه بدلاً من ذلك "كان يوم ولادة الأبطال". وفي مدينة نيويورك، في موقع الحدث غراوند زيرو تليت اسماء 2801 ضحية بتوالي الحروف الأبجدية وسارت عائلات الضحايا ترافقها الموسيقى الكلاسيكية الحزينة، إلى حلقة رمزية لقبر جماعي لتضع عليه الزهور وصور الضحايا. وتوقفت مدينة نيويورك عن هرولتها أمس لتسجيل الذكرى الأولى. وفي مقر الأممالمتحدة، على بعد كيلومترات قليلة من "غراوند زيرو" حيث كان يقف البرجان التوأمان، تجمع قادة الدول للتضامن مع الولاياتالمتحدة في حزنها على الضحايا وفي حربها على الإرهاب "ستكون هناك مناسبات أخرى لاستطلاع أسباب الهجمات"، قال الأمين العام كوفي أنان، "إنما اليوم هو يوم الذكرى، يوم الاحترام". ففي ذلك اليوم سقط آلاف الضحايا من النساء والرجال من أكثر من 90 دولة "وهم يمثلون معاً أمماً متحدة من المواطنين العالميين". وفي جلسة استثنائية لمجلس الأمن تحدث وزير الخارجية الأميركي كولن باول، قبل أن يصدر بيان رئاسي يشيد ب"اعتزام مدينة نيويورك إعادة البناء ورفض الخضوع أمام الإرهاب"، ويتعهد المضي في مكافحة الإرهاب. كذلك انعقدت الجمعية العام للأمم المتحدة أمس لافتتاح الدورة 57، وستستمع اليوم إلى خطاب الرئيس بوش الذي سيركز فيه خصوصاً على موضوع العراق. وانحسر موضوع العراق أمس الأربعاء موقتاً أمام وقائع الذكرى ليعود أسامة بن لادن وتنظيم "القاعدة" إلى واجهة التغطية التلفزيونية والصحف الأميركية. وخصصت "نيويورك تايمز" ثماني صفحات أمس لنشر صور ضحايا الهجمات الإرهابية واسمائهم. بعض الشبكات سمى 11 أيلول "اليوم الذي غيّر أميركا"، وبعضها سماه "اليوم الذي لن يُنسى أبداً". وعلى رغم انشغال الوسائل الإعلامية لشهور إعداداً لهذا اليوم، استعدت هذه الوسائل لليوم التالي، يوم إعلان بوش السياسة حيال العراق. فأمس كان يوم الذكرى والتعهد بالانتصار على الإرهاب، واليوم سيكون يوم بدء الاستعدادات ربما لفتح جبهة جديدة في حروب أميركا إذا ما أعلن الرئيس الأميركي تبنيه الخيار العسكري ضد العراق. ما تتوقعه أوساط الأممالمتحدة هو أن يعرض الرئيس الأميركي الملف العراقي من منطلق فشل العراق في تلبية مطالب مجلس الأمن وتحميل الأسرة الدولية مسؤولية المشاركة في التصدي للرئيس العراقي صدام حسين. وتتوقع هذه الأوساط أن يعرض بوش نوعاً من التجاوب مع الأسرة الدولية يتمثل باعطاء الديبلوماسية فرصتها الأخيرة في إطار زمن قصير إنما بارتباط واضح مع انذار لبغداد. وسيعود الاهتمام الأميركي لينصب اليوم على موضوع العراق بزخم واصرار، وكأن تجديد التضامن الدولي في مكافحة الإرهاب، أمس، يمهد للنظر في الصفحة التالية بكثير من القلق والانقسام في شأن الحرب على العراق.