لا مفر من لبنان بعد اليوم، ستدع رانيا الكردي حقائبها تستريح قليلاً في بيروت، ستقدّم استقالتها من الاردن... جزئياً، فسنوات الكفاح هناك لم تأت بنتائجها المرجوة. أشهر عدة في لبنان كانت كافية لكي تثبت حضورها بقوة كمقدمة برامج على مستوى العالم العربي ككل. شهرتها في تقديم البرامج لا يمكن ان تجعلها تتغاضى عن الغنى الذي يضجّ فيها. هي محور فنون مارستها وصقلتها اكاديمياً فأتقنتها لتشكل منها ذخيرة وجودها وقاعدة تجاربها. من الغناء والعزف الى التمثيل وتقديم البرامج وتأليف الاغاني، كلّ من هذه المجالات يمثل جزءاً من شخصيتها وحضورها ليصبح بذلك تنوّع نشاطاتها وأداؤها مجرد انعكاس لتركيبتها الفنية وما راكمته طوال فترة دراستها وعملها في لندنوالاردن. هذه التركيبة المتنوعة تختصرها المحطات الثلاث الاهم في حياتها كما تقول، بدءاً من دراستها الدراما في معهد "غيلفورد" للتمثيل في بريطانيا، مروراً باصدار اول البوم غنائي لها وفيديو كليب باللغة العربية، وصولاً الى المحطة الابرز حينما تمّ اختيارها مع ايمن قيسوني لتقديم برنامج "سوبر ستار". بعثر "سوبر ستار" اولوياتها بغتة، فتركت "رانيا" - عنوان ألبومها الاول - ليحصد نجاحه وحيداً بعد ان اطمأنت الى الشرارة الاولى لبدء رواجه. فنجاح البرنامج ونجاحها أيقظا فيها حسّ المذيعة مجدداً، بعدما افتقدته حينما تفرّغت أخيراً للغناء وقبله التمثيل. مثلت في مسلسل صلاح الدين للمخرج نجدة انزور وفي مسرحيات فرقة هشام يانس في الاردن اضافة الى بعض المسرحيات الاستعراضية. اليوم، تفرد رانيا الساحة لمقدمة البرامج من دون ان يكون ذلك على حساب طموحاتها الفنية الاخرى، فبالنسبة إليها "كلّو الو وقتو"، هذا المزيج من النشاطات المبعثرة يجعل سطوعها وليد لحظته من دون سابق تخطيط او تصميم. هي تعلم ذلك وتعتبر ان كل مجال يغذيها بطريقة مختلفة ويظهر تنوّع شخصيتها. فهي تدرك انها تحب الكتابة وحينما تستنفر احاسيسها... ستكتب. وتدرك انها تهوى الغناء وحينما تشعر بالحاجة الى ذلك... ستغني. وتدرك ايضاً انها قادرة على التمثيل وعندما تحين لها الفرصة... ستمثّل. وفي التقديم، حينما سنحت لها الفرصة في لبنان مع برنامج "سوبر ستار"، وافقت بعيداً عن عقدة "انا فنانة كمان ليه بدي قدّم غيري" فلمعت. كل ذلك يوحي باستحالة معرفة الخطوة التالية لرانيا، عدا انها ملتزمة حالياً تقديم "سوبر ستار 2"، هي نفسها لا تدرك مشاريعها المقبلة وتجد ان من الصعب عليها التخطيط لطموحاتها الغنائية والتمثيلية في الوقت الحاضر. وهي ستؤجل اطلاق البومها الثاني لحين انتهاء "سوبر ستار 2". ولا تخفي رانيا ان الشهرة التي حصدتها في العالم العربي ستساعدها في الترويج لالبومها الثاني. وهي تجول اليوم نقاشاً ودراسة لاختيار ملحنين - ومن بينهم الياس الرحباني وهاني سبليني ويوري مرقدي - لاعطائها ما يناسب اسلوبها في الغناء البعيد عن الطريقة النمطية. وحرصاً منها على تمتين قواعد انطلاقتها تواظب رانيا على حضور دروس اسبوعية في النحو والصرف والالقاء، وفي ذلك ايضاً تعويض لما فاتها سهواً من اسرار لغة "واسعة عميقة وجميلة". اليوم تأسف رانيا انها اغفلت لغتها في لندن حينما انساب نصفها العربي في ضباب المدينة ولغتها، ليصبح جزءاً منها وليس ميزة فيها. عندما تتحدث رانيا عن محبة الجمهور، قد تعني فيها محبة تصلها من اي بلد عربي... حتى من الاردن. فالجمهور الاردني يحاول جاهداً تقبّل ما هو خارج عن المألوف في بلد أهملها كمغنية بالدرجة الاولى لما تقدمه من فنون غريبة عن التقليدي والوطني والتراثي الذي تغرق فيه الحياة الفنية في الاردن منذ ما يزيد على 30 عاماً. والحلّ؟ اضطرت رانيا الى التفتيش عن موطن فني آخر يحضنها. وحينما وجدته وانطلقت ... انتقدت لانها اختارت طريق الشهرة خارج بلدها! فخلال رحلة المشتركين في "سوبر ستار" الى الاردن عقد مؤتمر تعرضت خلاله رانيا وديانا كرزون لانتقادات الصحافيين بسبب اختيارهما الانطلاق خارج بلدهما. فتم وضع النقاط على الحروف. ورانيا لا تجد ما يمنع انطلاقتها من لبنان. فهي في مطلق الاحوال تمثل بلدها. وهي لا تعتب على الاردن. قد تكون غير مبالية بعد ان تمكنت بارادتها وتصميمها من كسر ما يعترضها من معوّقات. لكنها ترى تبرّر ان الاردن غير مهيأ اليوم لصناعة الفنان والاعتناء بالمواهب الجديدة. لكن كيف يمكن تبرير اهتمام التلفزيون الاردني بكل تفاصيل "سوبر ستار" ورموزه باستثناء رانيا؟