بدا التصعيد العسكري الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية في الايام الاخيرة وكأنه تراجع من الدولة العبرية عن الخطوات التي اتخذتها في اطار الاتفاق الامني الفلسطيني - الاسرائيلي واعلان الهدنة من جانب عدد من الفصائل المسلحة، التي انهارت قبل ثلاثة اسابيع. إذ واصلت اسرائيل اعتداءاتها التي تراوحت بين عمليات القتل والاقتحام والاجتياح واعادة الحواجز العسكرية والاعتقالات وهدم المنازل وصولا الى جرف الاراضي وفرض الطوق الشامل وتقييد حركة اكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني. قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي أمس ثلاثة فلسطينيين بينهم اثنان من "حركة المقاومة الاسلامية" حماس، والطفل ثائر السيوري 13 عاماً، وأصابت الطفلة ترتيل ايوب غيث 10 أعوام بجروح خطيرة في حوضها جراء إطلاق النار وقذائف المدفعية في اتجاه منازل المواطنين في وادي كتيلة غرب مدينة الخليل. وقال شهود ان الشهيد الطفل أصيب بشظايا قذيفة دبابة أثناء وقوفه على شرفة منزل عائلته لمراقبة جنود الاحتلال الذين يحاصرون بناية سكنية من ثماني طبقات تحصن فيها عدد من كوادر "حماس". واقتحم نحو 50 جندياً من "الوحدات الخاصة" الإسرائيلية البناية بعد ساعات طويلة من الحصار، وهم يطلقون النار والقنابل اليدوية، في وقت رابطت دبابات الاحتلال حول البناية، وحلقت فوقها طائرات "أباتشي" الاميركية الصنع. وكانت قوات الاحتلال امرت سكان البناية باخلائها قبل ان تشرع في قصفها والاشتباك مع مسلحين متحصنين فيها. وتبين ان احمد بدر قائد "كتائب القسام"، الجناح العسكري ل "حماس" استشهد في المبنى مع احد معاونيه. ونقلت قوات الاحتلال احد الجرحى من المحاصرين الى مستشفى اسرائيلي تمهيدا للتحقيق معه. وفي وقت لاحق شيع سكان مدينة الخليل الطفل السيوري الى مثواه الاخير. وفي مدينة الخليل ايضا دهمت قوات الاحتلال امس المستشفى الاهلي وفتشت غرف المرضى والإداريين في شكل استفزازي. كما ارغمت طلاب جامعة الخليل على مغادرتها تحت تهديد السلاح، وذلك في سياق عملية اجتياح المدينة وملاحقة نشطاء من حركة "حماس". واعتقلت قوات الاحتلال ثلاثة مواطنين من مدينة نابلس شمال الضفة وادعت انهم مطلوبون لاجهزتها الامنية، وطالبين من جامعة بيرزيت يقطنان قرية ابو قش شمال مدينة رام الله وسط الضفة. وافادت مديرية الامن العام في قطاع غزة ان قوات الاحتلال اغلقت ظهر امس مفترقي ابو هولي والمطاحن جنوب مدينة دير البلح وسط القطاع، بوضع كتل اسمنتية ضخمة على الطريق الرئيسة والوحيدة التي تربط شمال القطاع بوسطه وجنوبه. ومنعت قوات الاحتلال السيارات والحافلات الفلسطينية من المرور على الطريق مقسمة بذلك القطاع الى قسمين معزولين عن بعضهما. الى ذلك، توغلت جرافات الاحتلال مدعومة بالدبابات مسافة 100متر في بلدة بيت حانون شمال القطاع وجرفت مساحات من الاراضي الزراعية. كما شددت حصارها على مدينة بيت لحم جنوب الضفة امس واغلقت طريق وادي النار التي تربط المدينةبالقدسالمحتلة. كما نكل الجنود بثلاثة فلسطينيين بعدما اقتادوهم الى كهف في المنطقة واغلقت قوات الاحتلال كل الطرق الرئيسة والفرعية شمال مدينة القدسالمحتلة امس وانتشرت في المناطق الفاصلة بينها وبين مدينة رام الله والقريبة منها، واقامت نقاط تفتيش. وتأتي هذه الاجراءات الامنية المشددة في اطار حال الاستنفار القصوى التي اعلنتها الدولة العبرية في المدينةالمحتلة والمدن الواقعة في شمالها. اما داخل المدينة المقدسة، فقد استخدمت الشرطة الاسرائيلية كلاباً بوليسية مدربة في عملية البحث عن متفجرات وفحص المواطنين الفلسطينيين وحقائب التلاميذ وطلاب المدارس في ما بدا انه حال من الهوس والرعب، وذلك خشية رد محتمل من حركة "حماس" على محاولة الاغتيال الفاشلة للشيخ احمد ياسين زعيم الحركة واحد قيادييها اسماعيل هنية، وعمليات اغتيال كوادر من الحركة. وقالت مصادر فلسطينية ان توتراً شديداً يسود خط التماس الوهمي الفاصل بين القدسالشرقية والغربية.