تشكل مساحة المستوطنات أكثر من 7 في المئة من مساحة الضفة الغربية، و33 في المئة من قطاع غزة، يسكن فيها زهاء 220 ألف مستوطن حسب تقرير صادر عن وزارة الداخلية الاسرائيلية 2002، وعدد المستوطنات في مجموع الأراضي الفلسطينيةالمحتلة 205 مستوطنات منها 16 في القدس و19 في غزة، والباقي في الضفة الفلسطينيةالمحتلة. مع ملاحظة أن نسبة ال7 في المئة في الضفة الفلسطينية لا تشمل المناطق التي ضمتها اسرائيل الى القدس الكبرى، وتعتبر الانسحاب منها مسألة غير قابلة للتفاوض، وهي باتت تشكل مع الحدود القديمة للقدس الشرقية حوالى 20 في المئة من مساحة الضفة الفلسطينية، وكذلك لا تشمل المناطق التي صادرتها سلطات الاحتلال لإقامة ما يسمى بالجدار العازل حيث صادرت ما نسبته 2 3 في المئة من الأراضي الملاصقة للمناطق المحتلة 1948، علماً بأن الجدار لم يكتمل بناؤه بعد، وفي حال اكتمال جدار العزل الغربي وجدار العمق على طول حدود 1948 مع اندفاعات داخل أراضي الضفة الغربية، وجدار العزل الشرقي على طول الحدود الأردنية الفلسطينية "الأغوار" تكون اسرائيل قد قضمت عملياً ما نسبته 5.42 في المئة من اجمالي مساحة الضفة تضم ما مجموعه اكثر من 186 قرية وبلدة فلسطينية يسكنها زهاء 720 ألف فلسطيني. سيكون عليهم الحصول على تأشيرات خاصة للدخول الى أراضيهم...". راجع كتاب حواتمة "أوسلو والسلام الآخر المتوازن"، وكتاب "ابعد من أوسلو... فلسطين الى أين؟. لا يشكل اعلان حكومة الارهابي شارون تفكيك بعض المستوطنات العشوائية سوى ذر للرماد في العيون، ومحاولة لتكريس مفهوم شديد الخطورة يحاول الإيحاء بوجود مستعمرات قانونية وأخرى غير قانونية، وجعل قضية الاستيطان موضوعاً تفاوضياً من دون الإقرار بمبدأ تفكيك المستوطنات، لا يفتح على رحيل قوات الاحتلال ومستوطنيه بالكامل، وبقاء أي من هذه الكتل الاستيطانية يمنع أي تواصل جغرافي للدولة الموعودة. رصاصة شارونية على الخريطة ان الصيغة التي جاء بها بيان موافقة الحكومة الاسرائيلية على خريطة الطريق في 25/5/2003 صيغة مخادعة. الاسرائيليون لم يوافقوا صراحة على الخريطة، بل صادقوا على بيان رئيس الوزراء شارون في 23/5/2003 "بأن اسرائيل توافق على قبول الخطوات المحددة في خريطة الطريق، استناداً الى بيان الادارة الأميركية الصادر بالتاريخ نفسه، والذي تتعهد به الولاياتالمتحدة معالجة ملاحظات اسرائيل على خريطة الطريق بجدية عند التطبيق، وأصبح معلوماً بأن التحفظات الاسرائيلية في جوهرها تفكك الأسس التي قامت عليها خطة الطريق وتهلكها في مجرى التنفيذ والتطبيق. وأبرز هذه الملاحظات التعديلات هي: أن يمنع الطرف الفلسطيني العمليات الفدائية ويحبطها، ليس فقط ضد المدنيين، بل بشكل كامل بما في ذلك داخل الأرض المحتلة عام 1967، وحل البنية التحتية للمقاومة، من دون فرض قيود على نشاطات الجيش الاسرائيلي، والتقدم في التنفيذ يكون وفقاً لأداء الطرفين وليس وفقاً لجداول زمنية محددة، وهذا ما أكد عليه شارون من جديد في 1/8/2003، والرقابة على تنفيذ الخطة هي بيد الادارة الاميركية لا بيد اللجنة الرباعية الدولية، والدولة الفلسطينية الموعودة ستكون بحدود "موقتة" و"منزوعة السلاح"، واعلان الطرف الفلسطيني ان اسرائيل دولة يهودية، وهذا بمعنى أو بآخر للتنازل عن حق العودة، ورمي العرب داخل "الخط الأخضر" نحو المجهول، والخطة تقوم على أساس وليس لتنفيذ قراري مجلس الأمن 248 و338، ولا مكان للمبادرة السعودية عملياً، جيش الاحتلال يعيد انتشاره وفقاً "لتقديراته الأمنية"... إذا ما ربط كل هذا تكون الخطة غير متوازنة أصلاً وندرك أهداف التعديلات الاسرائيلية. فهي تريد إغراق خطة الطريق، وبالتالي العودة الى سياسة الخطوات الصغيرة، حيث يتم قضم هذه الخطة تدريجاً كما جرى مع تقرير "ميتشيل" وخطة "تينيت"، وتحولها الى ورقة في الادراج غير قابلة للتطبيق. الرئيس بوش قدم لاسرائيل التزامات في خطابه في قمة العقبة، واكتفى بمجرد كلمات معلقة في الهواء للفلسطينيين جاءت على شكل وعود وغاب في نص الخطاب وما تلاه من محادثات اي نوع من ممارسة الضغوط على الجانب الاسرائيلي لالزامه ما هو مطلوب منه، في حين مثل خطاب الأخ أبو مازن سذاجة سياسية، وانحناء غير مبرر وغير مفهوم للابتزاز الاميركي الاسرائيلي، اذ غاب عن خطابه التمسك بمبدأ توازي الالتزامات بين الجانبين وتزامنها، ورفض تقديم الأمني على السياسي، وأغفل الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمها الدولة المستقلة كاملة السيادة، اللاجئون، الحدود، الاستيطان، القدس، الأسرى. ولم يخف أبو مازن انه راح "ضحية مشاريع الصياغة الاميركية لخطابه" كما ورد على لسانه في اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في 7/6/2003 في رام الله برئاسة عرفات وحضور ممثل الجبهة الديموقراطية وفصائل منظمة التحرير الأخرى. حتى لا نغرق في النفق بغية اعادة الأمور الى نصابها، وايجاد امكانية واقعية للبناء على النقاط السليمة الواردة في خريطة الطريق على محدوديتها، علينا أن نتبع الخطوات الآتية: ضرورة وقفة سريعة وحازمة من جانب القيادة الفلسطينية لمواجهة هذا التطور بما يمثله من خطر على مصير القضية الوطنية وعودة الى سياسة تقديم التنازلات الفلسطينية المسبقة والمجانية للجانب الاسرائيلي. وهذا يتطلب أولاً التمسك الحازم برفض التعديلات الاسرائيلية، ومؤشر الخطر يتضاعف في ما أشرنا من تأكيد أبو مازن انه لم يتوصل في زيارته لواشنطن الى أي نتائج ملموسة بشأن "وقف الاستيطان، وتفكيك البؤر الاستيطانية، وقف بناء الجدار الفاصل"، وهذه التزامات اسرائيلية في خريطة الطريق مقابل الهدنة، ووقف اطلاق النار من جانب فصائل المقاومة. وهنا يجب أن نؤكد بأنه لم يعد مقبولاً التصرف بالقرار الوطني الفلسطيني من خلف ظهر الشعب ومؤسساته القيادية الشرعية، وهو ما يتطلب العودة للوحدة الوطنية السياسية البرنامجية الحقيقية، وللمسيرة الحوارية التي بدأناها في الضفة الفلسطينيةوغزة والقاهرة، لنص الى اتفاق سياسي وطني شامل يضم الجميع بقواسم وطنية مشتركة. أما على الصعيد العربي فالمطلوب هو دعم جدي عربي يستند الى قرارات المؤتمرات العربية، لوقف حال التردي التي بلغتها الرسميات العربية، من جراء الأحداث الكارثية التي رافقت وأعقبت العدوان الأميركي البريطاني على العراق ومن ثم احتلاله، فإذا ما خوطبت اميركا بلغة المصالح التي جربت وأثمرت أثناء حرب تشرين 1973، وإذا ما خرجت هذه المخاطبة من الحدود اللفظية الى الممارسة على أرض الواقع يمكنها أن تثمر ايجابياً وتدفع الولاياتالمتحدة إلى سياسات أكثر توازناً وأقل ممالأة لاسرائيل. ان هذا يتطلب محاصرة تفشي روح الهزيمة، فنضالات أبناء شعوب المنطقة قادرة على إفشال ما يخطط له صقور الادارة الأميركية من تغيير جيوسياسي للمنطقة، كمقدمة لفرض سيطرتهم عليها بالكامل، فالولاياتالمتحدة لن تكون مطلقة اليد، وبالنضال الدؤوب والمثابر يمكن ردع الروح العدوانية الاميركية التي انطلقت من عقالها بعد احداث 11 ايلول سبتمبر 2001. وهنا نستعيد التأكيد بأن على السلطة الفلسطينية والدول العربية ان تستوعب درس العراق، فحصانة الانظمة الحاكمة لا تكون الا بالتصالح مع شعوبها من خلال اطلاق الحريات والبدء باصلاحات بنيوية تمكن من ممارسة حقيقية للديموقراطية. ان قمع الشعوب بغية تقديم خدمات لأميركا، لن يمنع حتى الادارة الاميركية نفسها كما فعلت مراراً من جعل خطايا هذه الانظمة القمعية سبباً كافياً للتدخل في شؤونها الداخلية، وحتى كمقدمات للعدوان، كما جرى مع النظام التوليتاري الشمولي الديكتاتوري العراقي السابق. * الأمين العام للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين. وكان نشر خطأً في "الحياة" امس ان السيد حواتمة هو الامين العام للجبهة الشعبية، فاقتضى التوضيح والاعتذار.