بدت الحكومة الأردنية على يسار البرلمان في أول مواجهة تشريعية بينهما، بعدما ردّت غالبية أعضاء مجلس النواب ال110، قانونين يتعلقان بحقوق النساء في الزواج السعيد، والبقاء على قيد الحياة، بمنأى عن سلطة الذكور وهيمنتهم على مصائرهنّ. فقد رفض تحالف النواب الإسلاميين والعشائريين ليل أول من أمس قانون "الخلع" الذي يعطي المرأة الحق في تطليق زوجها من دون موافقته، على أن تتخلى عن حقوقها المالية وتعيد المهر الذي دفعه، بحجة أن التشريع "يهدم الأسرة، ويشكل خطراً على المجتمع"، كما رفض قانوناً يلغي العقوبات المخففة على مرتكبي جرائم الشرف التي تذهب ضحيتها نحو 15 امرأة في الأردن سنوياً. وبدعم وتشجيع كبيرين من قرينة العاهل الأردني الملكة رانيا العبدالله، أصدرت الحكومة هذين القانونين في العامين الماضيين بصفة موقتة في غياب البرلمان، ما أشاع ارتياحاً واسعاً في الأوساط الليبرالية والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، وخفف من النقمة على القوانين الموقتة التي مسّت خصوصاً الحريات العامة. واعتبر النائب الإسلامي علي العتوم أن قانون الخلع "يسهل التفريق بين الزوجين، ويساعد في تفكيك الأسرة، ويشجع تمرد النساء على أزواجهن" كما رأى النائب محجم الصقور أنه "يشكل خطراً بالغاً على المجتمع" وطالبت النائب حياة المسيمي وهي عضو في "جبهة العمل الإسلامي" برد القانون الذي "ألحق منذ صدوره أذى كبيراً بالحياة الزوجية" وأدى الى خلع أكثر من 960 امرأة أزواجهن منذ صدوره عام 2001. وحاولت الحكومة التي ناصرها عدد قليل من النواب تحويل القانون الى لجنة نيابية لدرسه، إلا أن التصويت على رده حسم لمصلحة تحالف الإسلاميين والعشائريين. وأكد رئيس الوزراء علي أبو الراغب أن "جهات شرعية وقانونية ساهمت في وضع القانون الذي سيسبب ردّه إرباكاً كبيراً للقضايا المنظورة في المحاكم". وأشاع رفض القانون استياء كبيراً لدى الفاعليات الناشطة في الدفاع عن حقوق المرأة، والتي كانت تتوقع ألا يظهر البرلمان يمينياً عندما يتعلق الأمر بحقوق أساسية تطالب بها الأردنيات منذ عقود، فيما بدت الحكومة أكثر تحرراً وانفتاحاً في التعاطي مع هذه القضية. ولم يكن حظ النساء اللواتي يتعرضن للذبح في الأردن من أجل "تبييض الشرف" أفضل من الطامحات لخلع أزواجهن، فقد رفض التحالف النيابي المحافظ نفسه إلغاء العذر المخفف لعقوبة جريمة القتل عن مرتكبي "جرائم الشرف"، وأبقى على المادة 340 في قانون العقوبات التي تمنح عذراً لكل من قتل زوجته أو شقيقته أو ابنته في قضية متعلقة بالشرف، ما يعني أن بمقدور الرجال "غسل عارهم بأيديهم" والمكوث وراء القضبان شهوراً قليلة، ومن ثم الخروج الى المجتمع "رافعين رؤوسهم، بعد دفن الخطيئة". ولوحظ أيضاً أن الحكومة نجحت في كسب جولة أخرى ضد البرلمان بعد رده هذا القانون، فقد شدد أبو الراغب على "حرص الحكومة على حماية المجتمع من أي عبث أو إساءة الى تقاليده وأعرافه ودينه، وحرصها أيضاً على أن ينال كل مواطن حقه في مجتمع متساو ومتكافل". وشارك أمراء من العائلة الهاشمية عام 2001 في مسيرات ضد تزايد "جرائم الشرف" التي تفاقمت ظاهرتها في الأردن في السنوات الماضية.