افتتحت أمس الدورة ال 25 ل "موسم أصيلة الثقافي" الذي يشكّل حالاً خاصة في مسار الحياة الفنية والفكريّة في المغرب والعالم العربي. وأصيلة هذا العام أدركت يوبيلها الفضّي مترسخة كعنوان لتجربة فريدة انطلقت على شكل مغامرة قبل ربع قرن في تلك البلدة المنسيّة على كتف المحيط الأطلسي في الشمال المغربي الفقير، وإذا بها اليوم مؤسسة ذات إشعاع عربي وعالمي. راهن موسم أصيلة على الثقافة مورداً تنموياً، وربح رهانه إذ حقق ازدهاراً اقتصادياً وعمرانياً ملحوظاً... وأَمّ المدينة أبرز الكتّاب والمفكّرين والفنانين، واقترنت أزقّتها بوجوه وأسماء بارزة رحلت، من ليوبولد سنغور وجورج أمادو وتشيكايا أوتامسي... إلى إميل حبيبي ومحمد عزيز الحبابي وبلند الحيدري الذي ستمنح هذا العام جائزة باسمه للشعر العربي. والمبادرة التي قامت بها عام 1978 حفنة من الفنانين والمثقفين المغاربة، يتصدّرهم محمد بن عيسى وزير الخارجيّة في الحكومة المغربيّة الحاليّة، كتب لها الاستمرار والتطوّر، حتّى باتت موعداً سنوياً لا يمكن تجاهله. وصارت أصيلة التي تستضيف جدران بيوتها التقليديّة أعمال الفنانين من مختلف الانتماءات والأجيال، منبراً للحوار الحرّ من خلال ندوات دوليّة تخوض في القضايا الفكريّة والجماليّة المطروحة على الوعي العربي المعاصر. أولى ندوات الموسم الحالي تفتتح اليوم بعنوان "أوروبا وأميركا والإسلام"، وتخوض في النقاشات التي فرضتها أحداث 11 أيلول سبتمبر وما تلاها. كما تعيد النظر بكثير من المسلّمات والأفكار المسبقة التي باتت رائجة في الغرب عن العرب والمسلمين. يشارك في هذه الندوة التي نسق لها غسان عبد الخالق وتستمر ثلاثة أيّام، وزراء وديبلوماسيون وباحثون استراتيجيون وإعلاميون، بينهم وزير الخارجية البلجيكي لوي ميشال، وزير الخارجية الفرنسي السابق هوبير فيدرين، ووزير الثقافة اللبناني السابق غسان سلامة، بيتر سينجر الولاياتالمتحدة، أنطوني سميث بريطانيا، علي أومليل وعبد الهادي بوطالب المغرب، إقبال رضا باكستان، منى مكرم عبيد مصر، عبد الوهاب المؤدب تونس، رضوان السيد لبنان، عبد العزيز بن عثمان التويجري السعودية، محمد أركون الجزائر... أما ندوات أصيلة الأخرى فتراوح بين "التراث الثقافي المعنوي" إشراف شريف الخزندار، "التعاون العربي - العربي والتجمعات العربية الاقليمية" إشراف عبد الرحمن بن حمد العطية، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، "المرأة والسينما في العالم العربي" إشراف غسان عبد الخالق، جائزة بلند الحيدري للشعر العربي لجنة التحكيم برئاسة محيي الدين اللاذقاني... وأخيراً ندوة الندوات التي تقام احتفالاً باليوبيل الفضي للموسم. كما تواصل محترفات أصيلة هذا العام استضافة فنانين تشكيليين من العالم في ورش الحفر والصباغة الزيتية... وتحفل ليالي الموسم بأمسيات موسيقية وغنائية تحييها نخبة من الفنانين من مصر والمغرب وإيران والنمسا وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا وتونس ومالي وأفغانستان.